صفحات سورية

مشروع إعلان مبادئ للحوار الوطني الديمقراطي

null

حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية

مقدمة

تمر سورية في المرحلة الراهنة من تاريخها المعاصر ,والممتدة منذ أكثر من ثلاثة عقودٍ من الزمن , بأزمةٍ حادَةٍ وعميقة ,ما تزال عواملها الذاتية والموضوعية تتفاعل إلى درجةٍ ,بات يخشى معها من التدمير الذاتي لكيان الدولة واستقلالها الوطني , وإلى النيل من وحدتها وتماسكها الاجتماعي القائم بقوة التاريخ والجغرافيا والانتماء العربي للأمة التي تعاني من التجزئة السياسية, والتخلف الحضاري ,والعطالة الاستبدادية .

وما تزال هذه الأزمة تتفاقم نتيجةً للطبيعة البنيوية للنظام الاستبدادي الذي يتحكم بمصير الوطن والمواطنين ,ويفرض منطقه بالوصاية على المجتمع ,والاستئثار بالسلطة والثروة ,والهيمنة على مقاليد الحكم ,وعلى أركان الدولة ومؤسساتها المختلفة ,حيث أضحت ظاهرة الفساد والإفساد الظاهرة البارزة وغير المسيطر عليها في بلادنا ,والتي أدت بالتزامن مع غيرها من ممارسات النهب المنظم للثروة الوطنية إلى تدهور الأوضاع المعيشية لعموم الفئات والشرائح ,وتعطيل آليات التنمية الوطنية ,البشرية منها والاقتصادية والثقافية والعلمية .

في ظلِّ هذه الأوضاع الداخلية المتردّية والمترافقة مع أوضاع إقليمية ودولية تهدد بانفجارات داخلية ,ومخاطر لا حدود لها ,نتيجةً لاختراق ,وتقاطع مشاريع القوى الخارجية والإقليمية في الوطن العربي ,فقد أضحى التغيير الوطني الديمقراطي في بلادنا ضرورةً وطنية تحظى بالأولوية المنبثقة من الحرص الشديد على تحصين الوطن وإعادة صياغة الوحدة الوطنية لمواجهة مشاريع القوى الخارجية في المنطقة وفي مقدمها المشروع الصهيوني الأمريكي وبخاصة بعد احتلال العراق ومخاطر التقسيم والتفتيت لدول المنطقة,إضافةً إلى تلبية الاحتياجات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية لتعزيز مقومات الحرية الإنسانية ,الفردية والجماعية ,وبناء دولة الحق والقانون ,بوصفها دولة الكل الاجتماعي التي يمكن لها أن تأخذ دورها العربي والإقليمي بما يحقق المصالح الوطنية والقومية ,وينهي النهج الشمولي وانعكاساته السلبية الخطيرة على الحياة السياسية والوحدة الوطنية.

المبادئ العامة:

1-على اعتبار أنّ الهدف الأول للمجتمع من التغيير الوطني الديمقراطي ,هو بناء الدولة المدنية الحديثة ,فلابدّ إذن , أن يكون التحالف الأوسع للقوى والأحزاب السياسية والفعاليات الاجتماعية والشخصيات العامة من المثقفين وهيئات ومنظمات المجتمع المدني ,المعنية بهذا التغيير ,قد استقرّ الأمر فيما بينها على التوافق حول مبادئ أولى لتعاقد مدني ديمقراطي تنبثق منه المشتركات العامة التي يتم التوصل إليها عبر الحوار الديمقراطي الحر والمفتوح والمتكافئ بين كافة الأطراف , والذي يؤسس لارتباط وثيق وتكامل واضح وبيّن بين تلك المشتركات

2 – وفي التعريف الأول لطبيعة هذه الدولة المدنية التي ننشد ,والتي ننتمي إليها ,تجدر الإشارة إلى أنّ سورية جزءُ من الوطن العربي,وأنّ أمنها وضمان استقلالها ,مرتبطان بأمن الأمة العربية وتحررها الذي يشكل المحور الرئيس للمشروع النهضوي المعاصر, والذي يتطّلب من كل قوى الحرية والديمقراطية في سورية والوطن العربي ,العمل في الساحة الإقليمية والدولية بدلالة هذا المشروع ,ومتطلباته الوحدوية الديمقراطية والحضارية .

3 – تعتبر الحرية الفردية والحريات الأساسية ,قيمة إنسانية عليا ,وهي المشترك الرئيس بين كافة المجتمعات التي تدعو للتحرر من الاستبداد والاستغلال بكافة أشكاله ,وإرساء أسس النظام الديمقراطي في بلدانها ,ولذلك فإنّ الدولة التي تستند إلى حرية أبنائها ,وإلى حرية كافة الفئات الاجتماعية والثقافية والسياسية هي دولةُ تعاقدية قائمة على الأسس الموضوعية للعقد الاجتماعي ,وتمتاز في إطارها العام بكونها دولة وطنية مستقلة ,وذات سيادة في بعدها الجيوسياسي ,وفي سعيها الدائب للمساهمة الفاعلة في العمل الوحدوي على المستوى العربي .

4 – تتجلى قيمة الحرية ,واحترام مضامينها وأبعادها ,في احترام حقوق الإنسان والمواطن ,المنصوص عنها بشكل عام في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ,وترجمته العملية في العهود الدولية ,وضرورة المصادقة عليها ,وتطبيقها وفقاً للآليات التي تمّ التوافق عليها في الهيئات الدولية .

5 – يعتبر النظام الديمقراطي ,الشكل الأرقى من بين أنظمة الحكم المختلفة التي توصلت إليها التجربة الإنسانية ,والذي يفصح عن نفسه بنظام دولة الحق والعدل والقانون التي تستند إلى الإرادة الشعبية ,والمساواة أمام القانون ,وعلى التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة ,يحقق فيها المجتمع خياره الديمقراطي للسلطة المعنية ,وذلك من خلال احترام التعددية السياسية ,والفصل بين السلطات الثلاث للدولة ,وعدم طغيان إحداها على الأخرى .

6 – وفي هذا الإطار ,يتمّ إعلاء شأن منظومة القيم الروحية المنبثقة من الديانات السماوية وخاتمها الإسلام والنابذة للطائفية والتعصب,لما لهذه المنظومة القيمية من دورٍ رئيس في توطيد أواصر العلاقات الاجتماعية ,وتمتين أسس التماسك الاجتماعي ,إضافةً إلى وضع الجوانب الحية للتراث الحضاري للأمة في مركز الاهتمام الثقافي والتشريعي .

7 – وفي الدولة المدنية الحديثة التي نقصد ,تتجلى أهمية ودور هيئات ومنظمات المجتمع المدني ,الحقوقية منها والاجتماعية والنقابية والثقافية ,في العمل على صون حقوق الإنسان ,ومكافحة الفساد الذي استشرى في بلادنا ,وفي نشر الوعي الثقافي والمساهمة الفاعلة في التنمية البشرية والثقافية ,ولابد لهذا الجانب من العمل المدني السلمي أن يتمَ تعزيزه بصورةٍ مستقلة عن نشاط الأحزاب السياسية وأطرها التنظيمية ,وعن محاولات السلطة التنفيذية احتواءه ,والهيمنة عليه ,كما هو الحال في مؤسسات الدولة الشمولية .

8- وفي ظلّ العولمة الراهنة ,وتضخم آليات الاحتكار والاستغلال الاقتصادي المنفلتة من عقالها على مستوى العالم ,وسط طغيان الليبرالية الاقتصادية ,وفي الوقت الذي تتسع فيه عملية النهب المنظم للموارد الرئيسة للثروة في سورية في ظل شعار “اقتصاد السوق الاجتماعي والتشوهات المواكبة له” لابد من التأكيد على إعلاء شأن العدالة الاجتماعية التي تفصح عن نفسها بالمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين في العملية الإنتاجية ,والتوزيع العادل للثروة الوطنية ,ومشاركة أبناء المجتمع في سلطات الدولة الثلاث ,والحيلولة دون توظيف النزوع الطبيعي للحرية الإنسانية في غير مقاصده النبيلة ,لصالح حفنةٍ من الرأسمالية الطفيلية .

9 – في الإطار العام للنظام الديمقراطي وتجلياته في احترام حقوق المواطنة والمساواة أمام القانون ,والمحافظة على الاستقلال والسيادة الوطنية ,لا بد من العمل على معادلة منظومة الحقوق والواجبات بما تتضمنه من أبعاد اجتماعية وثقافية واقتصادية ,لكافة فئات ومكونات المجتمع,وفي مقدمها حق الكرد والأثوريين وغيرهم من المواطنين السوريين بما يضمن حقوق الجنسية والتملك والحقوق الثقافية في إطار وحدة الوطن والشعب, و في المساهمة الفاعلة في إعادة إنتاج الوحدة الوطنية الديمقراطية .

10 – إنّ إقرار المبدأ العالمي لحق الشعوب في تقرير مصيرها ,ونيل استقلالها وسيادتها في أوطانها ,يتجلى في بلادنا بضرورة تحرير الأراضي السورية المحتلة ,بكافة الوسائل والأساليب المتاحة ,إضافةً لدعم المقاومة الوطنية في فلسطين والعراق ولبنان والصومال وكل ارض عربية محتلة ، وتؤكد الحركة الوطنية الديمقراطية في سورية على رفض العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين الأبرياء في العراق ,وتؤدي إلى تشويه مبدأ المقاومة ونهجها الوطني ,كما ترفض السياسة التي ينتهجها النظام السياسي لتوظيف شعارات”المقاومة والممانعة” لأغراضه السياسية التي تستهدف إدامة تحكمه واستبداده ,من خلال استمرار فرض قانون الطوارئ الذي يؤدي إلى تعطيل القوانين المدنية ,وتشديد القبضة الأمنية على كافة فئات المجتمع وأحزابه الوطنية ,ومنظماته المدنية .

وفي المحصلة:

تعتبر المقدمة وجملة المبادئ العامة التي ذكرنا , مادة رئيسة للحوار الديمقراطي بين كافة القوى والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية المعارضة داخل وخارج التجمع الوطني الديمقراطي وإعلان دمشق ,من أجل إغنائها وإقرار مبدأ التوافق حول ما يمكن أن يجري من تعديلاتٍ أو إضافات عليها ,واعتبارها بعد ذلك مجموعة من المشتركات التي ينبغي الالتزام بها من قبل كافة المشاركين بالحوار والمتوافقين عليها ,وذلك من أجل إعادة التأسيس لتحالف سياسي ديمقراطي يضم الطيف الأوسع من المعارضة في سورية بهدف تحقيق التغيير الوطني الديمقراطي السلمي .

9/2/2008

المكتب السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى