صفحات سورية

مستقبل المحكمة الدوليّة مرهون بقرار القاضي دانيال بيلمار: الـ 100 يـوم الأكثر خطورة فـي تقريـر مصير لبنان

جوزيف أبو فاضل
… منذ الأول من آذار (مارس) وحتى السابع من حزيران (يونيو) 2009، قرابة المئة يوم ستكون مفصلية وأساسية في تاريخ لبنان الحديث تؤسس لمستقبله ودوره في السنوات والعقود القادمة.
ففي الأول من آذار (مارس) 2009 انطلقت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكما أصبح معروفاً أيضاً إن هذه المحكمة وفي أحسن الأحوال لن تصدر أحكامها النهائية المبرمة إلا بعد مرور فترة زمنية نسبية تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات من المحاكمات العلنية. فهي وإن انطلقت في يوم الأحد الأول من آذار (مارس) 2009 ولن تباشر عملها فعلياً إلا في بداية العام 2010 وفق ما صرح به الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وهو ذاته سبق وأعلن انطلاق المحكمة الدولية في الأول من آذار (مارس) 2009.
واللافت أن قاعة المحكمة نفسها الواقعة الكائنة في إحدى مباني ‘ليدشندام’ في إحدى ضواحي لاهاي في هولندا، لن تكون جاهزة بعد انتهاء أعمال التأهيل إلا في نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) القادم وفق ما صرح به ‘بيتر فوستر’ مسؤول قسم الشؤون العامة للمحكمة الدولية…
لكن فترة الشهرين أي من أول آذار (مارس) حتى أول أيار (مايو) 2009 ستكون مهمة وحاسمة وتؤشر إلى طريقة عمل المحكمة الدولية في المستقبل، فخلال هذه الفترة الزمنية القصيرة نسبياً سيكون أمام مدعي عام المحكمة المذكورة القاضي الكندي دانيال بيلمار وهو نفسه الذي كان يرأس لجنة التحقيق الدولية في القضية ذاتها، أن يطلب من القضاء اللبناني رفع يده عن هذه القضية وتسليم المحكمة الدولية كافة السجلات والتحقيقات والموقوفين وكل ما يتعلق بهذه القضية وفق ما نص عليه نظام المحكمة الدولية مع الإشارة إلى أن الموقوفين حتى اليوم هم: اللواء الركن جميل السيد، واللواء الركن علي الحاج، والعميد الركن ريمون عازار والعميد مصطفى حمدان، بعدما سبق وأُطلق سراح كل من الأخوين محمود وأحمد عبد العال المنتمين إلى جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، وكذلك الشاهد الكاذب ميشال جرجورة بكفالة مالية زهيدة!!
فاستلام القاضي بيلمار لملف التحقيقات والموقوفين يجعله في موقف يتطلب قراراً واضحاً وليس الكثير من القرارات:
1ـ إما بالإفراج فوراً عن الضباط الأربعة وتخلية سبيلهم بعد نقلهم إلى لاهاي.
2 ـ وإما باستمرار حجزهم في سجن ‘شيفينغن’ الواقع على بعد خمسة كيلومترات من مبنى المحكمة الدولية الكائن في إحدى الضواحي الهولندية.
توصية ميليس!!
فمن المعروف أن توقيف هؤلاء الضباط والذين أفرج عنهم الأخوين عبد العال وجرجورة كان بموجب توصية صادرة عن أول رئيس لجنة تحقيق دولية ديتليف ميليس الذي طلب إلقاء القبض عليهم في 30 آب (اغسطس) 2005 على أساس الاشتباه بهم بالتورط في اغتيال الحريري، وهذه التوصية ‘الميليسيّة’ تمسك بها القضاء اللبناني لاستمرار حجز الضباط الأربعة.
في حين أن خليفتي ديتليف ميليس الأول وهو القاضي البلجيكي سيرج براميرتس الذي عُين فوراً مدعياً عاماً لدى المحكمة الجنائية في لاهاي، والثاني هو القاضي الكندي دانيال بيلمار والذي عين مدعياً عاماً لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
بينما عاد ديتليف ميليس إلى بلاده وإلى موقعه الذي سبق وكان قد شغله قبل مجيئه إلى لبنان، مع فارق كثرة الشكاوى التي لحقته بالإضافة إلى علامات استفهام التي رافقت حياته الاجتماعية الصاخبة في المقاهي والأندية الليلية وفي اليخوت وعلى الشواطئ اللبنانية طيلة فترة اهتمامه بالتحقيق الدولي!؟
شكك القاضيان البلجيكي والكندي بكل التحقيقات والأدلة التي استند إليها ميليس وهي بمعظمها عبارة عن شهود زور فبركهم بعض من أعضـــاء قوى 14 شباط (فبراير) وأجهزتها الرسمية لا سيما وزراء ونواب…
لملمة فضيحة ميليس
فديتليف ميليس الذي ادعى أنه توصل إلى ثلثي الحقيقة وأن الصورة عن القتلة والمجرمين واضحة في ذهنه وما ينقصه أدلة قضائية، يعني أنه لم يتوصل إلى أي شيء، من هنا كانت مسارعة الأمم المتحدة إلى لملمة الفضيحة وإقالة ميليس من موقعه، الذي استفاق بذريعة الحنين إلى زوجته وعائلته والعودة إلى المانيا.
وإزاء مطالبة وكلاء الدفاع عن الضباط الأربعة عمد كل من القاضيين سيرج براميرتس ودانيال بيلمار إلى إصدار توصيتين إلى القضاء اللبناني باتخاذ ما يراه مناسباً بشأن الإفراج أو الإبقاء عن هؤلاء الضباط.
إن هذه التوصية الصادرة عن براميرتس وبيلمار ذات الصيغة الديبلوماسية والتي عُرف محتواها من دون أن يتم الاطلاع عليها مباشرة تعني:
1 ـ نفض اليدين من تحقيقات وتوصيات ميليس وإدانة لكل أعماله وما قام به وهو على رأس لجنة التحقيقات الدولية.
2 ـ هذه التوصية للقضاء اللبناني ‘باتخاذ ما يراه مناسباً’ بالنسبة لقضية توقيف الضباط الأربعة، هي دعوة إلى تحمل مسؤولياته، إما بالإفراج عن الضباط الأربعة إذا كان الأمر مستنداً إلى توصية ديتليف ميليس.
وإما بالإبقاء على احتجازهم في حال كانت لديهم أدلة أخرى وبالتالي تزويد لجنة التحقيق الدولية بها، وهذا ما دفع قاضي التحقيق العدلي السابق في جريمة الحريري القاضي الياس عيد إلى الاستعداد للإفراج عن الضباط الأربعة… فكانت مسارعة محامي الحريري وبعض وكلاء ضحايا الإنفجار إلى التقدم برده أي بطلب تنحيته عن الملف وهذا ما حصل بقرار من محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي رالف رياشي.
في حين أن هؤلاء الوكلاء وفي أمر مستغرب لم يتقدموا بأي استدعاء للطعن بقرار المحقق العدلي القاضي صقر صقر بإخلاء سبيل الأخوين عبد العال وجرجورة، بل رضخوا وكأن الأمر لا يعنيهم…!
أما الخطورة في هذا الموضوع فهي: أن توصية ديتليف ميليس ‘السعيدة الذكر’ قد اعتبرت محمود عبد العال نتيجة اتصالاته وعلاقاته المشبوهة شخصية محورية وأساسية في أي تحقيق جارٍ أو سيجري. ما يطرح السؤال الكبير:
فكيف يمكن للقاضي صقر صقر أن يصدر قراراً بالموافقة على إخلاء سبيل عبد العال؟ (ونحن من المؤيدين لذلك بشدة ومنذ يوم توقيفهما الذي استمر 1213 يوماً ويعود القاضي صقر بعد يومين و يرفض طلبات إخلاء السبيل المقدمة من وكلاء الضباط الأربعة)!!
تسييس المحكمة!؟
اليوم، المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار أمام مسؤولية إنقاذ المحكمة الدولية من تهمة التسييس والانحياز التي ألصقها بها وحتى قبل أن تولد كل من ديتليف ميلس وقوى 14 شباط (فبراير) أو 14 آذار (مارس) والتصرفات القانونية للأجهزة اللبنانية الرسمية وغير الرسمية الذين حضّروا الأدلة والاتهام وحاكموا المجرم الذي افترضوه أنه سورية، وأن المحكمة الدولية آتية فقط لتثبِّت ما توصلوا إليه.
فالوزير السابق والنائب مروان حمادة الذي نجا في أول تشرين الأول (اكتوبر) 2004 من محاولة اغتياله أكد في حديثه لصحيفة ‘الرأي’ الكويتية الذي نشر في 25 شباط (فبراير) 2009 ‘أن النظام السوري كما يبرأ وفي أقصى الحدود قد لا تكتمل القرائن ويكون بذلك نجح (أي النظام السوري على طريقة الروائية ‘أغاثا كريستي’ بالجريمة المثالية، ولكني أظن أنهم أغبى من أن ينجحوا بالجريمة المثالية’.
القضاء اللبناني في مأزق
هناك اليوم مأزق كبير أمام القضاء اللبناني وهو: إقدام المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار على إخلاء سبيل الضباط الأربعة سواء في لبنان أم في لاهاي خلال فترة أقصاها شهران من أول آذار (مارس) الحالي 2009.
وإن استباق هذا الأمر وإقدام القاضي صقر صقر على إخلاء سبيل الأخوين أحمد ومحمود عبد العال وميشال جرجورة لا يعفيه من المسؤولية المعنوية في احتجاز الضباط الأربعة المتساوين مع عبد العال في كل شيء.
وهكذا ترتسم المعادلة التالية أمام القاضي دانيال بيلمار:
1 ـ إما المحافظة على سمعة المحكمة الدولية وبالتالي الإفراج عن الضباط الأربعة، وتالياً ضرب سمعة القضاء اللبناني والذي كان بدايته الطلب وسط الصريخ والعويل بوجوب تشكيل المحكمة الدولية… ما يصب حكماً في خانة إهانة قضاتنا المشهود لمعظمهم والكبار منهم بالكفاءة والعلم والنزاهة وتقدمهم على كل قضاة العالم.
2 ـ وإما إعطاء مصداقية للقضاء اللبناني واستمرار حجز الضباط الأربعة وبالتالي نحر المحكمة الدولية والتأشير إلى ماهية القرار الذي سيصدر عنها بعد خمس سنوات يكون اللبنانيون قد أنفقوا خلالها ما يزيد عن مائة مليون دولار وهي تمثِّل حصة لبنان من نفقات المحكمة بنسبة 49′ (وهذا المبلغ قد يزيد وقد يصل إلى 200 أو 300 مليون دولار. وذلك في حال فشلت الأمم المتحدة في الحصول على نسبة الـ51′ (الباقية وألزمت لبنان برفع نسبة مساهمته أو بدفع المبلغ كاملاً).
الانتخابات النيابية
أما الأمر الآخر المحوري والمفصلي خلال المئة يوم القادمة فهي الانتخابات النيابية التي ستحصل إذا لم يطرأ أي طارئ في يوم واحد، هو يوم الأحد في 7 حزيران (يونيو) 2009.
أما الترشيحات لهذه الانتخابات النيــــابية بدأت الإثنين في 2 آذار (مارس) 2009 وتستمر حتى 7 نيسان (ابريل) 2009. وما سيرافق ذلك مـــن ترشيحات وتحالفات وخصــــومات، لكنها كلــــها لن تكون ثابتة ونهائية إلا بانتظار عوامل وظروف خارجية وهي:
1 ـ موضوع القرار الذي سيصدر عن المدعي العام الدولي القاضي دانيال بيلمار في قضية اغتيال الحريري الذي سيصدر خلال مهلة الستين يوماً، والذي تحدثنا عنه بإسهاب فيما سبق، وهذه المهلة تنتهي في الأول من أيار (مايو) 2009 أي قبل بدء الانتخابات النيابية، واحتمال مماطلة القاضي بيلمار في اتخاذ هذا القرار إلى ما بعد السابع من حزيران (يونيو) سيكون تسييساً وانحيازاً فاضحاً من قبله، ولكننا نميل إلى استبعاد هذه الفرضية أو الاحتمال، لأن القاضي بيلمار أبدى في رسالته الوداعية إلى اللبنانيين أنه لن يقبل بتسييس المحكمة الدولية.
فالإفراج عن الضباط الأربعة سيؤدي إلى إحداث صدمة وصحوة لدى معظم الرأي العام اللبناني بشكل عام، ولدى أكثرية المسلمين السنّة وبعض المسيحيين بشكل خاص. فهذه الصحوة والصدمة سيترجمان ابتعاداً عن طروحات قوى 14 آذار (مارس) التي أدخلت البلاد والعباد خلال السنوات الماضية في نفق مظلم، فيكون الخروج إلى الضوء والنور إلى الحقيقة ‘الحقيقية’ وليس ‘الحقيقة’ الوهمية التي حاولوا استخدامها للسيطرة على الحكم ومقدرات البلاد ونقل لبنان من موقعه الإقليمي الطبيعي إلى موقع معادٍ لهذا المحيط لا سيما للجار الأقرب سورية.
إن هذه الصحوة في حال حصولها ستبدّل جذرياً في توجهات الناخبين وستمكن المعارضة الحالية من الفوز بأكثرية نيابية كبيرة تفوق التوقعات والاستطلاعات الحالية التي ترجح فوزها بأكثرية لا تتعدى الخمسة نواب.
أما في حال الإبقاء على احتجاز الضباط الأربعة فهذا سيحدث انقساماً كبيراً وخطيراً بين اللبنانيين وستشعر فئات كثيرة قد تصل إلى نصف اللبنانيين بأنها مهددة ومستهدفة في وجودها وكيانها…
كما ستشعر فئات أخرى بأنها تحوز على دعم دولي مكّنها من الانتصار على الفريق اللبناني الآخر، وهنا يتحقق وينتصر منطق الغالب والمغلوب وتصير الانتخابات ولبنان في ‘خبر كان’.
الحوار السوري ـ السعودي وقمة الدوحة
المعلومات المتوفرة تشير إلى توجهات سعودية جديدة في التعامل مع سورية عنوانها: الانفتاح والحوار ودفن خلافات الماضي في ‘بئر عميقة’ وفق تعبير وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل نقلاً عن الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود. وهذا التحوّل في الموقف السعودي مردّه إلى ثبات الموقف السوري واستقرار الأوضاع فيها بالرغم من كل المحاولات التي استعملت لتقويض دعائم هذا الاستقرار (ضغوط إقتصادية ـ حصار سياسي ـ أحداث وتفجيرات أمنية واغتيالات لكن الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد استمر بنهجه المستمد من مسيرة والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، فحافظ على موقع سورية ودورها وحقق في الداخل السوري إنجازات سياسية واقتصادية كبيرة بدأ الشعب السوري يلمس نتائجها، كما عادت الدول التي حاولت فرض الحصار والعزلة على سورية إلى التواصل ووصل ما انقطع من علاقات.
وبدأت الوفود الأمريكية والأوروبــــية بالتــــوافد إلى سورية، وكان من أولى نتائجــــها التوقيع بالأحرف الأولى على إتفاقية الشراكة الأوروبية ـ السورية.
وكذلك التبدل الكبير في الموقف الفرنسي ما بين عهدي الرئيس السابق جاك شيراك والرئيس الحالي نيكولا ساركوزي، فبينما كان شيراك يدعو إلى محاربة سورية وتغيير نظام الرئيس الأسد ويدعو ساركوزي إلى الانفتاح على سورية مشيداً بدور الرئيس الأسد ذاته.
والأمر الثاني الذي ساهم في إحداث التبدل في الموقف السعودي هو التبدّل في الموقف الأمريكي ما بين عهدي الرئيس السابق جورج بوش والرئيس الحالي باراك أوباما الذي يدعو إلى فتح علاقات جديدة مع سورية تمثلت بزيارات عدة:
أبرزها زيارة المرشح الأمريكي السابق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيلي (من الحزب الديمقراطي وهو من الحزب الذي ينتمي إليه أوباما). والذي قد يستتبعه إعادة السفير الأمريكي إلى سورية والذي غادرها في ربيع العام 2005 تحت خطط وضغوطات الشرق الأوسط الكبير.
الحوار السوري ـ السعودي من المتوقع له أن يستمر ويترجم إلى تفاهمات حول قضايا المنطقة تشمل الوضع الفلسطيني واللبناني والعراقي ويكون طرفاه المعنيين الآخرين بالإضافة إلى لبنان وفلسطين والعراق كل من إيران ومصر.
فهذا التفاهم السوري ـ السعودي المفتوح على تفاهم رباعي (بْعيد الشبه عن لبنان يضم مصر وإيران أيضاً سيكون له التأثير الكبير على الساحة اللبنانية عشية الانتخابات النيابية، وسيطيح بتحالفات سبق وأعلنت، وينشئ تحالفات أخرى تسمح بإعادة تكوين السلطة بمشاركة جميع القوى الفاعلة والمؤثرة في لبنان، لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وزعيم التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون ورئيس تيار المستقبل النائب سعد الدين الحريري، مع حلفاء كثيرين مثل رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية ورئيس الكتلة الشعبية الوزير إيلي سكاف وغيرهم من الحلفاءô
إن هذا ما أشار إليه سماحة السيد نصرالله في خطابه في ذكرى الشهداء القادة الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي والقائد العسكري عماد مغنية بضرورة مشاركة الجميع في السلطة بعد الانتخابات بعيداً عن منطق الأكثرية والأقلية، فالأكثرية تتمثل بحجمها والأقلية كذلك.
والتفاهم السوري ـ السعودي سيترجم نجاحاً في مؤتمر القمة العربي الذي سيعقد في العاصمة القطرية ـ الدوحة ويتكرس بذلك الدور القطري الفاعل والمؤثر في المنطقة… وكان من نجاحاته السابقة إتفاق الدوحة بين اللبنانيين المختلفين بعد أحداث 7 أيار (مايو).
وكذلك في الاتفاق الأخير بين الأطراف السودانية المتنازعة (اتفاق الدوحة بما خص السودان).
3 ـ إن حالة التجاذبات القائمة وارتفاع حدة الخطاب السياسي بين الأطراف اللبنانية وعودة ظاهرة شراء السلاح وتوزيعه وانتشاره استعادة متكررة للحيثيات التي سبقت أحداث 7 أيار (مايو). وما الحوادث التي تحصل حالياً من إلقاء قنابل وإطلاق رصاص واعتداءات… لا سيما قتل المرحوم لطفي زين الدين وإقدام عناصر الحزب التقدمي الاشتراكي على أثرها قطع الطريق الدولية في بحمدون والاعتداء على السيارات والمارة ومن بينهم سيارة ديبلوماسية تابعة للسفارة الإيرانية، كلها تدل أن قادم الأيام قـد لا يكون سلمياً وهذا ما قـد يؤثر في الانتخابات النيابية وما قد يجعلها أيضاً في ‘خبر كان’.
4 ـ الانتخابات الإسرائيلية والتي أسفرت عن فوز اليمين المتطرف واستعداده لتشكيل حكومة قد تكون بخلاف كل التوقعات والتحليلات السياسية، ليست حكومة حرب برئاسة بنيامين نتنياهو بل حكومة تسعى إلى التسوية والابتعاد عن الحروب، ليس حباً بذلك بل نتيجة قناعة تكونت لدى القادة الإسرائيليين على اختلاف ميولهم أن الحرب لن تحقق شيئاً لإسرائيل بل هي أداة تدميرية لها وهذا ما أثبتته حرب تموز (يوليو) عام 2006 مع حزب الله وكذلك حرب الكانونين مع حماس في غزة في 2008 ـ 2009، فتحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وبالتالي فقد اهتزت أركان هذه الدولة الصهيونية وتراجعت للمرة الأولى منذ ستين عاماً حركة الهجرة باتجاه الكيان الغاصب، ما يهدد وجود واستمرار الدولة بحد ذاتها.
5 ـ الوضع الإيراني وتبدّل الموقف الأمريكي تجاهه من مهدد دائم للحرب والحصار واستعراض القوة العسكرية الأمريكية في الخليج إلى داعٍ للحوار الأمريكي ـ الإيراني والتفاهم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ‘حول القضايا الخلافية سواء كانت البرنامج النووي الإيراني، أو الوضع في العراق أو في أفغانستان أو في لبنان وفلسطين ومنطقة الخليج بالكامل.
فإيران اليوم وبعد ثلاثين عاماً على الثورة أضحت قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، وخطط تبديل وتغيير النظام أضحت أضغاث أحلام تدغدغ أفكار بعض المخططين الذين يعيشون عقلية ‘مايلز كوبلاند’ (وهو عميل المخابرات الأمريكية الذي خطط لبعض الانقلابات في المنطقة).
الخاتمة
مئة يوم ستكون حافلة بالتطورات والأحداث والمفاجآت التي ستترك بصماتها في حياة اللبنانيين ومستقبلهم، حيث يتمنى البعض ممن لا يريدون خيراً ‘لوطن الأرز’ نسخة مكررة لحروب المئة يوم التي عرفها في العقود الماضية، بيــــنما يريــــدها أهل هذا الوطن الحريصين عليه أياماً من الحوار والتفاعل والانفتاح وصولاً إلى التفاهم على المستقبل ـ مستقبل لبنان في تحقيق العدالة والمساواة بين كافة أبنائه ومناطقه :
ôوفي حقيقة من أثرى وأفسد وقتل واغتال وشرّد ودمر وهجّر وتعامل.
ôوفي حقيقة من عمل في سبيل الوحدة والتفاهم والبناء والانتماء الحقيقي.
كاتب ومحلل سياسي لبناني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى