صفحات العالم

الاتحاد المتوسطي: فلتسقط القومية العربية؟

null
سعد محيو
هل ثمة أجندة خفية ما وراء مشروع الرئيس الفرنسي “الاتحاد من أجل المتوسط”؟
العديد من المحللين راودهم هذا السؤال حين توقفوا ملياً أمام أسباب “استسلام” باريس لكل مطالب برلين حيال هذا المشروع، فقبلت بأن تكون كل الدول الأوروبية ال 27 أعضاء في النادي المتوسطي بدل أن يقتصر على دول الحوض ال ،17 ورضخت لمطلب تغيير اسمه من “الاتحاد المتوسطي” إلى “الاتحاد من أجل المتوسط”، كما قدمت ضمانات خطية لتركيا بأن عضويتها في الاتحاد المتوسطي لم تلغ احتمال عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
البعض، كالمحلل الاستراتيجي الأوروبي جون لاغلاند، وجد مفتاح هذا اللغز الاستسلامي في اكتشاف بعض أوجه الشبه بين مشروع ساركوزي وبين مشروع “الشرق الأوسط الكبير” الذي يحبذه استراتيجيو المحافظين الجدد الأمريكيون. وهذا يبدو صحيحاً. فبرغم أن عضوية هذين الناديين تتباين (الشرق الكبير يضم شبه الجزيرة العربية، وإيران ودول وسط آسيا وحتى أفغانستان وباكستان)، إلا أن الايديولوجيا هي نفسها: تشكيل هيئة فوق قومية ومناوئة للقومية.
الهدف؟ نترك الرد للاغلاند: “تحييد الصراع العربي  “الإسرائيلي”، عبر “دمج” دول الشرق الأوسط في بنية سياسية واحدة، ومن ثم تحييد القومية العربية. ليس هناك شيء يريد المحافظون الجدد تحييده أكثر من هذه القومية”.
محللون آخرون يذهبون أبعد من ذلك. فهم يرون شبهاً، لكن كبيراً هذه المرة، بين مشروع ساركوزي المتوسطي وبين مشروع “الحوار المتوسطي” الذي أقامه حلف الأطلسي العام 1994 (العديد من دول المغرب وقّعت اتفاقات شراكة مع حلف الأطلسي منذ ذلك الحين). وفي هذا الإطار، الاتحاد المتوسطي قد يكون البنية الفوقية السياسية التي يجب أن تستند إلى تنظيم عسكري قائم الآن تحت القيادة الأمريكية (الأطلسي). وبما أن ساركوزي صديق حميم للغاية لكل من أمريكا و”إسرائيل”، فإن خططه تشبه تلك التي أدت إلى خلق السوق الأوروبية المشتركة، والتي استندت بدورها إلى بنية عسكرية تقودها الولايات المتحدة. (حلف الأطلسي تأسس العام ،1949 وأسرة الحديد والفولاذ الأوروبية تأسست العام 1951).
كل هذه تبدو افتراضات تبحث عن أدلة. لكن، من الضروري طرحها، على الأقل لمحاولة فهم السيناريوهات التي توضع لدمج المنطقة العربية في النظام الرأسمالي العالمي الجديد، تارة عبر البوابة “الإسرائيلية” (مشروع الشرق الأوسط الجديد)، وتارة أخرى عبر نافذة المحافطين الجدد الأمريكيين (الشرق الأوسط الكبير أو الموسّع)، ودائماً عبر الممرات الإجبارية لحلف شمال الأطلسي.
هل مشروع ساركوزي حلقة جديدة من هذه السيناريوهات؟ إذا ما كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن ثمة بالفعل أجندة سرية فيه، لا علاقة لها لا من قريب أو بعيد بفكرة “تحقيق السلام العظيم والحضارة العظيمة” التي جعلها ساركوزي شعاراً لمشروعه المتوسطي، ولها كل العلاقة بالجهود المستمرة منذ حرب 1967 لتدمير الهوية والقومية العربية.

الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى