صفحات ثقافية

النهار” تـحاور مديرة تـحـرير مـجلة “كلمات بلا حدود” الأميركية الألـكتــرونــــيـة

null


سوزان هاريـس: مفهوم جديد لــ”الأمة الـعدوّة” ونـحفّز الـحوار مـن خلال الآداب

في طفرة المدوّنات والمجلات الألكترونية والمواقع التي غدت عنصرا ناظما للروتين الثقافي الكوني، تفد “كلمات بلا حدود” الى “المرتع” العنكوبتي في نظرة نضرة للتواصل مع آداب العالم. تستلهم المجلة امتيازات مقرّها نيويورك، حاضنة الحداثة والتيارات العاتية، لتنفتح على هبوب أصوات تصنَّف إثنية حينا،
ومحلية أحيانا. عن هذه التجربة “النشرية” الجدية، التي تنافس المجلات المطبوعة بحق وحقيق، والتي تتفادى التراتبية في تصنيف العالم الأول والثاني، وتفتتن بنصوص جغرافيا التهميش، كان لنا هذا الحوار، عبر الإيميل، مع مديرة تحرير “كلمات بلا حدود” سوزان هاريس، علماً أن هذه ألقت الضوء في عدد شهر آذار على جوانب من الأدب اللبناني المعاصر، من خلال ملفّ يتضمن ترجمات لنصوص كلّ من إيتل عدنان، مي غصوب، فينوس خوري غاتا، أمين معلوف، اسكندر نجار، صلاح ستيتية، مازن كرباج، سليم نسيب وجمانة حداد.

لنبدأ من إسم المجلة، “كلمات بلا حدود”، الذي يحيل عفويا على مؤسسات تسعى الى إسقاط الحدود على الصعيد الدولي كمثل “أطباء بلا حدود” أو “مراسلون بلا حدود”. هل تتبنى المجلة هدفا مماثلا، على الصعيد الثقافي؟

تسوّق “كلمات بلا حدود” المعرفة الثقافية الكونية من خلال تقديم أفضل كتابات العالم وترجمتها ونشرها وتعميمها. تشجّع التواصل والتبادل الدوليين، من خلال الأدب العالمي، وعبر مروحة من الاصدارات والنشاطات العامة تتعاون خلالها مع كتّاب عالميين ومترجمين، ناهيك بعملها على تطوير المواد التعليمية الموجهة الى الأساتذة الثانويين وتطوير مركز الكتروني للموارد، فريد من نوعه، محوره الكتابة العالمية المعاصرة. المجلة الالكترونية www.wordswithoutborders.org نواة لنشاط “كلمات بلا حدود”. تختار أعدادها الشهرية منتخبات من أدب العالم المعاصر الذي كان في غالبيته متعذَّراً وصوله الى القراء الانغلوساكسونيين، من دون مساهمتنا. منذ انطلاقنا في تموز 2003، نشرنا ما يزيد على 900 نص مترجم عن 75 لغة ومن 98 بلدا. نجد من بين أحدث موضوعات المجلة “نزهات في كاتالونيا” و”بساتين لبنان” و”أصوات إفريقية” و”الرواية الغرافيكية التصويرية الكونية”، ستليها “مباهج أندونيسية” و”الذواقة العالمي” و”مدن اللجوء” و”الأصوات الأولمبية من الصين” و”هوليوود حول العالم”. مجلتنا إصدارٌ الكتروني مجاني بالكامل، يضع الكتابات العالمية في متناول العموم: مسافرون وأساتذة وطلاب وناشرون وجيل من القراء الانتقائيين. من خلال زيادة كمّ المعلومات التاريخية والجغرافية، والمساندة للنصوص المنشورة، توسّع “كلمات بلا حدود” الالتزام والتبادل الثقافيين، وتعمقهما. في حين توفر مقالاتنا النقدية ونوادي الكتب الالكترونية والمقابلات والأبحاث وسير الكتاب والمترجمين وسواها، سياقا مناسبا يجعلنا موقعا تسويقيا يقدم خدمات متنوعة في حقل المعلومات، ويعكس المشهد الأدبي العالمي الراهن.

أنتم موجودون في نيويورك، التي تشكل مركزاً لتيارات أدبية محورية في الولايات المتحدة الاميركية، كمثل “نهضة هارلم”، ذروة الأدب الافريقي- الأميركي في عقود القرن المنصرم الأولى، وسواها. ترتبط المدينة عضويا بالثقافة، التي قال الكاتب والصحافي توم ولف انها تتراءى في هوائها كأنها جزء من طقسها. الى أي حد يمكن مجلة “افتراضية” كمجلتكم الإفادة من هذا الامتياز؟

نيويورك مقرّنا ومركز معظم العاملين في “كلمات بلا حدود”. غير أنه وبحكم واقعنا كمؤسسة افتراضية، وزّعنا محررينا في أنحاء البلاد. أحدهم في هيوستن، في حين يعمل محرر الشعر بدءا من سان فرنسيسكو، وأنا من شيكاغو. ثمة فائدة في وجودنا في نيويورك، قلب النشر في البلاد، وحيث تزيد فرص التقاء فريقنا بالوسطاء والناشرين والكتّاب ومدّ شبكة للتواصل معهم. لا يفوتني أن معظم الكتاب العالميين، إن لم نقل جميعهم، يتوقفون في المدينة، خلال زيارتهم الولايات المتحدة.

التزام المجلة الأدبي جعلها، نسبيا، تقف على تخوم الثقافة التصويرية. غير أن عدد شباط 2008 ألقى الضوء على “الروائيين الغرافيكيين التصويريين”، وتحديدا على رسوم الفرنسيين فيليب دوبوي وشارل بيربيريان واللبناني مازن كرباج والمصري مجدي الشافعي وسواهم. هل يشهد خياركم في تحرير المجلة انعطافا يصل مستقبلا الى تلاقح الرسوم الكاريكاتورية والتقرير والتخييل في صيغة “نيويوركر”؟

لاقت باكورة أعداد “الرواية الغرافيكية التصويرية” في شباط 2007، نجاحا لافتا دفعنا الى جعلها محطة سنوية. سبق ان “نشرنا” أعمالا غرافيكية مستقلة في أعداد أخرى (إسرائيل وإفريقيا والعدد المخصص للبنان)، ونظّمنا في بدايات آذار في نيويورك، لقاء من أنجح نشاطاتنا، جمع الجمهور الى دوبوي وبيربيريان. نحن بلا ريب، منفتحون على العمل الغرافيكي لكننا لا نطمح الى الارتقاء الى مستوى “نيويوركر” التصويري.

تضيفون شهريا مراجعات في الانكليزية لمؤلفات صدرت أساسا في لغات العالم. هذا ما حدا بأحد شركائكم، “مركز بن الأميركي” Pen American Center، الى إدراج “كلمات بلا حدود” في لائحة مجلات الترجمة، هل هو وصف يفي الدور الذي تضطلعون به؟

إن ترجمة أدب العالم في عين مهمتنا، والقسط الأكبر من محتوى المجلة منقول الى الانكليزية من لغات أخرى. ننشر أيضا مقالات الانكليزية، لغتها الأم، فضلاً عن نصوص بالانكليزية لكتّاب عالميين.

تولي المجلة مساحة للتفاعل عبر الفوروم والمدوّنة، وتضع في تصرف الأساتذة “نماذج حصص دراسية”، بعضها من ابتكارك الشخصي. ماذا عن الروابط الالكترونية الى مواقع ثقافية أخرى، وهل تفسح المجلة للإضافات الأدبية أو لمراجعات القراء؟

أضفنا قسما للروابط الالكترونية http://www.wordswithoutborders.org/?page=Links ونحن نشجع الإضافات التي تصلنا في حقل الترجمة، بل نرحب بها. لم نخصص قسما لرسائل القراء لكننا قد نضيف واحدا قريبا. نقوم بمقدورنا بغية الوصول الى القارئ العمومي المتعلم.

لأن الثقافة الراهنة باتت على محك الحيثيات السياسية، لم تُعفَ لجنة تحكيم جائزة نوبل من سهام النقد عندما منحت جائزتها للكاتبين هارولد بينتر وأورهان باموق. في أيلول 2007، أصدرت “كلمات بلا حدود” (بصفة مؤلف) أنطولوجيا لـ35 عملا تخيلييا وشعريا عنوانها “أدب من محور الشر، كتابات من إيران والعراق وكوريا الشمالية وأمم عدوة أخرى”. ما كان الحافز الى المشروع؟ ماذا عن معايير الانتقاء، وكيف يمكن قراءة الانطولوجيا أدبيا، من دون الانزلاق الى موقف مناهض لإدارة الرئيس بوش؟

– “محور الشر” مفهوم تجريدي يدمر الاختلافات العظيمة بين هذه الدول المعنية غير المتحالفة أساسا في ما بينها، فضلاً عن تدمير القيمة الاستثنائية للأفراد المقيمين فيها. في إطار مجموعة واسعة من العقوبات الاقتصادية ضد الدول التي خرقت الأنظمة الدولية، فرض “مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية” في وزارة الخزانة الأميركية، الذي يدير المعاملات التجارية مع الدول الخاضعة للحظر، على الناشر الراغب في إصدار كتاب لمؤلف ينتمي الى إحدى “الأمم العدوة”، كما تسمّى، الحصول على إجازة مسبقة. بزغ هذا الكتاب من الاعتراض الواعي على استخدام مصطلحات “محور الشر”، وعلى خشية “مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية”، الظاهرية، من “التجارة الحرة” في مضمار الأفكار والآداب. أملنا من خلال المؤلف، التوصل الى احتفاء بسيط بأعمال أدبية متنوعة، وإيجاد مقاربات جديدة لمفهوم “الأمة العدوة”. هل “العدو” زعيم محدد، أم عقيدة نافذة؟ أم هو نظام حكم، أم هو شعب، أم مجموعة إجتماعية؟ لم نرد تقديم دفاع ساذج عن أنظمة الطغاة أو إبداء النصح بحل سياسي للمشكلات التي تفرزها هذه البلدان دوليا، او بالنسبة الى شعوبها. لم يكن في نيتنا أيضا تبرير العولمة التجارية التي تسيطر عليها اللغة الانكليزية. أردنا تحفيز الحوار الدولي من خلال الأدب فحسب، آخذين في الحسبان المقاربات المركّبة والفروق الصغرى التي تسم الافكار والمعتقدات والحيوات اليومية، فضلاً عن مرجعيات الشعوب ذات الثقافات الأخرى التي تفكر وتكتب بلغات غير الانكليزية.

لمزيد من المعلومات:

www.wordswithoutborders.org

رلى راشد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى