صفحات ثقافية

في المحظورات الروائية

null
جمال ناجي
هذه ليست دراسة ولا شهادة روائية، إنما هي تأملات أنتجتها تجربتي مع الكتابة، وهي إضافة إلى ذلك، محاولات للفهم والإجابة والقياس في زمن زحف المحظورات وتطاولها على حرية المبدع.
وبما أننا لا زلنا نعاني من ازدياد هذا الزحف، فلا بد لي من أن أتوقف قليلا عند الملاحظات التي تجمعت لديّ حول هذه المسألة، بعد ما ينوف على خمسة وثلاثين عاما من القراءة والكتابة الروائية.
لقد تبين لي بأن كتاب الرواية العرب، وأنا واحد منهم، كانوا يلجأون فيما مضى إلى الإحتيال على وعي الرقيب أثناء اقترابهم من تلك المحظورات، فبعضهم قاموا بزراعة تعبيرات وتبريرات احتياطية حمائية في قلب نتاجاتهم الروائية، كي يبرزوها اذا ما تعرضوا للسؤال.
آخرون قاموا بتصوير جريء للمواقف والأفكار والأحداث الروائية، ثم قاموا بتصوير ما صوروه، ثم صوروا صورة عن صورة الصورة كي يخفوا البصمات الحقيقية لخطابهم الذي يخشون انكشافه، معولين في ذلك على ذكاء القارىء الذهبي، ذي العين المجهرية التي تستطيع تظهير ما خفي من الصورة الأصلية.
نوع ثالث من الكتاب صار يكتب بعقلية رجال الأعمال وكتبة الحسابات، فإذا اورد حادثة ما فإن من المتوقع أن تحتج عليها هذه الجهة أو تلك، لذا يفضل الاستغناء عنها، أما اذا تناول قضية أخرى في عمله فأغلب الظن أنها ستلقى قبولاً وتشجيعا من عدة جهات، الأمر الذي سيسهم في ترويج الرواية وربما منحها بعض الجوائز والحوافز.
نوع رابع من الروائيين آثر الإبتعاد عن (الشر) والغناء له، لذا لاذ بالرطانة فيما يكتب، وتحولت روايته إلى عمل باهت لا تسنده سوى الحملات الإعلامية التي كثيراً ما تحيل الأعمال الهابطة إلى أعمال عظيمة تحظى بالثناء والتكريم.
نوع خامس، كتب رواياته بعد أن تمكن من التحرر من سلطة الرقيب، وجازف بسلامته الشخصية وبأسرته ومستقبلها، ودفع ثمن مجازفته غاليا.
لكن بين هؤلاء وأولئك، ثمة روائيون قالوا ما يريدون في أعمالهم، وتمكنوا من إيصال خطابهم إلى القارىء، من دون الوقوع في فخاخ الرقباء المتحفزين، هؤلاء قاموا بنقد السلطات السياسية والدينية والإجتماعية بلا هوادة، لكنهم لم يخلّفوا مماسك يمكن الركون إليها أو توظيفها في الملاحقات أو الدعاوى التي قد تقيمها تلك السلطات ضدهم.
فيما يتعلق بتجربتي الروائية يمكنني فرز تلك المحظورات وتشخيص تعاملي معها على النحو الآتي:
السياسة:
لا أدعي التضحية ولا البطولة، لكن يمكنني القول بأنني عملت على الكشف عن الممارسات والمواقف السلبية للسياسي، غير أن هذا الكشف أو النقد لم يكن غاية في حد ذاته، كما لم يكن هدفا مسبقاً، إنما جاء في سياق توالد الأحداث والشخوص ومتطلبات الواقع الروائي.
ما حدث معي خلال العقدين الأخيرين، أنني تمثلت الحالة السياسية وتماهيت فيها إلى حد أنني عددت نفسي شريكاً في مسؤوليات تحقيق حرية الإنسان والوطن، واستقراره، وتطوره، ولقد أحسست بأن هذا الدور يختلف كثيرا عن دور المشاغب أو المناكف.
هل يعني هذا الزعم أنني أكثر جرأة من سواي؟ بالطبع لا، فثمة من هم أكثر جسارة مني بكثير، ثمة من ضحوا بسلامتهم الشخصية والأسرية، لكن، فيما يتعلق بي، فأعتقد بأن ما أعانني على اختيار هذه الوسيلة لكسر الكثير من حواجز المحظور السياسي، إنما هو تصالحي مع نفسي وإيماني العميق بقدرة الروائي على القراءة الأمينة للحاضر وعلى استشراف المستقبل أكثر من السياسي، ولقد أمدني هذا بنوع فريد من الجرأة التي لم أكن أملكها، لا لأنني لم أكن قارئا جيدا للحقائق السياسية ومؤدياتها، إنما لأنني لم أكن قادرا على وضع نفسي في هذا الموقع .. كانت الأشياء غائمة، كانت أشبه بنوع من الإعتراض المجرد وربما المناكفة.
ما أثار اهتمامي في العقدين الأخيرين، أن السلطات السياسية، العربية بشكل عام، قامت بتفعيل الكثير من عناصر ذكائها وحراكها العقلي الدائب، فهي مثلا كثفت من استخدام المنطق الذي يربط الحرية بعبارات تقيدها مثل، الحرية المسؤولة، والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة، ونضج التجربة مع الحرية، والمصلحة العامة، إلى آخر هذه العبارات التي، على ما تحمل من دلالات إيجابية في ظاهرها، إلا أنها تعد وصفات نموذجية لتقييد الحريات والإلتفاف عليها.
هذا يعني أن المحظور السياسي ما زال قائماً لدي وربما لدى غيري، على الرغم من تحرري من هيمنته السابقة التي كادت تتحول إلى ما يطلق عليه ‘الرقيب الذاتي’.
الدين:
يظل الدين واحداً من الأبعاد الرمزية للحياة، وهو في كل الأحوال جزء من المتخيل الإنساني الذي لا يمكننا تجاهله أو التقليل من دوره في صياغة الأحداث والتحولات الفردية والجمعية على مر التاريخ.
وإذا أردنا توخي الموضوعية، فلا بد لنا من أن نذكر بأن ثمة رجال دين على درجة عالية من الصدق والإنسجام مع ما يقولون ويحملون من أفكار، وهؤلاء حريون بالإحترام والتقدير بصرف النظر عن مدى الإتفاق أو الإختلاف معهم.
لكن ثمة أتقياء غير صادقين، يتظاهرون بممارسة الشعائر بحرفية مريعة، ويولولون إذا ما مُسّت إحدى خرافاتهم التي ينسجونها، من دون أن تكون لها علاقة لها بجوهر الدين الإسلامي، وأعتقد بأن هذا النوع من الأتقياء هو الذي يمارس سلطته على الإبداع وعلى الأفراد والمجتمعات، لأن وجوده مرتبط بتعزيز تلك السلطة، وبتجريد الآخرين منها، وفي تقديري أن من يعبد الخرافة ويروج لها لا يختلف عمن يعبد الأوثان ويدعو لها.
بالنسبة لي، فأنا مسلم، والإسلام جزء من هويتي الثقافية التي لا أستطيع التفريط بها أو التنكر لها.
هذا الفهم سمح لي باعتبار نفسي واحدا من المعنيين بالدين، كغيري من المسلمين، الفقهاء منهم والدعاة والأتقياء، وبالإقتراب من المحظورات الدينية بطريقة نقدية، من دون المساس المباشر والصريح بالنصوص، علماً بأن النصوص ليست هي التي تثير حفيظتي، إنما ممارسات القائمين عليها، أولئك الذين يوظفونها كي يحققوا هدفين متصلين ببعضهما:
الأول:
ممارسة أنواع من السلطة التي أخفقوا في امتلاكها سياسياً أو اجتماعيا أو اقتصاديا، عن طريق قمع الآخرين وتشويههم وتسفيههم، وفرض وجهات نظر مستمدة من اجتهادات دينية متزمتة وضيقة، بدءا بالسروال الذي يرتديه الرجل أو المرأة، وانتهاء بتحريم مشاهدة الفضائيات.
الثاني:
تحقيق منافع شخصية سهلة تريحهم من أعباء العمل والجهد والجهاد في الحياة، مع الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من هؤلاء تمارس أشكالاً من التقرب المذل للسلطات السياسية.
أما أولئك الذين ينفّرون الناس من الدين، فهم منتشرون في كل مكان من وطننا العربي، بدءا بالمؤذنين الذين يؤدون الأذان بغلظة وبمنأى عن أي حس إنساني أو فني، وليس انتهاء بالوعاظ ومؤلفي الفتاوى، الذين يرهبون الناس بمواعظهم وفتاواهم التي بلغت حدود إسباغ المشروعية على القتل، كما حدث في الجزائر والصومال والعراق.
ودائما أجدني مختلفاً مع كل هؤلاء، ومضطراً للإفصاح عن قناعاتي حتى لو تعارضت معهم أو مع خطابهم الديني، فأنا واحد ممن يعتقدون بأن العقل هو الوسيلة المثلى للتأويل، وأتفق مع ابن رشد فيما ذهب إليه حين قال (إنه في صورة تناقض ظاهر الآية مع العقل، وجب الأخذ بما يقتضيه العقل).
لا أريد الخوض في قضايا العقل الديني والعقل الفلسفي، لكن يجب أن أذكر بأن ما قاله ابن رشد قد نبهني إلى وجود وجهين لكل حقيقة، وجه ظاهر وآخر باطن، ومن الطبيعي أن يكون للكاتب رأي في ما يبطنه النص الذي لا يجوز التعامل معه بسطحية الظاهر المجرد، ولقد زاد هذا من حجة روايتي الأخيرة (عندما تشيخ الذئاب) في مواجهة حالات الإستنكار التي جوبهت بها من قبل عدد ممن وجدوا أن من الأسهل لهم أن يدينوا الرواية وكاتبها بدلاً من أن يدخلوا معهما في حوار عميق حول أسباب تحفظهم أو استنكارهم.
بالطبع، فأنا لا أفشي سراً إذا قلت بأنني في رواياتي لم أقع في شرك الإمتثال للنصوص أثناء تعاملي مع الواقع المتغير والمتطور، لكنني استوحيت منها أبعادا وأحداثاً روائية استفادت من النتائج التي أرستها المسارات التطبيقية لتلك النصوص على مدى قرون وعقود، ولو سئلت عن أسباب إحجامي عن الإمتثال العقلي والفكري الكاملين لتلك النصوص لأجبت من دون تردد: إن مثل هذا الإمتثال يهبط بالعقل الإنساني إلى مستوى وعاء الشورباء، كما أنه لا ينتج إلا أدباً كئيباً بارداً.
الجنس:
إذا قمنا بابتكار نوع جديد من العطر، فإننا نستخدم العناصر الرئيسة التي تلزمنا، ولنفرض أن هذه العناصر هي: المسك، وزيت التفاح، والكحول.
في مثل هذه الحالة، لا يحق لأحد أن يطالبنا بالإستغناء عن أي من تلك المواد، كما ليس من حق أي كان، فرداً كان أو جماعة أو جهة، أن يحدد لنا مقادير المسك أو الزيت أو الكحول طالما أننا نحن الذين نملك أسرارها وكيفيات تحضيرها.
سأذهب بعيدا في هذا المثال الذي يلقي ضوءاً على حضور الجنس في الرواية فأكمل:
قد تخطر لأحدهم فكرة القول بأننا نعيش في مجتمع متدين، ومن الأفضل أن لا تستخدم الكحول لما لها من ارتباط بالمنكر، وقد يخطر لآخر إعتراض جديد من نوع: إن التفاح يرمز إلى غواية حواء لآدم، ولا يجوز الإفراط في استخدامه لأنه يعد واحدا من مثيرات الغواية.
فما الذي نتوقعه من الصانع حينما يستمع إلى مثل هذه الآراء؟
أعتقد بأنه لن يعير أصحابها أدنى اهتمام أو أي جزء من وقته الثمين، لأن اجتهاداتهم ومطالباتهم تلك، تدل على جهلهم بكيفية تحضير العطور، ولأن من المستحيل الإستغناء عن أي من تلك العناصر إذا أردنا إنتاج العطر المنشود.
هذا المثال، على ما فيه من اختلاف، يحيل إلى حضور الجنس في الكتابة الروائية، فإذا سلمنا بأن الرواية تمثل واقعاً موازيا للحياة، أو إعادة تشكيل لخاماتها، فلا يمكننا أن نستبعد أياً من الخامات الأساسية ـ ومنها الجنس – من الواقع الروائي الموازي أو الذي أعدنا تشكيله، والأهم من كل هذا، ان الجنس مسؤول عن حفظ النوع الإنساني الذي تتشكل المجتمعات منه، فكيف يمكن للأفراد والجماعات أن يطالبوا الروائي بتجاهله أو الابتعاد عنه؟
لقد وظفت الجنس بوصفه واحداً من المثيرات النفسية والعقلية، وواحدا من المقومات الإنسانية لفاعلية الذات الإنسانية، ولكن كيف؟
في تقديري أن تناول الجنس في الرواية يتم بإحدى طريقتين، إحداهما مسطحة ومنفرة، إذ يذكر الكاتب الأشياء بأسمائها، ويسلط عليها أضواء كثيفة، ثم يقوم بتصويرها بطريقة مجهرية تكشف سرها فتفسد سحرها، حتى ان هذا النوع من الروائيين كثيراً ما ينسى في غمرة انهماكه بهذا التصوير المنفر، أن للمرأة مشاعر وشهوات وصوت رقيق وتقاطيع وجه جميل يحمل وعوداً محملة بما هو أبعد من الرغبة .
هذا الاسلوب لا يختلف كثيراً عن أفلام البورنو المكشوفة الممجوجة والمتقصدة، وربما تقوم تلك الأفلام بالمهمة التي يريدها الكاتب بشكل أفضل مما يفعل هو في روايته.
الطريقة الثانية التي أجزم بأنها الأصلح والأنجع، هي التي يلجأ الروائي خلالها إلى الإيحاء اللفظي والحدثي المثير، الذي يؤجج أحاسيس المتلقي، ويدفعها إلى الإنتشار والإمتداد عميقاً في النفس والروح، من دون الإنصياع إلى إملاءات المحظورات الجنسية.
إن الجنس في هذه الطريقة لا يظهر على السطح بشكل مباشر أو صاخب، إنما بهدوء مقنع ومؤثر، ليس بسبب مراعاة الكاتب لتلك الإملاءات أو المحظورات، إنما لأن المتطلبات الفنية الروائية هي التي ترفض ذلك الإنكشاف الفج الذي قد يطيح بسحر الرواية.
لكن، وعلى الرغم من كل ما تقدم، وبمراجعة حالة الحريات الإبداعية في عالمنا العربي، يمكنني القول، بأن الألفية الجديدة قد شهدت استبدالاً للرقيب التقليدي بما يمكن تسميته (المدعي العام الروائي)، وهو المدعي المكلف أو المتطوع الذي تناط به مهام رصد ومتابعة الأعمال الروائية، وتقديم أصحابها إلى المحاكم، وتحشيد المناكفين وشهود التكليف، كما حدث ويحدث في عدة بلدان عربية، بمعنى أن عالمنا العربي شهد إزاحة لدور ذلك الرقيب الذي ينتمي إلى ما أطلق عليه (الحرس القديم) وتم استحداث وظيفة الإدعاء العام الروائي، الثلاثية الأوجه.
كما ان مشكلة الروائيين مع السلطات السياسية لم تعد بذات الحدة التي ظهرت بها خلال عقود ما قبل الألفية الجديدة، إنما اتخذت أشكالا جديدة تداخلت فيها عناصر لم تكن في وارد الروائيين، غير أن هذا لا يعني حلول السلام الكامل أو الوئام بين الروائيين وبين هذه السلطات.
ولكي نكون أكثر قربا من الحقيقة الموضوعية فإن المشكلة الأكبر التي تكاد تتسيد لوائح المحظورات الروائية الآن، هي تلك التي تنشب بين الحين والآخر مع متعهدي الدفاع عما يسمى ‘الحياء العام’ و ‘الأخلاقيات’ و ‘المقدس’، وهم المتعهدون الذين باتوا يمثلون سلطات من نوع جديد، إنها السلطات الروحية والاجتماعية التي تستمد قوتها من القوانين النافدة، ومن الأعراف والتقاليد السائدة.
والأنكى من كل هذا وذاك، أن الأحكام التي صدرت بحق الكثيرين من الروائيين العرب حول أعمالهم قد اتخذت بناء على تقديرات وتفسيرات من أناس تخصصوا في النصوص الدينية والقوانين الجنائية والشرعية والنظامية وسواها، لكنهم لم يتخصصوا في تفسير الآداب والفنون وتأويلاتها، ما يعني أن مرجعيات تلك الأحكام كانت القوانين والتأويلات والقرائن الترجيحية، وأنها قد خلت من أي أثر للمرجعيات الأدبية والفنية التي تميز الإبداع عن سواه من القضايا التي تخضع للمساءلة في المحاكم، والسبب بسيط ومعروف، فالرواية وسائر فنون القول والأداء لم تكن في وارد المشرعين عند وضع القوانين، ربما لأنها تمثل نشاطا ذهنيا وفكريا خارجا عن نطاق الملموس القانوني، وهنا تبرز المشكلة التي لم تتم مناقشتها حتى اللحظة، وهي أن حق أي جهة في محاكمة الإبداع، إنما يعتمد أساساً على قدرة تلك الجهة على استيعاب الأعمال الإبداعية والوصول الى مؤدياتها وما ورائياتها، وهو ما تفتقر إليه الجهات التي تتصدى لمحاكمة تلك الأعمال وأصحابها، لأنها في الغالب لا تؤمن بالإبداع ولا تتعامل معه حتى ان بعضها تزدري العاطفة والخيال، وتحط من قدرة الإنسان على الإبتكار.

أخيرا، لا بد من القول، بأن الأشكال الرقابية الجديدة التي باتت تتحكم في مقاصد الروائيين ومصائرهم، إنما تستند إلى معادلات غريبة تطالب الكاتب بإخضاع روايته لعمليات تخسيس قاسية، أو إنقاص وزن سياسي أو روحي او اجتماعي قبل نشرها، وبالمجمل، فإن تلك المعادلات تحاول جر الكاتب إلى خيار الإنضمام إلى جوقة ‘الروائيين التائبين’ ..
وما أكثرهم في عالمنا العربي.
عمان 20 / 11 / 2010
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى