صفحات العالمما يحدث في لبنان

الحريري في دمشق: رصد إسرائيلي

رنده حيدر
لم تثر الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى دمشق الأسبوع الماضي اهتماماً خاصاً في إسرائيل على الرغم من اعتراف الإسرائيليين بأهميتها الكبيرة على صعيد الداخل اللبناني. وفي هذا الاطار تأتي المتابعة الإسرائيلية عن كثب لمسار المصالحة الجارية بين لبنان وسوريا، وانعكاسات ذلك على موضوعين أساسيين يهمان اسرائيل بصوة خاصة: الموقف من “حزب الله”، وتأثير التقارب بين سوريا ومحور الإعتدال العربي الذي تتزعمه السعودية على العلاقات مع إيران.
أكثر من معلق إسرائيلي اعتبر الزيارة دليلاً على عودة النفوذ السوري الى لبنان. هذا كان رأي البروفسور إيال زيسار مدير معهد موشيه دايان للدراسات الاستراتيجية، والمتخصص في الموضوع السوري؛ ورأي غي باخور رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في معهد هرتسيليا. فالاثنان رأيا في الزيارة دليلاً آخر على “ان الحياة السياسة في لبنان لا يمكنها أن تعمل من دون سوريا”. ولكن ذلك لم يمنعهما من الإشارة الى الحاجة السورية لتوظيف المصالحة بينها وبين لبنان من أجل تحسين صورتها في نظر الغرب.
وفي الواقع، فما يهم إسرائيل بصورة خاصة ليس المسار الصعب الذي قاد زعيم الأكثرية النيابية في لبنان الى لقاء الرئيس السوري فور نيل حكومته الثقة، وإنما يهمها بالدرجة الأولى والأخيرة “حزب الله”. ومدى تأثير المصالحة السياسية الجارية في لبنان على موقعه في لبنان، لا سيما أن ثمة اقتناعا أن الحزب استطاع في الفترة الأخيرة وعبر تركيبة حكومة الوحدة الوطنية التي يرئسها الحريري تثبيت سلطته السياسية الكاملة على الدولة اللبنانية، وأن بيان الحكومة الجديدة أقر بمبدأ احتفاظ الحزب بسلاحه، مما دفع بأكثر من مسؤول إسرائيلي الى الإعلان أنه من الآن فصاعداً لا مجال للتمييز بين “حزب الله” والحكومة اللبنانية اللذين باتا يشكلان كلاً واحداً.
ولكن من جهة اخرى لا يغيب عن بال الإسرائيليين أن زيارة الحريري الى دمشق جاءت ضمن إطار تحرك تقوم به السعودية في اتجاه سوريا. من هنا فكل خطوة في هذا الاتجاه تصب في نظرهم في مصلحة محور دول الإعتدال العربي، وتضعف المحور الراديكالي الذي تتزعمه إيران.
وثمة من يربط في إسرائيل بين المصالحة العربية التي تقودها السعودية، ومسار المفاوضات السلمية المتوقفة بين إسرائيل وسوريا. وكانت الصحف الإسرائيلية قد تحدثت في الأسابيع الماضية عن رسائل جرى تبادلها بين البلدين عبّر فيها السوريون عن تفضيلهم الوساطة الأميركية غير المباشرة على الوساطتين التركية أو الفرنسيـــة. ويعلق الإسرائيليــــــون اهمية على رغبة سوريا في اعادة العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة، والخروج نهائياً من عزلتها الدولية، ويعتبرون ذلك دليل جدية سوريا في عودة المفاوضات.
وإذا كانت سوريا قد رفضت في السابق المطلب الإسرائيلي المسبق الابتعاد عن طهران وقطع تحالفها معها كشرط لبدء المفاوضات السلمية معتبرة الأمر تدخلاً إسرائيلياً في شؤونها الداخلية؛ فإن مسار المصالحة اللبنانية – السورية، والتقارب السعودي – السوري، واحتمال عودة العلاقات الديبلوماسية بين سوريا والولايات المتحدة كل ذلك يشكل في نظر الإسرائيليين مؤشرات مشجعة بالنسبة الى النيات السورية في شأن عودة المفاوضات.
وحتى الآن ما زال الانقسام الداخلي الإسرائيلي على حاله من موضوع الإنسحاب من الجولان. ففي الوقت الذي تدعم فيه قيادة الأركان والمؤسسة الأمنية في إسرائيل التسوية السلمية مع سوريا وتعتبرها حيوية لتحييد سوريا عن أي مواجهة عسكرية مستقبلية مع إيران بشأن منشآتها النووية؛ مازال اليمين في إسرائيل يرفض القبول بالثمن المطلوب أي اعادة الجولان الى السيادة السورية. ولكن مسار المصالحات العربية – العربية، وعودة التفاهم السوري -الأميركي قد يلقيان ترجمتهما على صعيد التسوية السلمية بين إسرائيل وسوريا في العام المقبل الذي يعتبره المعلقون في إسرائيل عام إيران.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى