صفحات سورية

طقوس الذكرى

null
ساطع نور الدين
عندما يعترف الرئيس الاميركي جورج بوش صراحة انه كان متعطشا لدماء العراقيين، وكان يوبخ قادته العسكريين في العراق، الذين يحرصون على الاعلان عن عدد الضحايا الاميركيين من دون ان يكون لديهم سجل معلن لعدد القتلى والاسرى من الاعداء على تلك الجبهة التي فتحها قبل خمس سنوات، تكتسب الذكرى السابعة لهجمات ١١ ايلول ٢٠٠١ اليوم، معنى اضافيا يغذي تلك الرغبة الاميركية بالثأر التي لم تسقط يوما من حسابات اميركا ولا من جدول اعمالها في العالمين العربي والاسلامي .
الاعتراف ورد في الفصل الاول من كتاب » الحرب الداخلية، التاريخ السري للبيت الابيض ٢٠٠٦ ـ ٢٠٠٨ « الصادر قبل ايام للكاتب الاميركي المرموق بوب وودورد، وقد اثار ذهول القائد السابق للقوات الاميركية في العراق الجنرال جورج كايسي، الذي توصل الى الاستنتاج ان الرئيس بوش يعبّر في ذلك الالحاح على كشف اعداد القتلى والاسرى العراقيين عن الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري الذي ينادي دوما اقتلوا الانذال، »اقتلوا الانذال لكي تنتصروا«.
كان ذلك هو الحافز الرئيسي للحرب التي اعلنتها ادارة بوش على افغانستان، في خريف العام ٢٠٠١ ثم على العراق في ربيع العام ٢٠٠٣ ، بعدما لاحظت ان الجمهور الاميركي يريد ان يرى المزيد من الصور المعبرة عن قدرة بلاده العسكرية على تدمير الحواضر العربية والاسلامية الكبرى بدلا من الاكتفاء بملاحقة الفارين في البراري والكهوف الافغانية من حركة طالبان وتنظيم القاعدة اللذين يتقن افرادهما فنون التخفي كما هو ثابت حتى اليوم.
توقيت صدور كتاب وودورد قبيل الذكرى السابعة لهجمات ايلول لم يكن عبثا. وقد تصدر على الفور لائحة الكتب الاكثر مبيعا في اميركا، لانه في الاصل يروي وقائع عن تلك الخلافات التي دارت داخل ادارة بوش خلال العامين الماضيين حول طرق قيادة الحرب على العراق، لكنه في النهاية يبلغ الاميركيين الذين يستعدون للتوجه بعد اسابيع قليلة الى صناديق الاقتراع انهم ما زالوا في حالة حرب على تلك الجبهة، التي طرأت عليها مؤخرا تعديلات جوهرية اهمها تحسن الوضع في العراق وتدهوره في افغانستان، الى حدود تنذر بهزيمة اميركية محققة.
من دون الحاجة الى مثل هذا الكتاب الشيق، يدرك الاميركيون انهم في حرب، وهم لذلك يميلون يوما بعد يوم الى انتخاب المرشح الجمهوري جون ماكين وشريكته سارة بالين، فقط لانهما يعدان في الاساس بمواصلة القتال من دون تفكير او تفسير كما يقترح المرشح الديموقراطي باراك اوباما، وبمتابعة جدول اعمال الرئيس بوش الذي لا يخفي التعطش لدماء العراقيين والافغان… الذين ارتفعت ارقام ضحاياهم من الاطفال والنساء والشيوخ بمعدلات مرعبة، مع اقتراب موعد الذكرى السابعة لهجمات ١١ ايلول، وايضا مع تصاعد الحملة الانتخابية الاميركية.
اميركا تحارب أمة كاملة، شعوبا متعددة. الحرب جزء من طقوسها لاحياء تلك الذكرى المشؤومة، التي غاب عنها هذه السنة الشيخ اسامة بن لادن… ورحل من قبلها مئات الالاف من العرب والمسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى