الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

إيماءة إيرانية

ساطع نور الدين
ما يدور بين واشنطن وطهران هذه الأيام يتخطى مرحلة الإيماءات الإيجابية المتبادلة. ثمة حماسة إيرانية مفرطة للانفتاح والحوار والمصالحة. وثمة استعداد أميركي معلن للقاء في منتصف الطريق، يمكن أن يتأخر بضعة أشهر، لكنه آت، لا ريب في ذلك.
الإيماءة الأخيرة التي كشفها رئيس وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي قبل يومين، هي الأحدث في سياق ما يبدو أنه وداع إيراني حافل للرئيس الأميركي السابق جورج بوش، واستقبال مرحب بخلفه الرئيس باراك أوباما.. لا يلغيان حقيقة أن البلدين يتصرفان مثل عاشقين قديمين يتطلعان الى استعادة ما كان بينهما في الأيام الخوالي.
البداية لم تكن سهلة أبداً. الإشارة الأولى التي جاءت من الرئيس الأميركي الجديد، كانت محيرة بعض الشيء. في خطاب القسم أعلن أن إدارته مستعدة لمد يدها الى الدول الإسلامية التي ترخي قبضتها عن شعوبها. يومها التبس الأمر. قيل إنه قصد مصر أو السعودية أو سوريا أو حتى باكستان.. لكن أوباما نفسه سارع الى التوضيح في مقابلته الشهيرة مع قناة «العربية» انه قصد إيران بالتحديد، من دون أن يكمل الفكرة التي ارتعب منها الإيرانيون والتي توحي بأنه، مثل سلفه، يتمنى تغيير النظام في إيران!
هب المسؤولون الإيرانيون يومها للرد بقولهم إنهم يطالبون أميركا بأن ترخي هي قبضتها عن العالم الإسلامي بل حتى عن العالم كله، قبل الشروع بالحوار. ثم عمدوا الى إطلاق قمرهم الاصطناعي الأول بواسطة صاروخ إيراني الصنع، قرع جرس إنذار مدوّياً في واشنطن وموسكو.. أقوى من الجرس الذي دق في هاتين العاصمتين خلال حرب غزة . لكنه لم يقطع خطوط الاتصال، التي شهدت الكثير من النوايا الإيرانية المشجعة، وبعض الاقتراحات القديمة التي جدّدها رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني بدعوته الأميركيين الى مباراة شطرنج بدلا من مباراة ملاكمة، متناسياً حقيقة أن الملك يموت في نهاية أي لعبة شطرنج .. كما شهدت خروج الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي من الظل الى معركة الرئاسة المقررة في حزيران المقبل.
لكن الإيماءة النووية كانت الأقوى حتى الآن: أعلن البرادعي أن طهران أوقفت بقرار سياسي عملية تخصيب اليورانيوم، ولم تضف أجهزة طرد جديدة على الأجهزة العاملة والبالغ عددها .3800 لم يصدر نفي إيراني لهذا الإعلان، ولم يصدر أي تعليق أميركي أو روسي أو غربي، على ذلك الالتزام الايراني المفاجئ بأهم شروط الحوار مع أميركا، أي تعليق التخصيب.
قد يكون إعلان البرادعي غير دقيق، مع أن هذا الاحتمال بعيد جدا، وقد يكون الغرب لزم الصمت لأنه ينتظر تأكيدا إيرانيا علنيا، أو يريد التحقق من تلك الخطوة. لكن ما لا يحتاج الى برهان هو أن واشنطن قررت انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الايرانية، لكي ترى كيف ستقرر طهران مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الضاغطة على شعبها.. ولكي تحسب عدد الأصوات التي سيحصدها الرئيس محمد خاتمي!
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى