الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّورية

صور من ايران

ساطع نور الدين
مثيرة فعلاً تلك الظواهر التي تشهدها التظاهرات الإصلاحية المتواصلة في شوارع طهران منذ اسبوع، والتي تعبر عن تحول جذري في صورة المجتمع الإيراني المحافظ وفي ثقافته الدينية التي كانت تبدو متماسكة اكثر من اي مجتمع آخر في العالم الاسلامي، وتنبئ بأن ما يجري في ايران يعادل ثورة حقيقية، او يقود الى ثورة مضادة.
ليس المقصود هنا تلك الصور التي يختلسها مصورون صحافيون اجانب بين الحين والآخر لفتيات إيرانيات جميلات خرجن في الأيام الماضية الى شوارع طهران من دون الحجاب، وبكامل اناقتهن وماكياجهن وفتنتهن، يتعمدن الإثارة والتحدي لأجهزة الأمن والحرس التي سبق ان اعتدت عليهن مرارا في السنوات الماضية لأنهن لم يكن محتشمات اوملتزمات بالزي الاسلامي الذي لا يمكن تعريفه في اي فقه او مذهب او تقليد!
واللافت ان المؤسسة الامنية او الدينية التي تمارس رقابة مشددة لم يسبق لها مثيل على الإعلام الأجنبي والإيراني طبعاً سمحت بالتقاط هذه الصور وتعميمها في مختلف انحاء العالم، ربما لكي تنذر المحافظين وتعبئهم في مواجهة ذلك الخطر الداهم الذي يمثله الاصلاحيون والذي يهدد بتفلت المرأة الايرانية المتحررة اصلا من القيود الاسلامية الصارمة، وتفكك البنية الاجتماعية التي ارستها الثورة منذ طوال ثلاثين سنة مضت.
ثمة ظاهرة اخرى غريبة فعلاً هي تلك اللافتات المكتوبة باللغة الانكليزية التي تغطي وجوه المشاركين في تظاهرات الاصلاحيين الايرانيين، والتي تفوق بما لا يقاس عدد اللافتات المكتوبة باللغة الفارسية، التي باتت حكرا على تظاهرات المحافظين.. والمستوحاة في معظمها من معارك انتخابية كانت تدور في اميركا تحديدا، لاسيما منها شعار: «اين صوتي؟» الذي رفعه الاميركيون في جميع تظاهراتهم الاحتجاجية على رئيسهم السابق جورج بوش بعدما سرق الرئاسة من منافسيه الديموقراطيين.
ومثل هذا التماهي مع الاميركيين تحديداً لا يقلل من شأن التظاهرات ولا من مغزاها لكنه يرسم علامة استفهام على العصبية الوطنية التي طالما ميزت الشعب الايراني بالمقارنة مع شعوب اسلامية اخرى، لم تجد الثقافة الاميركية او الغربية يوما صعوبة في اختراقها او في مسح هويتها التاريخية. قد لا يكون الامر سوى تعبير عن رغبة في ايصال الرسالة بسرعة للعالم الخارجي، او في توجيه نداء استغاثة من جمهور يبطش به الحرس الثوري، على ما جاء في احدى اللافتات: «u.n. we need help “، والتي تحتاج الى تغيير حرف واحد لكي تصبح موجهة الى اميركا تحديدا وليس الى الامم المتحدة.
اما الصورة الأشد ايحاء فهي تلك التي نشرت من داخل سكن طلاب جامعة طهران الذي اقتحمه الحرس الثوري الاثنين الماضي وارتكب فيه مجزرة سقط فيها ثمانية قتلى وعشرات الجرحى فضلا عن المعتقلين، حيث لا يزال يتدلى على حائط احدى الغرف المحترقة شعار حملة الرئيس الاميركي باراك اوباما: «نعم نستطيع التغيير» بالانكليزية طبعا وبالالوان نفسها التي اختارها الديموقراطيون الاميركيون لمعركتهم الاخيرة.
لعل هذه الصور قفزة اصلاحية في المجهول، لكن تأتي من ايران مختلفة فعلا!
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى