صفحات سورية

سوريا وتركيا وبدو العرب

null
نبيل السوري
نشر الأستاذ نضال نعيسة بتاريخ 13 تشرين الأول مقالاً في الحوار المتمدن تحت عنوان: سوريا وتركيا وبدو العرب
والأستاذ نعيسة ذو قلم واخز، و كثيراً مايكتب في مواضيع إجتماعية حساسة، ويجيد الطرح عموماً، وهو يحمل فكراً تنويرياً إلى حد ما، لكن قلمه وفكره يتلعثمان ويسقطان الكثير من الحقائق حين يخوض في السياسة، وذلك خوفاً من المساس بشعرة من النظام الحاكم في دمشق، والذي يتعامل مع الشعب السوري على الطريقة الإلهية: لايقبل الإشراك به ويقبل ما دون ذلك لمن يشاء، وهو لايُسأل عن شيءٍ وهم يُسألون
يقوم نضال بتسويق كل ما يقوم به النظام السوري، ويفسره أنه براغماتية، ورؤية باهرة للمستقبل، وقراءة مستجدات، وضربة معلم، وإلى آخر هذه الأوصاف. وهو كغيره من أتباع النظام، كالأستاذ عماد فوزي الشعيبي، يضطرون للإلتفافات الكثيرة والرقص على الحبال لتبريرات متناقضة سببها تخبط النظام في كثير من الأحيان حين يكثر طباخوه ويتعثرون ويتخذون قرارات هوجاء تحرج القريب قبل البعيد.
وبهذه المناسبة، لازلنا نذكر يوم جنازة البابا يوحنا بولس الثاني، حيث بادر بشار الأسد لمصافحة الرئيس الإسرائيلي حينها موشيه كاتساف مرتين لا مرة واحدة، وكيف أتى الخبر أولاً من مصادر غربية، فاتصلت بعض المحطات الإذاعية بالأستاذ الشعيبي، الذي سفههم وأكد أن مثل هذا الأمر مستحيل تماماً، وأنها نكتة سخيفة خاصة حين تقال عن بطل الممانعة الرئيس الشاب، بعدها، وحين تم تأكيد الخبر حتى من جهة النظام، بلع الشعيبي لسانه وصرح أن ذلك كان شأناً بروتوكولياً، علماً أن أي سوري يصافح إسرائيلياً ولو عن طريق الخطأ، من الممكن أن يتعرض لعقوبات مشددة، لكن أنى لنا فهم حنكة قادة الممانعة والصمود والتصدي بأمور البروتوكولات والتنازلات
عودة لمقال الأستاذ نضال وسأوجه كلامي له مباشرة:
أستاذ نضال، قلت لك مرات عديدة أنني أؤيد الكثير مما تكتبه بعيداً عن السياسة، والأفضل والأفيد لك ولنا تلك المواضيع
لكنك تصر وتعود للسياسة وبيتك السياسي من زجاج من النوع الرديء
أنت تقول
إن لسوريا باع طويل، وتاريخ عريق وحضاري طويل، في إلغاء التأشيرة، مع كثير من الدول، وخاصة مع من تسمى بالدول العربية، ومن يسمون بالمواطنين العرب، الذين يدخلون سوريا بحرية لافتة في علاقات الدول وتعاملاتها، ومن دون أية تأشيرة. انتهى
كذلك للنظام السوري باع طويل في تعامله مع الأقليات في بلده ولو كانت أقلية كبيرة كالأكراد مثلاً، حيث، (البدون) من الأكراد يا أستاذ نضال، أبناء بلدك، والذين لاشك تعرف جيداً أن عددهم قد يكون تجاوز نصف المليون (الحديث دائماً عن ربع مليون وذلك قبل 50 عاماً، زكأن عددهم لم يزد بعدها ولا واحد؟؟؟) هؤلاء لا يملكون هوية ليتنقلوا بين القرى السورية لا بتأشيرة ولا بدونها، بالتالي لا يتمتعون بالحرية اللافتة التي تحدثت عنها حضرتك. طبعاً هؤلاء لا يحلمون بالتنقل بين قراهم، فما بالك مرافقتك، بدون أي وثيقة كأي بني آدم، في رحلتك الميمونة إلى البلد الذي كان عدواً حتى عام 1997، ثم الذي كان على وشك الإطاحة بنظام الممانعة عام 1998، ومن بعد تلك الصيحة المرعبة التي أطلقها جنرالات الترك وسقوط السروال الداخلي للأسد الأب من الخوف، برمت الأيام، وصار النظام الصامد صديقاً لنفس التركيا، وللدلالة على عمق الصداقة شلح لهم كل الإسكندرون (مضيعاً ما كان الأتراك قد عرضوه من قبل لتسوية أمر الأراضي) ووقع معهم اتفاقيات ذليلة بالفعل، أتحدى النظام أن ينشرها مع ملاحقها كاملةً على الملأ، ويا روح ما بعدك روح. ورأينا نفس مشهد تسليم الجولان التراجيدي يتكرر، حيث ليس المهم الأراضي، بل بقاء النظام التقدمي جداً. ثم جاء الإبن وشطح أكثر من أبيه في السجود أمام الأتراك والتعنتر على شعبه، ومعاداة أنظمة النفط سيئة الذكر مما حدا به الإتجاه للأتراك والفرس بطلب النجدة للحفاظ على الروح!!! وهذا يعطي مثال عن العروبية الحقة من قائد العرب والعروبة
تقول
حين عبرت الحدود السورية، مؤخراً، في رحلة سياحية، شبه مجانية تقريباً لرخص تكاليفها، باتجاه تركيا مرفوع الرأس، مشفوعاً بدرجة عالية من الاحترام والراحة والطمأنينة النفسية، أتأبط جواز سفري بكل اعتزاز… إنتهى

بالمقابل، هناك الكثير من السوريين يفعلون مثلك لكنهم يتأيطون جواز سفرهم السوري إلى داخل سوريا، فيتفاجؤون بالأمن الساهر يصحبهم في رحلة مجانية بالكامل إلى الغياهب المعروفة، حيث تمتد الإستضافة ما بين أسابيع إلى سنوات حيث ينعدم الإطمئنان داخل الوطن، الذي خبرته حضرتك خارجه و داخل تركيا، ويختفي معه الإعتزاز ويحل محله القلق والتعتير وسوء المآل.
الراحة والطمأنينة الذي شعرت بهما حضرتك في تركيا، هما أقل بكثير مما يشعر به الجندي الإسرائيلي في أية بقعة من الجولان المحتل، حيث الأمان الذي وفره نظامك الصامد الممانع للعدو، من ضمن شروط الصفقة المعروفة، يجعل جنود العدو يتسابقون لإرسالهم إلى هناك، حيث الأمان أكبر بكثير من بناء الكنيست الإسرائيلي ومن شوارع تل أبيب، وما يزال المواطن السوري الذي أطلق رشقة رصاص سجيناً لدى النظام الممانع بدعوى توتير الأجواء الصافية تماماً منذ 26 سنة
وتتابع كتابتك قائلاً:
وعلى النقيض منه، الرمال والصفار والوجوه الكالحة هي أول ما يطالعك على حدود المحميات النفطية الأمريكية، والكفيل الفظ، والمعاملة الجلفة والقاسية… انتهى
أأنت إبن سوريا أم لا؟؟ ألم ترَ أجهزة الأمن المتعددة ورجال الهجرة على حدود سوريا السليبة وكيف يتعاملون مع القادمين السوريين أو العرب، خصوصاً إذا كان هناك رائحة لمخالفة من أي نوع، ويبدأ الإبتزاز والمزاد العلني للمواطن المعتر الذي يقع فريسة لهؤلاء، وحتى الكفيل النفطي الفظ يصبح أكثر رحمة وشفقة من هؤلاء، وطبعاً لا ينقص ذلك من لا إنسانية موضوع الكفيل في بلاد النفط، لكنك لا تستطيع أن تنهي عن خلق وتأتي بأبشع منه
تقول
وتشعر وأنت تتوغل بعيداً في العمق التركي، بأنك لم تفارق سوريا، واللاذقية، تحديداً، أرضاً… انتهى
وهكذا هو حال الإسكندرون الذي كنا نعرف عنه أنه أرض سورية محتلة، إلى أن أتى القائد الضرورة وأفهمنا الحقائق الجغرافية الصحيحة: الأرض مقابل البقاء…. أفهمنا إياها مرتين، مرة في الجولان حين كان وزيراً للدفاع، ثم مرة ثانية في الإسكندرون… والخير لقدام
وتقول أيضاً
ولا بد من الإقرار، أولاً، بأن هذا التطور، هو إنجاز هام، وعظيم للدبلوماسيتين السورية والتركية، إنتهى
أليس الإقرار الأصدق هو أن تقول: هذا إنجاز جنرالات تركيا بتهديدهم المجلجل (على رأي حماس) عام 98؟ والذي زلزل الأرض تحت قدمي الطاغية فامتثل لأوامرهم بالحرف والنقطة والفاصلة، وما حدث بعد ذلك هو الإمتثال للجار القوي، أم أن هناك أمرُ آخر؟
تقول
أعتقد ها هنا أن الصديق التركي المتصالح المنفتح الفاتح قلبه وذراعه وحدوده لي، هو أقرب لي، ولكل سوري، من أي بدوي يعاملني بعنصرية ويغلق حدوده وأرضه وبلاده في وجهي ووجه كل سوري… انتهى
لاشك أن أي صديق من خارج الحدود، أقرب لي من نظام داخلي يقتل ويشرد من شعبي الملايين، هذا النظام الذي يفتح ذراعيه، وأعضاء أخرى للكثيرين الأقوياء، ولكنه يدير ظهره لشعبه ويفتح له السجون والمعتفلات ويعامله بمنتهى العنصرية والوحشية، وأسوأ بكثير من معاملة العربان البدو له (والتي هي ليست إنسانية، لكنها ليست بمستوى وحشية النظام). وسنذكٍر بعضنا أن الصديق التركي لن يبقي على هذه الصداقة لثانية واحدة حين لا يكون ميزانها رابحاً لصالحه، وما التخلي عن الإسكندرون بالكامل إلا دفعة كبيرة سينتهي مفعولها يوماً ما.
وأريد أن أسألك هنا ماذا كان موقفك يوم تهديد جنرالات الأتراك بحرق سوريا عام 98؟ هل كان التركي صديقك يومها؟ هل كتبت شيئاً؟ هل كان لك موقفًُ ما؟ وكيف أصبح ذلك الذئب حينها، حملاً وديعاً، وبعد أسابيع قليلة، لكن فقط بعد بلع وجبة الإسكندرون الفاخرة التي قدمها الأسد الأب في سبيل بقائه وأسرته يعيثون في الحكم، وكأن أراضي سوريا ملكه الخاص؟ رجاءً أخبرنا عن هذه التجربة اللولبية!
تقول
منذ فترة بسيطة طردت الإمارات العربية المتحدة عشرات الآلاف من الشيعة اللبنانيين والفلسطينيين المساكين وعائلاتهم، إنتهى
الإمارات قد تطرد الأجانب، وهذا عمل غير إنساني لكنه موجه لأجانب، في حين المواطن الإماراتي معزز مكرم (ولا ينقص ذلك من لاإنسانية الطرد)، لكن النظام الممانع في سوريا ومنذ 47 عاماً شرد ملايين السوريين خارج وطنهم، والذين يخافون العودة إلى بلدهم من هول ما يعرفون عن الإختفاءات للكثير ممن يعودون.
يا أستاذ نضال، لا تذكر جزءاً بسيطاً من الحقيقة وتسكت عن آثام وخطايا وجرائم نظامك المعروف للجميع
إذا كنت شجاعاً حقاً، فالرجاء أن تكمل معروفك، وتحدثنا عما حصل فعلاً في حزيران 67 بدون لف ودوران، ثم ما حصل عام 98 وما تبعه من إتفاقيات ذليلة. حدثنا عن مجازر تدمر وحماة والمشارقة، وغيرها الكثير، حدثنا عن تل الزعتر، حيث قتل نظامك خلال ثلاثة أيام من الفلسطينيين ما عجز الصهاينة عن فعله خلال عقود. حدثنا عن صمت الحملان في الجولان، وغير ذلك الكثير الذي نعرفه كلنا، وكذلك أنت
وإلا، فالأفضل أن تبقى في المواضيع الإجتماعية والدينية، ولا تسمح لقلمك أن يكون من أعوان الظلمة، لأن مصير هؤلاء أخيراً هو مع الظلمة أنفسهم
واسأل التاريخ
الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى