صفحات الناس

الحرية للكاتب فاروق حاج مصطفى وسائر سجناء الضمير في سورية

null
عبدالباسط سيدا
أقدمت السلطات السورية قبل أيام على اعتقال الكاتب السوري الكردي فاروق حاج مصطفى، المعروف بتوجهه الوطني واعتداله السياسي؛ وهو من المطالبين بالحوار الوطني بين مختلف المكوّنات السورية، على قاعدة احترام وحدة البلاد وخصوصية الانتماءات السورية؛ كما انه من المنادين بالحوار العربي- الكردي العام الذي تستوجبه مقتضيات التاريخ والجغرافيا والثقافة المشتركة.
إن اعتقال الأخ فاروق إنما هو إقرار صريح من جانب السلطات السورية يبين عدم قدرتها على تحمّل أي صوت يغرّد خارج الجوقة السلطانية، صوت يدعو إلى ضرورة التغيير لصالح سورية وطناً وشعباً. والأمر اللافت هو أن عملية الاعتقال هذه وغيرها من الاعتقالات الكثيرة التي تطال بصورة شبه يومية الناشطين السوريين من مختلف الانتماءات؛ إلى جانب الأحكام القاسية التي تصدر في المحاكم الصورية من دون أي سند قانوني – خاصة تلك التي استهدفت المعتقلين الكرد- تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات السورية مع العالم الخارجي انفتاحاً نسبياً مشروطاً بطبيعة الحال، الأمر الذي يؤكد أن السلطة المتحكّمة بمصائر البلاد والعباد في سورية مستعدة للتصالح مع أي كان من دون شعبها؛ بل إنها تستغل المصالحات الخارجية لتحوّلها إلى سياط إضافية تجلّد بها شعبها المنهك أصلاً بفعل تحكم الدولة الأمنية القائمة في سورية بكل مفاصل الحياة العامة والخاصة.
ما عرفناه عن الأخ فاروق قناعته الراسخة بأهمية الحوار، والتزام الاعتدال، وشجب التطرف بكل أشكاله؛ هذا إلى جانب تأكيده المستمر أهمية العيش المشترك بين سائر مكوّنات المجتمع السوري؛ ومن هنا كان حرصه على بناء أوثق العلاقات مع المثقفين السوريين العرب، ورغبته في مد جسور التفاهم والتواصل بينهم وبين المثقفين السوريين الكرد؛ وكل ذلك يتعارض مع التوجه الكيدي التقسيمي الذي تلتزمه الأجهزة الأمنية السورية، التي قد أخذت على عاتقها مهمة ترويض الشعب السوري، ليكون رعية صالحة تسير بموجب ما يغدقه عليها الرعاة الملهمون اللامرئيون من إشراقات نورانية، تسمو بالأجساد نحو آفاق عليا لا تحتاج عندها إلى مأكل أو مسكن أو ملبس؛ وحينئذٍ يتم الحلول، ويبلغ التلاحم بين الشعب والقائد- النعمة إلى مرتبة هيام تتقزّم في مواجهته كل الحاجات والمطالبات الدنيوية التي تخص عالم الفساد والزوال.
إن اعتقال الكاتب فاروق حاج مصطفى وغيره من سجناء الرأي والضمير في سورية إنما هو استهتار رسمي بكل مواثيق ومبادئ حقوق الإنسان التي أعلنت سورية نفسها التزامها بها عبر توقيعها على اللوائح الخاصة بها. ومن هنا فالدعوة موجهة إلى كل المنظمات المعنية بحقوق الكتّاب والإنسان، المحلية منها والإقليمية والدولية لتتدخل بصورة عاجلة من أجل إطلاق سراح الأخ فاروق وجميع سجناء الرأي والضمير في سورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى