بشير البكرصفحات الناس

شهادة مقدمة لملتقى وسائل الاعلام المتوسطية

null
بشير البكر- فرنسا/سوريا
حين استفسرت الزميل دومينيك انتوني رئيس “نادي الصحافة المتوسطية 06″،حول مشاركتي في هذا الملتقى لم اكن اتوقع انه سيضعني في موقف حرج،وهو الطلب مني الحديث عن وضع الصحافة السورية اليوم.إن مصدر حرجي هو اني اعيش بعيدا عن سوريا منذ اكثر من ربع قرن من الزمن،ولا صلة مباشرة لي بهذه الصحافة،كما انه لم يسبق لي أن عملت فيها،حيث بدأت مشواري المهني في الصحافة اللبنانية التي تعلمت فيها شروط المهنة،وهنا أشير إلى مسألة هامة وهي أن الصحافة اللبنانية هي الرئة الفعلية لسوريا،فكل ما يمنع نشره في سوريا يمكن نشره في لبنان،وكل من نشد العمل في صحافة حرة من السوريين كان عليه التوجه الى لبنان،حتى ان عميد الصحافة اللبنانية صاحب دار النهار العريقة غسان تويني اعتبر، ان قيام صحافة حرة في سوريا،سوف يؤدي إلى إضعاف الصحافة اللبنانية،ولا يعني ذلك فقط الفراغ الذي سيترتب على عودة الصحافيين السوريين للعمل في سوريا،وصعوبة الاستغناء عن خدماتهم وخبراتهم،بل كذلك على صعيد المادة الصحافية التي تأتي من سوريا،وهي مادة ثقافية وسياسية،وأشير هنا إلى ان النقاش الفعلي من حول الوضع في سوريا دار بين السوريين على صفحات صحيفتي النهار والسفير اللبنانيتين.
اعذروني إذا قلت لكم بأني لا أعرف عن الصحافة السورية اكثر مما يعرفه بعض الزملاء هنا، من خلال التقارير التي تصدر عن المنظمات المختصة مثل “مراسلون بلا حدود”، التي تصنف سوريا في مرتبة متدنية جدا على صعيد حرية الصحافة،لكن ما يعرفه القاصي والداني هو ان ما تفتقده الصحافة السورية هو الشرط الأول لممارسة هذه المهنة وهو الحرية ،وكما هو حال أي سلطة شمولية فقد وضعت السلطات السورية خطوطا حمر لممارسة المهنة،وكل من يحاول تجاوزها،يضع نفسه تحت طائلة قوانين الطوارئ التي تحكم سوريا منذ سنة 1963.
لن احصي لكم عدد الصحافيين الذين تم زجهم وراء القضبان، لانهم تجرأوا على تجاوز الحدود،لأن تقارير المنظمات المختصة تتحدث بالتفصيل عن ذلك، ولا داعي لتكرارها هنا،لكني اريد ان اغتنم الفرصة لأذكركم برمز لجميع هؤلاء هوميشيل كيلو الذي يقبع منذ ثلاث سنوات في السجن بسبب مقال كتبه في إحدى الصحف الصادرة في الخارج،ينتقد فيه الوضع السياسي القائم.إن جريمة كيلو باختصار شديد هي انه تجرأ على قول رأيه بصراحة،وإلا لما كان تعرض لما تعرض له،ولكن في نهاية المطاف ماذا يظل من الصحافي، إذا قبل التخلي عن رأيه؟.لقد عودنا تاريخ هذه المهنة أن هناك دائما من يدفع الثمن اكثر من غيره.
ميشيل كيلو ياسادة يقترب من نهاية سنته الثالثة في السجن،وأنا لا أطلب منكم أن تتضامنوا معه،لأني لست مخولا من قبله بطلب هذا الشيء من جهة،ومن جهة ثانية لو اردتم ذلك لكنتم فعلتم هذا الشيء منذ زمن طويل،لأن قضيته كانت معروفة للجميع،وأصدرت بصددها منظمة “مراسلون بلا حدود” بيانات دورية.أريد فقط أن ألفت انتباهكم إلى مسألة هامة، وهي انكم لا تساندون بما فيه الكفاية معركة حرية الصحافة في الضفة الاخرى،بل تكتفون بتصنيف صحافة تلك المنطقة وتضعون لها العلامات سنويا في سوء السلوك،ولا تذهبون ابعد من ذلك،نحو ممارسة واجبكم الاخلاقي في التضامن والوقوف بجدية الى جانب زملاء لكم يتعرضون لانواع القهر،بسبب حرصهم على كرامة المهنة.إذا كنتم تعتبرون اعطاء حق الكلام،أو تدريب كادر صحافي من تلك المنطقة هو نوع من انواع التضامن،فإني اقول لكم إن المسألة اخطر من ذلك بكثير،ووتوجب تحركا من نوع مختلف،لا حاجة بي لكي اشرحه لكم،لأنكم تعرفون ذلك اكثر مني.
حين نطلب منكم التضامن فنحن لا نستجديكم،بل ندعوكم لممارسة واجبكم  لانكم تتحملون قسطا  من المسؤولية عن الاوضاع المزرية على الضفة الأخرى،ليس فقط لأن حكوماتكم هي التي فبركت القسم الاكبر من الحكومات الشمولية هناك،بل لأنكم تمارسون الصمت حيال ما تتعرض لها المهنة من امتهان،وأريد أن اسألكم عن عدد المقالات التي تحدثتم فيها عن حرية الصحافة في سوريا وتونس ومصر وليبيا والعراق…إلخ؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى