صفحات سورية

سـلاح القمـة

null


ساطع نور الدين

إنه فقط الهجوم المضاد الذي تشنه الموالاة على معارضة بلغ بها الامر حتى الاعتقاد انها، بجمهورها وسلاحها وتحالفاتها الخارجية، انتصرت في معركة لم تخضها اصلا، لكنها اكتفت بالتلويح بها طوال الاشهر الماضية، وظنت انه بات بإمكانها ان تفرض شروطها كاملة، وتستعيد السلطة التي فقدتها في السياسة وتحاول استرجاعها من خلال الشارع.. وهو سلاح ذو حدين.

انه ايضا نوع من التحدي لتلك المعارضة التي افترضت في اكثر من مناسبة ان الموالاة صارت جاهزة للاستسلام، بعدما اضطربت صفوفها، وتخلى عنها حلفاء الخارج الاقوياء، ولم تعد تملك القدرة على المناورة، لا في الشارع ولا في غرف التفاوض، واهمها الغرفة العربية التي كانت ولا تزال تمثل حصن الغالبية وربما ايضا سلاحها الاهم في الاسابيع القليلة المقبلة، برغم كل ما بدا في الشهرين الماضيين من حرص عربي على الحياد الايجابي وعدم الانحياز.

اعتبارا من اليوم، دخلت الموالاة والمعارضة في صراع سياسي جديد، حول سبل استخدام سلاح المبادرة العربية، التي ولدت متعثرة في السادس من كانون الاول الماضي، وبلغت طريقا مسدودا بالامس لدى مغادرة الامين العام للجامعة عمرو موسى بيروت، من دون الاتفاق على موعد للحوار: من يتحمل مسؤولية عدم حضور لبنان القمة العربية المقررة في دمشق في نهاية الشهر المقبل، ومن يملك القدرة على افشال هذه القمة، التي قد لا تنعقد في مكانها وزمانها اذا غاب عنها رئيس الجمهورية اللبنانية.

وبعكس ما شاع في الفترة الماضية، فان القمة العربية ليست مناسبة عابرة بالنسبة الى دمشق، التي تعتبرها اختبارا جديا جدا لسياستها الخارجية وعلاقاتها العربية وحلفها الايراني، وتتعامل معها بصفتها فرصة ذهبية لتحقيق الكثير من المصالحات العربية.. وهي لا تزال حتى الان تتوقع ان تحضرها غالبية الزعماء العرب، حتى من دون وجود الرئيس اللبناني. ولعلها ايضا ترى ان تلك الغالبية ستساهم في عزل الذين يلوحون الان بالمقاطعة، بغض النظر عن حجم دولهم واهميتها، وستحرجهم امام شعوبهم وامام الامة كلها.

وبغض النظر عن صحة ذلك التقدير السوري، فان ما يقابله لا يخلو من الوهم ايضا، حيث يتنبأ كثيرون بان دمشق ستعمد في الايام او الاسابيع القليلة المقبلة او ربما في اللحظة الاخيرة الى حماية حقها في استضافة القمة العربية وضمان انعقادها في موعدها، من خلال التضحية بمواقعها اللبنانية القوية والضغط على حلفائها من اجل تسهيل انتخاب الرئيس وارساله فورا الى القمة.. مع ما يعنيه ذلك من اعتراف ضمني بالهزيمة في معركة سياسية جوهرية بالنسبة الى سوريا.

حتى الان، يبدو ان القمة هي عامل ضغط متبادل بين دمشق وبين خصومها العرب. لبنان حجة رئيسية، لكنها ليست الوحيدة. التورط اللبناني في ذلك الصراع امر طبيعي ومشروع. لكن أي خطأ في الحساب يمكن ان تكون له عواقب وخيمة على الموالاة التي تترقب نصرا اشد صعوبة من النصر الذي تدعيه المعارضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى