صفحات من مدونات سورية

مؤامرة…!

بعض المشاغل، والمزاج الرائق الذي أتمتع به هذه الأيام منعاني من التدوين. لا اكتب كثيرا إلا إذا كان مزاجي متعكر…
وعلى أي حال، كنت منعت نفسي عن الكتابة، لان السياسية كانت تحتل حيزا من تفكيري، وانا لا أريد الكتابة في السياسة، فهذه ترف لا طائل منه،،، فـ”من أنا لأقول لكم ما أقول لكم”…!
ما علينا،،،
مع ذلك، فقد صدف إنني كنت أعيد قراءة رواية الجنوب أفريقي، الحائز نوبل للآداب، ج. م. كوتزي، في انتظار البرابرة،،،
كوتزي، استعار عنوان روايته من قصيدة شاعر “الاسكندرية” الكبير قسطنطين كفافيس، في انتظار البرابرة، وكفافيس هذا الذي ذكر الراحل محمود درويش بالبوليس والقمع وفرانز كافكا، سيد الأدب الغرائبي / الكابوسي،،،
“يعجبني كثيرا صمت رامبو،، أو رسائله التي نطقت بها إفريقيا،، وخسرت كفافيس،، قال لي: لا تترك الاسكندرية بحثا عن غيرها، فوجدت كافكا تحت جلدي ملائما لعباءة البوليس والكابوس فينا، حريتي فوضاي، ارفعوا عن يداي،،،”، محمود درويش،،،
كافكا، كفافيس، كوتزي ودينو بواتزتي…
دينو بواتزتي هذا، ايطالي، كتب رواية شهيرة عنوانها :” صحراء التتار”، لا اعرف ما إذا كان بواتزتي “استعار” فكرة كفافيس لنسج روايته كما فعل كوتزي،،،
على كل، رواية “في انتظار البرابرة”، مثل قصيدة “في انتظار البرابرة” مثل رواية “صحراء التتار”، كلها إعمال أدبية خالدة تقوم على فكرة “خلق عدو وهمي”، وإشغال الناس بالخطر الخارجي، لصرف أنظارهم عن المشاكل الداخلية،،،
لكن هذا ليس أدبا وحسب، بل واقع…
خذ مثلا تصريح وزير الداخلية الأردني السيد نايف القاضي عن “المؤامرات الخارجية”،،،،
خذ مثلا “اصطناع” النظام المصري لعدو جديد اسمه “الجزائر”،،،،
طبعا الأمثلة كثيرة،،،،
لكن، هناك أمر ما، فطالما العدو الخارجي وهمي ومصطنع، فان البرابرة، أو، التتار لا يظهرون في نهاية روايات كوتزي وبتزاتي، أو، قصيدة كفافيس،،،
في قصيد كفافيس، يتجمع الناس في انتظار البرابرة، يتعطل البرلمان والدولة، لكنه ينهي قصيدته بالمقاطع التالية:
“لماذا تقفر الشوارع والميادين بسرعة،
ويعود الجميع إلى بيوتهم وقد شغلهم التفكير؟
لأن الليل قد أقبل، ولم يحضر البرابرة ،
ووصل البعض من الحدود،
وقالوا إنه لم يعد للبرابرة وجود.
ماذا سنفعل الآن بلا برابرة ؟
لقد كان هؤلاء الناس حلاً من الحلول…”.
في الأدب يحصل ان لا يأتي البرابرة، او، لا تتحقق المؤامرة الخارجية، لكن في الواقع قد يحصل ان يخلق وزير الداخلية عدو ما ليصبح حقيقاً، قد يكون الإعلام، وقد تكون دولة ما،، ومصر، مثلا، وجدت الجزائر،،،
طيب،،،
اذا لم يجد الوزير عدو، سوف يخلق حالة وهمية اخرى، للفت انظار الناس وتركهم ينتظرون حصول امر ما،،،
وهنا ينافس الوزير الكاتب الشهير صموئيل بيكت صاحب مسرحية “في انتظار غودو”، وهكذا يترك الناس في انتظار أمرا لا يعرفونه، امرأ ما لن يأتي ابداً….
بس المشكلة كمان ما بتوقف هون،،، اذ ان المسؤول العربي قادر على وضع المواطن في اجواء اشد كابوسية من اجواء كافكا،،، فعندما يتحدث الوزير مثلا عن “الاعلام ودوره في المؤامرة الخارجية”، غير الموجودة اصلا، فهو يضع الاعلاميين في حالة اتهام بتهم غير مدركة، وكانهم “السيد ك” بطل رواية “المحاكمة” لفرانز كافكا….
http://www.mohomar.com/mohomar/66180/2009/11/25/303594-…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى