الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات سورية

الأسد يرسم في طهران صورة دوره حيال الغرب

null
روزانا بومنصف
هل من انعكاسات على لبنان أم هناك مبالغات داخلية؟
حين يكون الرئيس السوري بشار الاسد الزعيم الاجنبي الأول والوحيد الذي يزور طهران لتهنئة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد باعادة انتخابه، فانما يوجّه رسالة مباشرة الى الاميركيين خصوصاً، وفق ما ترى مصادر متابعة، فحواها ان لا ضرورة لان يكون الانفتاح على سوريا مرتبطا بقطعها علاقتها بايران وفقا لمبدأ العمل الذي افادت كل المعطيات والتحركات الغربية بوجوب اتباعه للفصل بين الدولتين. فسوريا التي شكرها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على وساطة نفتها طهران في موضوع احتجاز الفرنسية كلوتيلد رايس، هي بالذات تلك الصورة التي ترغب سوريا في ايصالها الى الغرب، وخصوصا انها الدولة الوحيدة ربما التي يمكن ان تضطلع بهذا الدور مع طهران. والزيارة لطهران ارادت منها دمشق ان تقدم البرهان على ما كانت تسوّق نفسها من اجله لدى الولايات المتحدة والغرب عموما، وذلك في مواقف سياسية معلنة وغير معلنة، وهي انها يمكن ان تضطلع من خلال علاقاتها المتينة بايران بدور الوسيط في تقريب وجهات النظر، ردا على مطالبتها بفك التحالف بينها وبين طهران في ما سمي – ولا يزال – المحور الايراني – السوري في المنطقة، والذي ترك آثاره ولا يزال على جملة امور في المنطقة وكان مثار خلافات مع الدول العربية الرئيسية.
ففي الكلام الذي صدر خلال اللقاءات التي عقدها الرئيس السوري مع المسؤولين الايرانيين، الكثير من الاستهلاك الداخلي الموجّه الى الشعب الايراني الذي لم يخرج من الازمة الرئاسية بعد. لكن هذا الكلام  لم يخرج في الوقت نفسه على سقف معين اعتاده خصوصا الرئيس الايراني في توجهه الى الغرب ومخاطبته زعماء بتعابير خاصة به، اقله  بالنسبة الى من تابعوا هذه اللقاءات وما صدر عنها علنا. اذ ان نجاد حرص على الخطاب نفسه في المبدأ لتأكيد عدم ضعفه شخصيا وضعف النظام نتيجة الاحداث التي تشهدها طهران، ولكنه لم يبد في الوقت نفسه بعيدا من لغة مختلفة جديدة يمكن اعتمادها تحت ستار القوة الظاهرة، وذلك  في انتظار ان يظهر ما اذا كان الرئيس السوري سيخرج بأمر عملي قد يفتح باب الحوار او ما شابه، وما اذا كان سيسهل اكثر طبيعة علاقاته مع الاميركيين ويعجّل عملية التطبيع معهم.
فسوريا  تبرز من خلال هذه الزيارة الصلة الممكنة المحتملة لعملية اخذ ورد بين ايران والغرب عشية استعدادات الاخير لفرض عقوبات جديدة على ايران بعد ايلول المقبل، المهلة التي كانت حددتها الولايات المتحدة لايران لتتجاوب مع الاقتراحات القاضية بوقفها تخصيب الاورانيوم وتدافع في الوقت نفسه عن هذه الصلة وتبرز اهميتها وفائدتها على نحو لا يمكن انكاره كما حصل مع الطالبة الفرنسية، فضلا عن انها تسعى الى استعادة موقعها الاقليمي من خلال استعادة بعض ادوار الماضي في التقريب بين ايران والدول العربية او دول اخرى.
وينظر الى هذا الدور الذي تسعى سوريا الى الاضطلاع به على اثر الزيارة التي قام بها الرئيس العراقي نوري المالكي لدمشق قبل يوم واحد من توجه الاسد الى طهران، على انها ابعد في الواقع من تهنئة نجاد بإعادة انتخابه وفق ما اعلن، وذلك بعدما استقبلت دمشق مسؤولين عسكريين اميركيين وناقشت معهم امن العراق والحدود السورية – العراقية، مما اثار احتجاج العراق على مناقشة الوضع الداخلي للعراق في سوريا ومعها من دون وجود المسؤولين العراقيين. اما المعلومات التي افادت ان المحادثات العسكرية  الاميركية – السورية سارت في اتجاه تقويم ضباط عسكريين من الطرفين الوضع الامني على الحدود السورية العراقية من اجل اتخاذ مزيد من الاجراءات لضبطها وفق ما كشفت مصادر اميركية، فأمر يحتاج كما امور اخرى الى طمأنة ايران بالنسبة اليه .
لذلك تأتي هذه الزيارة على خلفية تمايز، وبعضهم يقول على خلفية تجاذب حقيقي بين سوريا وايران لسعي دمشق الى اكساب دورها اهمية على حساب طهران، اذا صح التعبير كما هي الحال بالنسبة الى الطالبة الفرنسية التي نفت الخارجية الايرانية تكرارا  وساطة سوريا معها من اجل اطلاقها، وثمة من يقول تجاوز ايران في موضوع يتصل بالطائفة الشيعية في العراق.
والدور الذي تحاول سوريا ان تؤديه في مجال تعزيز اوراقها وتحسينها في المنطقة ينتظر كثر في لبنان ظهور نتائج له وما اذا كان سيرتب اي شيء يتصل بالداخل اللبناني على اساس الاعتقاد ان التقارب السعودي – السوري  ربما يكون ازعج ايران التي لم يتمالك الرئيس المصري حسني مبارك عن مطالبتها خلال زيارته قبل ايام قليلة بوقف تدخلها في لبنان وفلسطين، الامر الذي عزز الانطباع بان وراء العرقلة الداخلية ما وراءها من تدخلات خارجية، ويستدل عليها من صمت المعارضة، ليس على السقف المرتفع في شروط العماد ميشال عون والحقائب الوزارية التي يطالب بها بل ايضاً على اعتباره الصيغة الحكومية التي تم الاتفاق عليها قد انتهت، الامر الذي لم يلق تعليقا واحدا من حلفاء عون، علما ان الرئيس نبيه بري والمسؤولين في “حزب الله” جهدوا في تأكيد التمسك بالصيغة الحكومية غداة المواقف التي اعلنها النائب وليد جنبلاط.
فهل يجب توقّع اي جديد في ضوء هذه التطورات الاخيرة، ام ان توقعات اللبنانيين حول شأنهم الداخلي مبالغ فيها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى