صفحات العالمما يحدث في لبنان

«سعد» وليلة في دمشق

طالب شاهين
وصفت زيارة سعد الحريري إلى دمشق بالتاريخية، وليعذرنا الوصافون أن نخالفهم مؤكدين أنها زيارة جغرافية باقتدار، حيث قدر الجوار يفرض أجندته على كل الأطراف، مع اعتذارنا المسبق للتاريخ الذي يصرخ في هذه اللحظة مذكراً بأن الحدود مصطنعة بمشرط الغرباء، فما بالكم أيها القوم استسلمتم لفعل التقسيم ومارستم اجترار الواقع على منطق النصب المصطنعة.
الحريري الابن الذي لم يمتلك بعد روح المخضرمين أصحاب تراكم الخبرات في السباحة في الدهاليز المظلمة بدا قلقاً وهو يقطع بضع خطوات إلى الأسد الابن، والذي علمته سنين السياسة كيف يمتص توتر الاستقبال الأول وباحتراف لا يخلو من قراءة ذكية لرئيس تيار المستقبل.
وحسب تعليق تلفزيون الجديد فإن التعاطي المرن للرئيس السوري بشار الأسد كسر الجليد مع رئيس الحكومة اللبنانية وذلك لمعاملته له كالرفيق، ومن عشاء إلى فطور ودردشات، وصولًا إلى قيادة الأسد للسيارة وعلى يمينه الحريري، مروراً بحديث ترسيم الحدود والذي افتتحه سعد، فما كان من بشار إلا أن رد قائلً «ارسمها وخذ المزة في الطريق لأنك ستخفف العبء عني».
ليس هناك ثمة حاجة إلى الفلسفة في قراءة النتائج المتوقعة للزيارة، والتي عبر عنها الحريري شعراً منثوراً في المؤتمر الصحافي الذي عقده في السفارة اللبنانية «السما زرءا» معلناً علاقات جديدة بين البلدين، والتي ستشهد ترجمة عملية بزيارة أخرى على رأس وفد وزاري كبير، فإثارة الزيارة والحميمية المستنفرة فيها تداخلت هنا مع قراءة المحتوى المتوقع، بل إن التوجه في تحليل الأبعاد يذهب إلى هناك.
حيث يقبع الراقصون على الجراح من أمراء الموالاة والمعارضة، فرفع المراسي على أشده لإعادة توجيه مسارات السباحة على أساس أن الحال يغني عن السؤال، والأطياف ليس لها من خيار غير العبور إلى بوابة الشام والوقوف بأرض الميعاد من أجل ضخ الشرايين بمدد البقاء تحت الأضواء، وأما شعارات الأكثرية والأغلبية فهي تكتيك أمام الاستراتيجية الحتمية مع الجارة التي لا فكاك منها لدى البعض، ولدى آخرين لا غنى عنها وما بعد ذلك تفاصيل تعود عليها الشعب اللبناني، وهو يؤدي دوراً أُجبر عليه في مسرح الكل يرقص فيه باحتراف، مع غياب قسري للنص الذي يطمئن الأفئدة بنهاية سعيدة لهذا العرض الذي يتوالى فصولًا.
هو إذن قرار تسكين الساحة اللبنانية وفقاً لتوافق إقليمي، أو هي الأقدار تعطي حتى الفرقاء مساحة للاطمئنان حيناً من الدهر، وهي سانحة تبريد على جبهة ساخنة نتمنى لها طول بقاء.
ويبقى.. ترقب زيارة خاصة جداً من سعد الابن إلى قبر الحريري الأب لكي يهمس له بما لم يستطع أن يتفوه به لأحد من المقربين.
البيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى