صفحات ثقافية

راشيل لسيمون بيتون: فيلم مشغول بذهنية جنائية يضفي على التوثيق مسحة درامية مؤثرة

null
طارق عبدالواحد
من غير المستبعد، أن يكون فيلم ‘راشيل’ ( لمخرجته سيمون بيتون، 2009) أحد الأسباب الإضافية التي دفعت عائلة الناشطة الأمريكية راشيل كوري إلى رفع قضية مدنية في المحاكم الإسرائيلية، للمطالبة بدية الابنة، بعد 7 سنوات من دهسها ببلدوزر عسكري إسرائيلي، من نوع دي-9، زنته 65 طناً، في 16 شباط ( فبراير) من العام 2003، خلال احتجاجها السلمي، مع مجموعة من النشطاء البريطانيين والأمريكيين الآخرين، على تهديم بيوت الفلسطينيين وتجريف الأراضي الزراعية في منطقة رفح، في قطاع غزة، قريباً من الحدود المصرية.
فالفيلم، الذي تصر مخرجته خلال لقاءاتها الصحافية المتعددة، على أنها لم ترد للحظة لفيلمها أن يكون فيلماً عاطفياً وجارحاً ومؤثراً، بقدر ما أرادته أن يكون فيلماً موضوعياً ومهنياً وتحقيقياً، يخرج في الواقع عن هذا السياق، لصالح بث رسائل عاطفية ووجدانية مؤثرة، تجعل الكفة تميل إلى إدانة الطرف الإسرائيلي، وتحميله المسؤولية القانونية والأخلاقية. ولعل هذا الهدف، يتطابق مع ما ترمي إليه عائلة راشيل، التي تطالب بدية قيمتها دولار واحد، في ترميز يقصد من خلاله تثبيت مسؤولية ‘جيش الدفاع الإسرائيلي’ في تلك الحادثة التي هزت الضمير العالمي، وتناقلتها جميع وكالات الأنباء.
والفيلم الذي يبدأ بكناية بصرية، في المشهد الأول، حيث تتحرك الكامير البطيئة ماسحة فضاء مكانياً وحيزاً مزدحماً بالبيوت، بدءاً من مشهد قبة الصخرة اللامعة بذهبها الشهير، وانتهاءً .. حين تتوقف عند مدخنة يتصاعد منها الدخان، في إشارة عميقة لما يحاك ( أو، لما يطبخ، حسب التعبير الإنكليزي) خلف المناظر الهادئة، أو تحت المياه الراكدة إلى درجة أنه.. من الصعب التغاضي عن، أو نسيان، هذا المشهد، خلال متابعة المئة دقيقة، التي هي زمن الفيلم. وبالتالي، يمكن الافتراض، أن المخرجة الفرنسية ذات الأصل اليهودي المغربي، سيمون بيتون، تلجأ إلى المراوغة أو المخاتلة ربما في الأجوبة التي ترافق عروض الفيلم. ولمثل هذه السلوكيات ما يبررها بالطبع، كون الفيلم يأتي على هامش قضية صعبة ومعقدة، تتواجه فيها روايتان متناقضتان إلى حد كبير، ويزيد في التباسهما استعمال الطرفين للمعجم ذاته، في جميع الحقول السياسية والتاريخية والثقافية وحتى.. الدعائية، فالفلسطينيون والإسرائيليون يستعملون المفردات والمصطلحات ذاتها تقريباً في سياق عرضهم لقضاياهم والدفاع عنها أو تسويقها في العالم، وجذب التعاطف إليها.
وحتى في فيلم ‘راشيل’ ثمة روايتان متناقضتان، كل واحدة منهما تحاول حشد جميع الأدلة والبراهين لنقض الرواية الأخرى ودحضها، بحيث يبدو أنه من المستحيل فض الاشتباك بين وعيين ‘عدوين’ إلى درجة يبدو معها الفيلم في بعض المشاهد، وهو يغوص في التفاصيل الصغيرة، فيلماً عدمياً ومرهقاً. ولكن المخرجة تستطيع ببراعة إنقاذ المُشاهِد من ذلك الشعور الخانق، بضخ كميات من الهواء النقي، ومن الأسئلة الصادمة، تعيد للفيلم قوته وحيويته.
فالرواية الفلسطينية، ومن خلال شهود عيان فلسطينيين عرفوا راشيل كوري وأصدقاءها، وأطعموها وأسكنوها بيوتهم، وراقبوا عن كثب الفتاة الأمريكية التي جاءت من وراء المحيطات لتشارك رفقاء آخرين، في تكوين دروع بشرية، لصد زحف البلدوزرات العملاقة، والدبابات المؤللة المرافقة بغرض الحماية، تصر وتقدم كل أسانيدها ( الشفوية) بأن راشيل دهست عمداً، أو بالمعنى القانوني، عن سابق إصرار وتصميم، في حين تجهد الرواية الإسرائيلية في حشد أدواتها وأدلتها من صور ورسوم ووثائق.. لدعم وجهة النظر المضادة، بأن راشيل قتلت عن طريق الخطأ، ومن دون نوايا مسبقة، بل لسبب تقني خالص، وهو عدم تمكن سائق البلدوزر من رؤيتها.
ولدحض الرواية الإسرائيلية، التي ينصت لها الفيلم بأناة، بغرض توريط الجانب الإسرائيلي، تصعد الكاميرا إلى كابينة السائق، في البلدوزر، وتختبر احتمالات الرؤية عبر النوافذ، في شبه تأكيد على دحض الذرائع التقنية التي يجهد محققو جيش الدفاع الإسرائيلي، في فرضها كأدلة لا تقبل البطلان.
واللطيف في هذا السياق، أنني وخلال لقاء مع والدة راشيل ( سيندي كوري) خلال حفل أقامه ‘فريق السلام في ميشيغن’ في مدينة ديربورن الأمريكية ( في 5 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي)، حيث كان فيلم ‘راشيل’ مفتاحاً للحديث مع الأم التي تستكمل معركة ابنتها، وقد أخبرتني خلال دردشة قصيرة ( وبعد قليل، ذكرت ذلك خلال إلقائها كلمتها في الحفل الذي استلهم ذكرى راشيل كوري والمفكر ادوارد سعيد)، بأن المحققين الإسرائيليين الذين ذهبوا إلى قاعة المحكمة، والذين ساقوا أدلة وبراهين تدعي أن السائق لم يتمكن من رؤية راشيل وهي تقف على مسافة تتراوح بين الأربعين والخمسين متراً، لم يصعدوا إلى كابينة السائق ولم يختبروا بأنفسهم صحة تلك المعلومات، كما تبين للمحكمة لاحقاً.
وبين الروايتين المتناقضتين، الفلسطينية والإسرائيلية، تلجأ المخرجة بيتون إلى شهود عيان آخرين، لا يتحدثون العربية أو العبرية، هم أصدقاء راشيل وزملاؤها، ليدلوا بشهاداتهم. وقد أجمعت شهادات جميع النشطاء ( الذين ينتمون إلى ‘حركة التضامن العالمي’) على أن السائق قام بدهس رفيقتهم راشيل عمداً.
وكان يمكن لتلك الشهادات أن تكون سبباً مرجحاً يمكن الركون إليه والاعتماد عليه، لكن الميل والهوس ‘بالتحقيق الجنائي’ لدى المخرجة، يأخذها إلى جمع أدلة إضافية، طالما أنه لا يمكن الوصول إلى إيجاد دليل قاطع ودامغ، وطالما أنه لا مجال ممكناً لإعادة تمثيل الجريمة. وتذهب بيتون إلى مقابلة ( الأحرى التحقيق مع) جندي إسرائيلي في الـ 25 من العمر، خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة 3 سنوات في مناطق أريحا وغزة وطولكرم وقلقيلية ورام الله، في مشهد قاس يبدو وكأنه خارج السياق، ولكنه يدخل ضمن السياق النفسي للمخرجة التي أخذت تسأل ذلك الجندي أسئلة تـُحدث من الصدمات أكثر مما تحدثه الإجابات، مستفيدة، ربما، من خبرتها بالذهنية والعقلية الإسرائيلية، خاصة وأن بيتون كانت قد خدمت جندية في الجيش الإسرائيلي خلال حرب تشرين الأول ( أكتوبر)، عام 1973، قبل أن تتحول إلى نصيرة للسلام، وتبدأ اهتمامها الفني في إرساء مفاهيم راسخة للسلام ومحاولة فهم الآخر، عبر أفلام تسجيلية ووثائقية، في مقدمتها أفلام ‘الجدار’ و’ محمود درويش’ و’ المواطن بشارة’.
وفي ذلك المشهد الذي يبدو للوهلة الأولى لا علاقة له بحادث مقتل فتاة أمريكية ودهسها بشفرة بلدوزر عملاق، تسأل بيتون الجندي الذي يدير ظهره للكاميرا: قل لي.. عندما تقول ‘كنا نطلق النار قليلاً’ فإن ذلك يعني أنكم كنتم تطلقون الكثير من النيران، صح؟ ويجيب الجندي: نعم.. (..).
والذي قامت به بيتون هنا، هو فك الشيفرة اللغوية، الذي يؤدي تجاهلها، أو عدم الانتباه لها، إلى تعقيد الحوار، بلا أدنى شك، وإلى زيادة الغموض، واستفحال الاستغلاق، بين جماعات بشرية يتكلم معظم أفرادها العبرية والعربية والإنكليزية ولكنهم لا يفهمون بعضهم بعـضاً، فعندما تصبح جملة ‘كنا نطلق النار قليلاً’ تعني ‘كنا نطلق الكثير من النيران’، تصبح اللغة أداة للتحايل، والمخادعة، والمناورة، بدل أن تكون أداة تواصل وتفاهم. وفي سياق كهذا يصبح مفهوماً ومضحكاً ما روته السيدة سيندي كوري، حين قالت في الحفل إياه، إن المترجم الإسرائيلي في المحكمة، والذي كان يقوم بالترجمة من الإنكليزية إلى العبرية وبالعكس، لم يعرف الكلمة العبرية المرادفة لكلمة ‘الاحتلال’ الإنكليزية ( ربما لأن الكلمة غير موجودة أصلا، أو لعله لا يريد قولها) الأمر الذي لم يضحك المحتفلين الأمريكيين فحسب، بل حتى أنه أضحك الحاضرين في قاعة المحكمة الإسرائيلية نفسها، بحسب سيندي كوري.
ولهذا فالمشهد مع الجندي السابق في جيش الدفاع الإسرائيلي، والذي تديره المخرجة ببرودة أعصاب، يصبح حواراً يقصد منه.. اختبار الضمير اليهودي، أو رصده في لحظة تطهر نادرة، في جلسة اعتراف، يصح فيها تماما أن يكون الوجه متوارياً ومخبأ، لا بسبب الخجل الشخصي، أو الحاجة الأمنية، بل ليصبح الجندي رمزاً حاملاً للمعنى الإسرائيلي برمته، ( وقد يكون في متابعة جزء إضافي من الحوار مغزى أوضح):
– هل هدمت أياً من المنازل؟
– لم يكن الهدم ضمن مهماتي. ولكنني كنت أقصف عندما كانت بلدوزرات ‘دي 9’ تهدم البيوت. كنا نطلق النار بكثافة.. لإخافة قاطني البيوت، ودفعهم الى المغادرة. عندما جئت إلى ( رفح) في المرة الأولى كانت البيوت تحاذي الجدار ( جدار الفصل) وتتاخمه، وعندما غادرت كان الشريط المتاخم للجدار بعرض 800 متر خالياً من المنازل. لقد أزلنا جميع تلك البيوت.
– هل قتلت أناساً؟
– نعم.
– الكثير منهم؟
– تقريباً.. نعم.
– هل كان بينهم أناس أبرياء؟
– أنا متأكد من أنه كان. وأنا متأكد من أنه كان بينهم إرهابيون. ولكن كان بينهم امرأة وطفل.. بريئان. أما البقية فلست متأكداً تماماً بشأنهم.
(….)
– عندما تقول ‘كنا نطلق النار قليلا’، أنت تعني أنكم كنتم تطلقون الكثير من النيران، صح؟
– نعم.. كانت لدينا أوامر لإطلاق النار كل ساعة. فقط لإخافتهم. وهكذا كنا نطلق النار كل ساعة على البيوت والنوافذ وخزانات المياه. واذا كان قائد القطعة في فترة استراحة.. كنا نطلق النار من أجل التسلية..
– كنت تطلق النار أحياناً بقصد التسلية؟
– نعم.
– هل أطلقت قنابل؟
– لا.. القنابل كانت للمجموعات المسلحة أو الآليات. لا.. لم نكن نطلقها بقصد التسلية.
– قلت.. إنك كنت تطلق النار على خزانات المياه؟
– نعم، لأن ‘الآرتيشوك’ وهو نظام مناظير ليلية تمكن بها رؤية خزانات المياه.. اعتماداً على حرارتها. عندما كنا نفجر تلك الخزانات كنا نرى منظر المياه ( المطرطشة) جميلاً من خلال تلك المناظير، وهذا هو السبب وراء تفجيرها..
– ألم تفكر بأنها مياه شرب ثمينة؟
– أبداً.
– كيف يمكن لأحد، ألا يفكر أنها كذلك؟
تحاول المخرجة سيمون بيتون خلق الانطباع لدى المشاهدين والمتابعين بأن الفيلم لا يتناول السيرة الذاتية للناشطة الأمريكية راشيل كوري، بل يؤلف حبكته من حادثة قتلها، ويكتفي بها ( هل من فرق؟) وما يتصل بذلك من تعقيدات وتفريعات وتأثيرات الصراع العنيف والمستمر في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فالمخرجة لا تقارب الكثير من المحطات في حياة راشيل، ولا ترصد العوامل التي ساهمت في تفتح وعيها، أو الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ ذلك القرار بالقدوم إلى فلسطين، الذي وصفته راشيل في إحدى رسائلها ‘بأنه أهم قرار اتخذته في حياتي’. لا تفعل المخرجة ذلك إلا في أضيق الحدود، ولا تناوش إلا ما يخدم في بناء فكرتها المسبقة، فعلى الرغم من توفر مقطع فيديو تظهر فيه راشيل وهي في العاشرة من عمرها، في ‘مؤتمر صحافي لطلاب الصف الخامس حول الفقر في العالم’، في العام 1990، ( وكانت التلفزيونات الأمريكية قد بثت ذلك الشريط في وقتها)، إلا أن بيتون تهمل ذلك الشريط، الذي يحمل بذرة المصير التراجيدي لطفلة ربما قادها قدرها الشخصي إلى التوجه إلى فلسطين والموت فيها.
في مقطع الفيديو ذاك تقول الطفلة راشيل: ‘أنا هنا من أجل الأطفال، أنا هنا لأنني أهتم، أنا هنا لأن الأطفال يعانون في كل مكان، ولأن أربعين ألفاً من الناس يموتون يومياً بسبب الجوع،…. إلخ’. كان لافتاً أن بيتون لم تستخدم ذلك الفيديو، في فيلمها، على الرغم من أن معظم الأفلام، أو حتى الاحتفالات التي تنظمها المنظمات أو الجمعيات المتنوعة التي تحتفل بتراث راشيل كوري، تستحضر ذلك المقطع، وتعرضه، رغم أن المقاربة الأولى للكلمات التي قالتها راشيل، بنت العشر سنوات، قد تصلح للقول، أو للتصدير، عند الحديث عن أطفال فلسطين. وتصلح الكلمات ذاتها، أيضاً، لأن تكون لسان حال المخرجة سيمون بيتون، التي آلمها الحصار والحرب الإسرائيليان على قطاع غزة في العام 2007، هي التي قالت: ‘لقد أردت فعلاً أن أصنع فيلماً عن غزة، وأن أروي قصة تمكنني من الحديث عن القطاع’. وربما كان فيلم ‘راشيل’ مناسبة لا تضاهى، للحديث عن غزة واستحضار مأساتها وأحوال أبنائها الواقعين تحت ظروف حصار ولا أقسى، ولكن ذلك الحديث جاء عن طريق جانبية، عن طريق إعادة رواية مقتل راشيل كوري، فمما لا شك فيه أن بيتون لم ترد أن تفقد السيطرة على خيوط القصة، وعلى لكنة الراوي، المتأني والدقيق، ولا غرابة إذن، والحال هذه، أن نشعر طوال الفيلم بأن فيلم ‘راشيل’، مشغول بذهنية جنائية أكثر منها فنية، لكن بخبرة إخراجية تنجح في خلق ثنائيات درامية فرعية، إضافة إلى الثنائية الرئيسية المتمثلة بثنائية الفلسطيني- والإسرائيلي، مثل: ثنائية مدنية- عسكرية، ثنائية شفوية- توثيقية، وأخيراً الثنائية الرائعة: راشيل – البلدوزر.
وفيما يخص الثنائية الأخيرة، ثنائية راشيل – البلدوزر، تنجح بيتون في إدارة هذه ‘العلاقة’ بطريقة يبدو فيها الفيلم حائزاً عناصر رعب ( الرعب الذهني)، فالبلدوزر العملاق بهديره وقوة جنازيره وغطرستها وهي تجذب انتباه الكاميرا، يظهر وكأنه حيوان أسطوري هائل وفظيع، ولا يمكن السيطرة عليه إلا بتعويذة سرية. وفي كل مرة يظهر فيها البلدوزر، تنتاب المشاهد موجات هلع وقشعريرة وخوف تخالط بعضها بعـضاً، خوف من البلدوزر ‘وحيوانيته’ وخوف من أن ينسى البطل ( راشيل، أو رفاقها) تلك التعويذة، فتخرج الآلة عن السيطرة. وفي واحدة من الذرى الدرامية الفرعية، وفي أكثر المشاهد تأثيراً، يردع الناشطون البلدوزر العملاق، بالصراخ في وجهه: توقف!.. يحاول البلدوزر إخافتهم فيجعر بأقصى طاقته، وبإطلاق سحابة هائلة من الدخان الأسود، ولكن الناشطين يثبتون، فيتراجع البلدوزر، ويخلي مكانه بسرعة فائقة، لدبابة لا تقل حيوانية وغطرسة، ولكن الشبان يصمدون.. باستعمال التعويذة ذاتها.
وتصبح تلك اللعبة مع البلدوزر لعبة روتينية، وهذا هو سر خطورتها، ففي اللحظة التي لم تعد فيها راشيل بحاجة إلى التعويذة، ينقض عليها البلدوزر ويقتلها.
في النهاية يمكن القول إن الفيلم يشكّل، في جملة ما يشكل، مناسبة سعيدة لمحبي راشيل كوري والمعجبين بها. وقد عبرت والدتها خلال لقائي بها، عن تلك السعادة، فقالت ‘أن يأتي فيلم بعد 7 سنوات من الحادثة، فهذا يعني أن راشيل ما تزال حية في ضمائر الكثيرين، وأن عدد الذين يستلهمون قصتها يتضاعف يوماً بعد يوم، حتى في داخل إسرائيل نفسها، وفي حيفا.. حيث من المنتظر انعقاد جلسة محاكمة أخرى في 22 كانون الأول ( ديسمبر) القادم’.
والأرجح أن يبقى هذا الفيلم، على الرغم من عديد الأفلام التي تناولت قصة الناشطة راشيل كوري، والأفلام التي ستتناول قصتها في المستقبل، واحداً من أهم الأفلام التي تتناول حادثة مقتل راشيل كوري، ربما لسبب خارجي هذه المرة، خاصة إذا أردنا تصديق ما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش للمخرجة سيمون بيتون، صاحبة فيلم ‘محمود درويش’،( العام 1998): ‘هل تعلمين لماذا نحن الفلسطينيين مشهورون؟ لأنكم أنتم أعداؤنا. إن الاهتمام بنا نابع من الاهتمام بالمسألة اليهودية. نعم.. الاهتمام بك.. وليس الاهتمام بي أنا’.
وتوازياً، وتقاطعاً، قد تصح مخاطبة سيمون بيتون، التي تفضل أن تطلق على نفسها ‘اليهودية العربية’: ‘نعم.. الاهتمام بك، وليس الاهتمام براشيل كوري’!
جدير بالذكر، أن فيلم ‘راشيل’ قد بُدىء بعرضه جماهيرياً في الولايات المتحدة الأمريكية، في الفترة بين 8 – 14 تشرين الأول ( أكتوبر) في صالة ‘أنتولوجي فيلم آركايف’ في مدينة نيوريوك، كما أنه من المتوقع أن يعرض في صالات أخرى في عدد من الولايات الأمريكية، وكان قبل ذلك قد شارك في مهرجانات سينمائية مرموقة خلال العام الماضي، مثل مهرجان ‘تربيكا’ في نيويورك، ومهرجان برلين في ألمانيا، إضافته إلى مشاركته في ‘مهرجان الأفلام اليهودية في سان فرانسيسكو’ على الرغم من احتجاج المجتمع اليهودي المحلي.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى