ما يحدث في لبنان

حسـد

null

ساطع نور الدين

هذه الغيرة الفلسطينية من لبنان ليس لها علاج، كما ليس لها مبرر على الاطلاق. وهي قد بلغت حدا لا يوصف منذ توقيع اتفاق الدوحة اللبناني في 21 ايار الماضي، الذي ينظر اليه الاشقاء الفلسطينيون جميعا، في الداخل والشتات، بعين الحسد، ولا يفهمون لماذا لا يصيبهم بعض مما اصاب اللبنانيين من رعاية وعناية عربية..

وقد تفاقم هذا الشعور الفلسطيني نهاية الاسبوع الماضي، عندما كشف النقاب عن القناة السنغالية للحوار بين حركتي فتح وحماس في دكار برعاية الرئيس السنغالي والرئيس الحالي لمنظمة المؤتمر الاسلامي عبد الله واد، الذي جمع موفدين من الحركتين في اول لقاء من نوعه من اصل سبعة يتوقع الوسيط السنغالي الا تنتهي فقط الى مصالحة داخل العائلة الفلسطينية بل الى تسوية فلسطينية اسرائيلية ايضا..

لم يدرك الاشقاء الفلسطينيون مثلا لماذا بات عليهم الذهاب الى داكار بالذات، ومن دون اعلام ولا صخب ولا اثارة ، لكي يجروا حوارا يمكن ان يتم في الدوحة او اي عاصمة عربية اخرى، تمتلك احدث الطائرات وافخم الفنادق واقوى الفضائيات، ويمكن ان تحول اي لقاء فلسطيني فلسطيني مهما كان متواضعا، الى حدث تاريخي، والى منعطف اقليمي ودولي.

لم يتوصل الاشقاء الفلسطينيون الى تفسير تلك اللامبالاة العربية بأحوالهم الداخلية، التي تشهد اضطرابا لم يسبق له مثيل في تاريخهم الوطني، تدور رحاه على مقربة من حدود الجبهات مع العدو القومي للامة ، ويمكن ان يترك اثرا بالغا على العرب والمسلمين في كل مكان في العالم .. بخلاف الصراع الداخلي اللبناني الذي يمثل شغبا محليا ولا يخرج عن التقاليد العريقة للبنانيين ، ولا يمكن ان يؤثر في احوال الامة ولا حتى في الجوار المباشر للبنان .

ليس هناك منطق يشرح للفلسطينيين اسباب تلك الهبة العربية والاقليمية والدولية التي سارعت الى انقاذ لبنان بعد حملة حزب الله الامنية على بيروت والجبل في السابع من الشهر الماضي، والتي سقط فيها نحو خمسين قتيلا ومئتي جريح، وهو رقم متواضع وفق ابسط الحسابات والمعايير الداخلية الفلسطينية.. كما هو رقم عابر ايضا حسب التجارب اللبنانية نفسها.

لا يمكن اقناع الفلسطيني، مهما كان متعاطفا، باهمية لبنان كدولة ومجتمع ، وبخطورة الاندفاع اللبناني المتسرع نحو الفتنة المذهبية التي باتت تمثل الصفحة الاكثر اهمية من تاريخ الشرق الاوسط ، والتهديد الاكبر لشعوبه ودوله كافة.. الذي يتخطى ذلك الصراع العربي والاسلامي مع العدو الصهيوني، بل ويستخدم ذلك العدو بالتحديد حجة من جهة او اداة من جهة لاشعال تلك الفتنة الكبرى.

ولا يمكن اقناع الفلسطيني بان اتفاق الدوحة هو مجرد استراحة محاربين، ولا يعدو كونه هدنة مؤقتة، تخرقها كل يوم احداث امنية مخيفة، ولا يمكن لاي لبناني ان يتمنى مثلها لاشقائه، الذين سبقوه الى تقسيم عمل واضح بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لا يستدعي كل هذا الحسد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى