صفحات سورية

قمة الإهانات بامتياز

null

عبد الرحمن الراشد

لا أدري ما الذي دفع المسؤولين السوريين إلى اصدار بيان يكذبون فيه ما رويته في مقالي السابق عن توعد فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، الدول العربية بأن من لن يحضر القمة سيندم. ربما من أجل تبييض سمعة الشرع السيئة جدا، حيث ادعى البيان السوري أنني نقلت كلاما مكذوبا عن مجالس خاصة عن الشرع. هراء جديد وصدقوني أن تبييض صفحة الشرع أصعب من تحرير الجولان.

الشرع أطلق تهديده ليس في مجلس خاص، بل في كلمة طويلة ألقاها في مؤتمر الحزب الأخير قبل نحو ستة اسابيع، وأمام ألف شخص. في كلمته تلك تهجم على الدول العربية، كعادته، وأسهب في الحديث عن مؤامرة على القمة، وحذر الشرع قائلا إن جدولة قمة اسلامية لتتزامن مع القمة العربية هي مؤامرة لن تسمح بها سورية. وكان يعني بذلك قمة داكار الاسلامية، التي كانت مجدولة للانعقاد في موعدها، قبل اسبوعين، ثم هدد الحكومات العربية بعبارة صريحة، من أن من لن يحضر القمة سيندم.

إنه تكذيب يستحيل تصديقه من شخص مثل الشرع، اعتاد اطلاق تصريحات بهذه الخطورة، ومن دولة متهمة بارتكاب اثنتي عشرة جريمة اغتيال في لبنان، ومتهمة بالتورط في تدبير العمليات الانتحارية في العراق، التي قتل فيها نحو ربع مليون مواطن عراقي، وعلى أرضها جرت انتحارات مثيرة للشبهة لشخصيات رسمية.

إنه تكذيب لن يأخذه أحد على محمل الجد لأن مفتي سورية أحمد الحسون لحق بالشرع فتوعد هو الآخر الحكام العرب بفتوى أن من لا يحضر قمة دمشق فهو آثم، وتجدون حديثه في صحيفة العرب القطرية. فتوى تهديدية، وان كان غريبا بعض الشيء ان يستخدم نظام بعثي مفتيا دينيا في تخويف القادة من التغيب عن القمة.

وعندما وصفتها بقمة الاهانات، رويت بعض القصص المهينة، مثل التي وجهتها الحكومة السورية للسعودية عندما بعثت مدير الهلال الاحمر السوري لتسليم الدعوة، لكنني لم أرو حكاية الاهانات الأخرى. فقد بعثت دمشق دعوتها الى الحكومة اللبنانية الى فوزي صلوخ، وزير مستقيل جالس في بيته، في احتقار علني للحكومة اللبنانية وعندما رفضت الدعوة هاجمها وزير الخارجية السوري لاحقا لانها لم تحضر.

أما مصر، الدولة الكبرى، فكانت الداعية الاولى لاصلاح العلاقة مع سورية وأطرافها مثل حماس، وكانت تريد نسيان ما فعلته حماس بتدبير واضح من دمشق بالهجوم على حدودها في محاولة تشويه سمعتها عربيا، في قضية حصار غزة. ففي الوقت الذي كان المصريون يتدارسون كيفية الحضور الى دمشق جاءت الاهانة مباشرة من هناك. فقد نظمت الحكومة السورية مظاهرات شتيمة لمصر قبالة السفارة المصرية، وبعدها ارسلت بطاقة دعوة معطرة الى القاهرة لحضور القمة.

لقد كان واضحا ان القمة صممت لإهانة السعوديين والمصريين وتخويف بقية الدول العربية بألا تتضامن معهم.

أما تكذيب السوريين لما نسبته الى الشرع فأرد أمره إليكم، لانه قيل في العلن وليس في مجلس خاص كما أوحى البيان، كما سبق للشرع ان هدد آخرين من قبل. أما مصداقية الحكومة السورية فهي لا تستحق الكثير من النقاش لانها تتحدث من أربعين سنة في القمم العربية عن ضرورة مواجهة العدوان الاسرائيلي ولم تطلق رصاصة واحدة لتحرير ارضها من أجل جولانها المحتلة

GMT 2:15:00 2008 السبت 29 مارس

الشرق الاوسط اللندنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى