صفحات العالمفيصل الشيخ محمد

المناورات السورية – التركية: قلق في إسرائيل وارتياح عند العرب

فيصل الشيخ محمد
أثارت المناورات العسكرية السورية – التركية التي انطلقت يوم أمس الثلاثاء غضباً إسرائيلياً اتخذ طابع (القلق).. فقد وصف وزير الدفاع الصهيوني إيهود باراك هذه المناورات بأنها (تطور مقلق) مشيراً إلى أنه يؤمن (بأن العلاقات الإستراتيجية بين إسرائيل وتركيا ستتغلب على حاجة تركيا إلى المشاركة في هذه المناورات).
قلق في الكيان الصهيوني وارتياح في العواصم العربية من الدار البيضاء حتى بغداد، وقد عاد نهر العلاقات إلى مساره الطبيعي بين دمشق بني أمية واسطنبول بني عثمان إلى التدفق، لعيد لهذين البلدين شريان الدم الواحد الذي غذّى الحياة الإيمانية والجهادية في قلوب الشعبين العربي والتركي لقرون عديدة بصافي الدم الطاهر، الذي فاض على أسوار القسطنطينية لسنين طويلة حتى تحققت نبوءة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ((لتفتحن القسطنطينية))، وفتحت على يد الفاتح العثماني السلطان محمد، ورفع رايات التوحيد على أبراجها، وأطلق النداء الخالد (الله أكبر.. الله أكبر) في سمائها وفضائها، لتهتز عروش وتتدعى حكومات وأنظمة.
لابد من التاريخ أن يعود من أوسع أبوابه، ليذكرنا بسالف أيام العز التي عاشها العرب والترك، عندما كانا على قلب رجل واحد..يوم عمورية، وحطين، وعين جالوت وملاذ كرد وفتح القسطنطينية حيث لا يزال جسد الصحابي المجاهد (أبو أيوب الأنصاري) يرقد بأمن وسلام تحت تلك الأسوار، وقد حقق الأحفاد ما صعب على الأجداد تحقيقه.
المناورات العسكرية التي تجريها دمشق وأنقرة اليوم هي إحياء للمسار الصحيح الذي يجب أن تكون عليه العلاقات الأخوية التي ربطت الشعبين التركي والعربي على مدار تاريخ طويل، لم تعكره إلا جزمات العسكر في عام 1909 عندما أطاح حفنة من الضباط المغامرين من عصابة (الاتحاد والترقي الماسونية) بأعز دولة عرفها التاريخ.. الدولة العثمانية التي لم تكن تغيب الشمس عن ولاياتها، وتنوء عن حمل الخراج إليها كواهل الرجال وظهور الدواب وبطون السفن، وتتسابق الممالك على خطب ودها وحمايتها وعقد الأحلاف معها.
التاريخ بعبقه النرجسي لا يزال يذكّرنا بالمئات من الضباط العرب، الذين قادوا فيالق الجيش العثماني وحققوا له الانتصارات التي تملأ أحداثها ووقائعها بطون التاريخ والتراجم، من حدود روسيا والبلقان والقرم وحتى البرازيل في أمريكا.
صحيح أن تصحيح مسار العلاقات بين البلدين الشقيقين جاء متأخراً، وكم كنا نتمنى لو كان هذا التصحيح جاء قبل حرب عام 1948، وقبل حرب عام 1967، وقبل حرب عام 1973، وقبل حرب عام 1982، وقبل الغزو الأمريكي للعراق، وقبل عدوان تموز 2006، وقبل العدوان الهمجي على غزة، وقبل وجود حزب العمال الكردستاني الإرهابي على الأراضي السورية، ولكن – كما يقال – لان تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً.
أنا لا يهمني القلق الإسرائيلي من هذه المناورات، لأن وجود إسرائيل هو الذي يقلقني، وأن تلاحم السلاح التركي السوري يسعدني ويفرحني، ومناورات تل أبيب – أنقرة تؤذيني وتؤرقني وترعبني.
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى