صفحات سورية

الكشف للمرة الأولى عن تفاصيل الملف السوري الإسرائيلي: حافظ الأسد لم يرفض كليا تواجدا إسرائيليا في الجولان

null
نضال وتد
نضال وتد تل أبيب: قال المحلل والصحافي الإسرائيلي في موقع يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، الذي سبق له أن زار دمشق، إن القيادة السورية أعلنت مؤخرا عدم تفاؤلها من المفاوضات المستقبلية مع حكومة نتنياهو، بسبب رغبة الجانب السوري، أن تكون المفاوضات وسط تدخل نشط وفاعل من إدارة الرئيس أوباما، وليس عبر وساطة رجل الأعمال الأميركي، رون لاودر، الذي سبق له أن أدار جولات من المباحثات مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد موفدا عن بنيامين نتنياهو، عندما كان الأخير رئيسا للحكومة الإسرائيلية قبل عشر سنوات.
واعتبر بن يشاي أن السوريين يملكون ما يكفي من الأسباب لرفض تكرار وساطة لاودر، بعد أن تمكن هذا من “ابتزاز” الرئيس الراحل في كل ما يتعلق بحدود وآفاق التسوية والسلام بين سوريا وإسرائيل.
وجاء في تقرير بن يشاي: يتضح من تفاصيل تنشر ، هنا للمرة الأولى، عن المفاوضات التي دارت قبل 11 عاما، بين نتنياهو والأسد بواسطة لاودر، أن الرئيس السوري الكهل كان مستعدا مبدئيا لسحب قسم كبير من قواته البرية لمسافة 80 كم شرقي محيط دمشق، بعيدا من هضبة الجولان وعن الحدود مع إسرائيل- باستثناء الإبقاء على كتيبة واحدة في دمشق لحماية أمن النظام: وأن يسمح بعمل نقطة إنذار في جبل الشيخ يعمل فيها “يهود أميركيون”، بل وأن يدرس أيضا وجودا إسرائيليا في الجولان على عمق “عدة أميال”.
وقال بن يشاي في تقريره إنه بناء على حديث مع لاودر فإن الأسد لم يرفض كليا التواجد الإسرائيلي، هكذا يدعي على الأقل، اليوم، د. عوزي أراد الذي شغل منصب المستشار السياسي لنتنياهو  عام 1998، وعاد ليشغل هذا المنصب اليوم، في المقابل، وكشرط لمواصلة المحادثات، فقد طالب الرئيس السوري من لاودر الاطلاع على خريطة إسرائيلية تحدد بوضوح الخط الذي تقبل إسرائيل بالانسحاب إليه. ويدعي أراد أن نتنياهو رفض يومها الاستجابة لمطلب الأسد ما أدى إلى وقف الاتصالات بين الطرفين.
الخلاف كان على مكان الحدود
ويضيف بن يشاي في سياق التقرير وتعليقا على تصريحات أراد: ولكن، يتضح من بحث الموضوع أن الطاقم الإسرائيلي الذي واكب وفادة لاودر إلى سوريا قام فعلا بإعداد خرائط مع تصورات محتملة للحدود بين البلدين، وقد قام المستشار العسكري لوزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، الجنرال يعقوف عامي درور، بترسيم الحدود المقترحة، ووفقا لأقواله، فقد كانت إسرائيل على استعداد، بموجب كافة الاقتراحات التي أعدت، للانسحاب دون تعريض الأمن للخطر” فقد مرت كافة خطوط الحدود داخل أرض الجولان” أي شرقي السفوح الواردة باتجاه بحيرة طبريا”.
وقد تمكن عميدرور من رسم مسودة خريطة، ولكن وفي أوج المفاوضات، تم تعيينه قائدا لكليات الجيش الإسرائيلي ليترك طاقم المفوضات فيما وضعت الخريطة المسودة التي قام بترسيمها في مكان ما في خزنة الجيش. هذه الحقيقة تؤكد للوهلة الأولى ادعاء نتنياهو بأنه لم يعتزم مطلقا ولم يوافق على انسحاب إسرائيل من الجولان. يؤكد أراد أن نية نتنياهو كانت عام 1998 أن يبقى في إطار اتفاق سلام سوريا 80% على الأقل من المستوطنات الإسرائيلية في الجولان تحت السيادة الإسرائيلية.
رواية مناقضة
ولكن في المقابل، يقول رون بن يشاي، فإن رواية ثانية تقول إن نتنياهو، وبعد أن سمع من لاودر عن التفاهمات مع الأسد في مجال الأمن، كان مساعدا مبدئيا للانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 67، بل إنه فكر أن يعرض على الأسد الأب خريطة ولكنه عدل عن ذلك في اللحظة الأخيرة.
وحسب بن يشاي، فإن هذا هو ادعاء مسؤولين رفيعي المستوى، في إسرائيل والولايات المتحدة، ممن كانوا ضالعين في اتصالات مباشرة مع السوريين في العقود الأخيرة- ومنهم الجنرال احتياط داني يتوم، والدبلوماسيين الأميركيين دنيس روس ومارتن إنديك.”
تعتمد هذه الرواية على رسالة لاودر للرئيس الأميركي، بيل كلينتون، والتي أرفقت لها وثيقة من صفحتين، أوردت تفاصيل النقاط المتفق عليها ونقاط الخلاف، كإجمال للمفاوضات التي كان لاودر الوسيط فيها. ومما جاء في الرسالة: إسرائيل وسوريا اتفقتا… أن تنسحب إسرائيل في إطار اتفاق سلام لخطوط الرابع من حزيران 67″. ولا ينفي لاودر هذه الأمور، لكنه قال في بيان أصدره قبل ثلاثة أسابيع: إن نتنياهو لم يوافق أبدا على هذه الخطوط أو ما هو قريب منها، ولم يصادق يوما على اقتراح كهذا. إن وثيقتي المذكورة التي تتحدث عن انسحاب محتمل عكست وجهة نظري الشخصية بشأن الشروط التي يمكن أن تكون مقبولة على سوريا، لكنها لم تقر يوما من قبل نتنياهو”.
جاسوس في دمشق
وينقل بن يشاي عن كتاب سيصدر بعد عدة أشهر، لوزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يتسحاق مردخاي، أن نتنياهو كان مساعدا مبدئيا للانسحاب من خطوط الرابع من حزيران، بل وفكر أيضا بعرض خريطة الانسحاب على الأسد بواسطة لاودر. ويفسر مردخاي تراجع نتنياهو عن هذا الموقف بقيام مردخاي نفسه وشارون بإقناع نتنياهو بعدم إرسال خريطة إلى دمشق يمكن لها أن تصبح سابقة أو “وديعة” لدى السوريين.
ونجد تخوفا مشابها في صلب رواية مثيرة عن رحلات لاودر إلى دمشق- حيث استخدم فعلا هناك خريطة، في مرحلة متقدمة من المفاوضات، ولكن لم تكن تلك الخريطة التي كان الأسد الأب يتمناها. وعند عودة لاودر من إحدى هذه الرحلات، قال رجل الأعمال لاودر إنه بحاجة لخريطة حتى يطلع السوريين على الحدود التي تريد إسرائيل أن تتراجع إليها القوات السورية. وقد اعتقدوا في إسرائيل أن السوريين سيقومون بالتصوير بواسطة كاميرات خفية وثائق وخرائط سيحملها معه لاودر إلى قصر الرئاسة، ومن ثم سيستخدمونها كسابقة لمواصلة الاتصالات كما سبق و فعلوا في مسألة “وديعة رابين”. ولذلك اضطر لاودر إلى أن يحفظ غيبا أوراق عمل تمت صياغتها في إسرائيل، لكنه امتنع عن أخذها إلى دمشق.
وقد تم حل مشكلة الخرائط الأمنية بطريقة مبتكرة: فقد عثر عوزي أراد، في أرشيف الموساد على خريطة سياحية سورية يمكن شراؤها من كل مكتبة عادية في دمشق.
وقد مكن هذا، رجل الأعمال الأمريكي، لاودر، أن يعرض مطالب القدس دون أن يتمكن السوريون عن طرحها باعتبارها وثيقة إسرائيلية رسمية.
وبحسب بن يشاي فقد سارت الأمور على هذا النحو، ولكن عندما أخرج لاودر الخريطة، فقد ذهل وزير الخارجية السوري، فاروق الشرع الذي حضر اللقاء مع الأسد، ولم يضبط نفسه عن توجيه السؤال: كيف حصلتم على مثل هذه الخريطة، وقال بالإنكليزية “أنت جاسوس”، وساد جو من الإرباك والحرج في الغرفة لكن حافظ الأسد وهو ليس بشوشا في طبعه، ابتسم كمن سمع نكتة واستمر النقاش. وفي وقت لاحق قام السوريون بتسريب أمر عرض إسرائيل خريطة انسحاب، لكنهم أخفوا حقيقة كون الخريطة خريطة سورية سياحية، لم يشكفوا عنها يوما. وينهي بن يشاي تقريره بالقول: وإذا ما تجددت المفاوضات بين الطرفين فسوف نسمع بالتأكيد عن خرائط وتسريبات أخرى”.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى