زين الشاميصفحات الناس

سورية الأولى عربياً على قائمة قمع الصحافة الإلكترونية

null
زين الشامي
لم يكن مستغرباً أن تحتل سورية المركز الأول على مستوى الدول العربية، والمركز الثالث على مستوى العالم، في قائمة الدول العشر الأشد قمعاً لمستخدمي المدونات. إن ذلك حقاً يبعث على الإحباط ويشعرنا نحن السوريين أن الطريق نحو أن نكون بلداً طبيعياً ستكون طويلة ومؤلمة…
التقرير الذي أصدرته «لجنة حماية الصحافيين الدولية»، ومقرها نيويورك، منذ أيام عدة، احتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة، ذكر أن بورما تعتبر أسوأ مكان في العالم للمدونين، وضمت لائحة الدول العشر الأشد قمعاً لمستخدمي الإنترنت بورما ثم إيران، وسورية، وكوبا، وغيرها من الدول العربية والأجنبية.
إن ذلك إن دل على شيء فيدل على حجم الخوف الذي تبديه السلطات من كل ما يتعلق بالمعلومات والنشر وتداول الأخبار على مستوى الشبان الذين أصبحوا جزءاً من الثورة العالمية في مجال الاتصالات. وعليه، فإن هذا الترتيب وهذه المكانة يكشفان كم تبذل السلطات السورية من جهود وتصرف إمكانات مالية لتوفير تقنيات تكنولوجية، مهمتها الأولى تنحصر في حجب المواقع الإلكترونية ومراقبتها ومراقبة من يحاول الوصول إليها. إن ذلك يؤشر أيضاً إلى أن أولويات حكومتنا لا تتعلق بتأمين الرغيف أو مكافحة الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين بقدر ما هي أولويات أمنية تعكس استمرار ذهنية العقل الأمني المسيطر على أجهزة الدولة والعاملين فيها، وهو ما يعزز الرأي النمطي عن سورية، الرأي الذي يقول إنها دولة أمنية بامتياز وسجن كبير.
ورغم التقدم الهائل في ثورة المعلومات وتكاثر أعداد الذين يلجأون للإنترنت، فإن حكومتنا تعلمت بسرعة كيف تقلب التكنولوجيا ضد المدونين عن طريق فرض الرقابة على شبكة الإنترنت وترشيح محتواها، وتقييد الدخول إليها، واستخراج البيانات الشخصية، وحينما كانت تفشل في ذلك غالباً ما كانت تلجأ ببساطة إلى الزج بالصحافيين ومتعاطي الإنترنت في السجن لترهيب البقية أو دفعهم إلى التزام الصمت أو ممارسة الرقابة الذاتية، وهذه أسوأ أنواع الرقابة.
في هذا الصدد، ذكر تقرير صادر عن المركز السوري للإعلام بعنوان «صمت الأقلام وضجيج الرقابة» أن البنية الفكرية والقانونية والإدارية للدولة السورية لا تزال تقوم على أسس الدولة القوية التي تقوم بالسيطرة والتحكم بجميع القطاعات المجتمعية، من خلال الأجهزة الحكومية في ظل حالة من التماهي بين مفهوم الدولة والحزب الحاكم، والتي أوجدتها المادة الثامنة من الدستور المعمول به حالياً.
وللأسف، فإن تقارير لجهات مراقبة للشأن السوري وموضوع الحريات رصدت هذا العام ما مجموعه 225 موقعاً إلكترونياً محجوباً بزيادة 65 موقعاً على العام السابق، كما أن الإعلام الإلكتروني في سورية لا يزال خاضعاً للوصاية الأمنية، وتحديداً لرعاية إدارة أمن الدولة. ولا يزال تشديد الرقابة على مقاهي الإنترنت معمول به سواء من جهة إجراءات الترخيص ولزوم موافقة شعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية أو من خلال إلزام أصحاب مقاهي الإنترنت، خصوصاً تلك التي تجاور أماكنها الجامعات والسكن الجامعي، هذا بالإضافة إلى توسع التدخل الأمني المباشر في عمل المواقع الإعلامية من خلال الاتصال المباشر بمدرائها والطلب منهم رفع مقال أو إزالة خبر أو عدم النشر لكتاب معينين أو عدم نشر أخبار عن جهة معينة، وقد حصل أكثر من مرة أن أصحاب بعض المواقع الإلكترونية أخبرونا كيف يتم استدعاؤهم إلى فرع أمن الدولة وكيف يطلب منهم أن يغلقوا مواقعهم بصمت ومن دون أن يخبروا أحداً. إن هذه الطريقة تذكرنا تماماً بحالات «الانتحار» التي كنا نسمع بها عن مسؤولين سوريين، ففي لحظة معينة، مطلوب من الشخص أن يصمت أو ينتحر بصمت.
كما أن هناك العديد ممن تعرضوا إلى السجن على خلفية دخولهم موقعاً إلكترونياً ما أو على خلفية كتابة مجرد مقالة رأي في أحد المواقع… السجون والمحاكم في سورية مازالت تشهد على قصص غريبة من هذا النوع مع كل أسف.
الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى