التفاوض السوري الإسرائيلي

المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية وغموضها

null
تسير المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية التي تتم برعاية تركية بشكل يوحي بانها تحقق تقدما مضطردا، ولكن الطرفين المشاركين فيها يتكتمان كليا علي طبيعتها والقضايا التي تدور حولها، وحجم ونوعية الاتفاقات المبدئية التي حققتها بعد ثمانية اشهر من انطلاقتها.
ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي وصفها بانها قوية رغم كونها غير مباشرة، وطالب بانتقالها ال المرحلة الثانية، اي ان تتم بشكل مباشر، بينما ير السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري انه ليس هناك اي ضير من الانتقال ال هذه المرحلة اذا ما تحقق تقدم يسمح بذلك.
السوريون يريدون انسحابا اسرائيليا كاملا من هضبة الجولان المحتلة، والوصول ال الوضع الذي كانت عليه الحدود قبل الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967. الاسرائيليون لا يعارضون ذلك نظريا، ولكنهم يريدون ابتزاز الطرف السوري والحصول عل اكبر قدر ممكن من التنازلات الامنية والسياسية.
واللافت انه في الوقت الذي يتحدث فيه اولمرت عن حدوث تقدم كبير، يصدر الكنيست الاسرائيلي في قراءة اول قانونا باجراء استفتاء شعبي عل اي اتفاق ينص عل الانسحاب من هضبة الجولان. وهذا يعني ممارسة ضغوط اكبر، نفسية عل وجه الخصوص، عل الجانب السوري ومحاولة دفعه ال تقديم تنازلات اكبر، خاصة عل صعيد حصة سورية من مياه بحيرة طبرية وقبول علاقات طبيعية عل كافة الاصعدة مع الدولة العبرية.
لا نعتقد ان المفاوض السوري يغفل عن مثل هذه الاساليب الابتزازية الاسرائيلية، ولا بد أنه احتاط لها بشكل جيد. فمن الواضح ان السوريين يريدون شراء الوقت وتمرير الاشهر المتبقية من عمر ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش لانهم يعرفون جيدا ان هذه الادارة تريد ابقاء الحصار الذي تفرضه عل سورية.
هذا التكتيك السوري لكسب الوقت يعكس دراسة متعمقة لنظيره الايراني، فالايرانيون في تعاملهم مع الملف التفاوضي حول برنامجهم النووي مع الاوروبيين اظهروا براعة كبيرة في التفاوض ودون تقديم اي التزامات من خلال الايحاء بالتحلي بقدر من المرونة تجاه المطالب الاوروبية دون ان يطبقوا هذه المرونة عمليا في اتفاقات حاسمة. ولهذا استمر تخصيبهم لليورانيوم مع استمرار المفاوضات في الوقت نفسه.
مشاركة الرئيس السوري بشار الاسد في احتفالات فرنسا بعيد الاستقلال في باريس بعد اسبوع وحضوره قمة الاتحاد المتوسطي التي دعا اليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ربما تعطي بعض المؤشرات عن حقيقة النوايا السورية تجاه المفاوضات مع اسرائيل، فالانظار كلها تتجه ال كيفية تعامل الرئيس الاسد مع الضغوط الفرنسية التي تريد استغلال هذه المناسبة لحدوث مصافحة تاريخية وأمام عدسات التلفزة بينه وبين الرئيس الاسرائيلي،
شمعون بيريز الذي سيكون ضيفا كبيرا في المناسبة نفسها، فاتمام المصالحة لربما سينقل المفاوضات ال مرحلة مباشرة، وعدمها ربما سيؤشر الي ان سياسة كسب الوقت السورية ما زالت مستمرة.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى