رفيق شاميصفحات الحوارفلورنس غزلان

رحلة في حارات أدب رفيق شامي

null
فلورنس غزلان
في الحارة الأولى
أعوام طويلة طرق خلالها أبواب العالم ومعاقل العلم، لكنه على الدوام ظل يهفو لباب الحلم وياقوته اللامع ، الضوءالذي يشده إليه ليصعد سماء الحلم…عاشق من عشاق الكلمة وأحد أنبيائها …تقض ألحانها مضجعه وتهدد لحظات سكونه ، عطشه المتواصل لماء الحرف وأسراره قاده نحو مساحات ضوئية وأسوار شاهقة عليه أن يعلوها ويتخطاها.
هذا الرجل المشوب بأحاسيس غامضة تحمله على الدوام نحو بيته الأول وحواري طفولته، تجذبه التجارب والذكريات نحو شخوص عبرت حياة الآخرين دون أن تترك أثراً، لكنها تتوقف وتنعطف نحو داخله ، تلج حياته لتصبح هاجساً يصنع معجزة الرواية، ترسم صورها داخل حدقاته، وتتركز بهندسة خياله وخصوبة خلقه، فينسج منها حبكته الروائية..هذا الكاتب الراوي مازالت دمشق تحتل الصدارة في عشقه وسطوره، مازالت معلولا تعيده لطفولته فيجهش حباً وحرقة ولوعة فراق، لكنه يخلدها من خلال تأريخ أهلها وحياتهم حياتنا وحياة أمثالنا بألمانية ترجمت لأكثر من ثلاثة وعشرين لغة من لغات العالم..نتطفل اليوم على عالمه المسكون بحب الكلمة ونقتحم عليه حاراته الدمشقية العتيقة، حوانيت الحي وأصحاب المهن، ندخل المقاهي الصغيرة لنستمع لكلمات تسحب منا الصوت فنجلس بخشوع المصلي لأبجدية تتلو لوحاتها على شفاه رفيق شامي، كما تنساب بغزارة وسلاسة عبر سطوره، تريد أن تقول لنا، أن الرواية ليست كتاب فقط وإنما راوي ومستمع وجمهور..
أدخل عالمه وأسرق منه ساعات أخص بها قراء العربية، فمن حقهم أن يعرفوه كما من حقه علينا أن نفخر به وهو يصعد سلم الأدباء الكبار في عالم غريب عليه، شق طريقه بصعوبة وبتصميم حين أغلقت أمامه سبل الأوطان.

ــ السؤال الأول :ــ
لماذا اتخذت من الشفاهية طريقاً ثانية للقائك بقرائك ومستمعيك ، وكأني أرى بك الراوي واللاعب الماهر بالكلمة والصوت ، هذه الطريقة التي هجرها العرب ، رغم أنهم مخترعيها، لكن الغرب يعود إليها اليوم وأنت من أوائل الأدباء الغربيين في هذا المجال، فماذا تضيف برأيك الشفاهية الروائية على القراءة، وحسب رأي بعض أصدقائك ومستمعيك فقد أطلقت على أمسياتك الأدبية تسمية ” سينما أو فيلم للأذن”.

رفيق :ـــ
أؤمن أن الشفهية هي أم الأدب ومنبعها لأن الكلام سبق الكتابة بعصور . ويفهم الأدب كوسيلة للمتعة ولفتح أو توسيع الأفق،  وبالتالي فإن الأذن هي المدخل الأفضل لما يمكن، وبتنوع لا متناهي ( حسب خيال كل مستمع)
طبعا وسَّعت  الكتابة دائرة إمتداد الفكر بديناميكية لا يمكن للشفاهية على أية حال أن تضاهيها فتقرأ كتبي اليوم  مثلا في اليابان والصين وإسبانيا وتركيا وووو.. إلخ بينما لا يمكنها شفهيا أن تصل إلى كل هؤلاء القراء حتى ولو استطعت أنا بأعجوبة بابل التحدث بكل اللغات… لكن الكتابة وحتى الفيلم لم يسحقا الشفاهية… فكما نعلم من علم الإجتماع أو التاريخ فإن كل حقبة تحمل المستقبل والماضي في جوانبها وتظاهراتها (لكي لا نقول رحمهما). والكتابة نفسها تحمل كثير من الشفاهية وفنها .

ــ من أين يأتي هذا الرفض القابع في أنفسنا لكل ما هو شفهي؟

رفيق ــ:
علاقتنا بما ينبع من ذاتنا مشوشة منذ قرون. نحن نمعن بإحتقار ما لدينا راجين من التقليد أن يسمح لنا بالدخول إلى نعيم التقدم بسعر رخيص. فهذا يقلد همنغواي وذاك يقلد مكسيم غوركي وآخر كافكا…أنا لا أنتقد،  آخذ ما ينتجه الآخرين بعين الإعتبار ودراسته والإستفادة منه فالمدنية بحد ذاتها عملية تراكم من كل حدب وصوب. لكني أنتقد التقليد الأعمى. من أحد ظواهر هذا التقليد سخط لا حدود ولا مبرر له على الفن الشفاهي وإلصاق تهم لا أول لها ولا آخر به وكأن حكاية حكايات مشوقة هي سبب تأخرنا…كم وكم من المقالات الرنانة والتصريحات الأكثر صراخاً حاولت التبرؤ من تاريخنا الشفهي ( خاصة في السبعينيات والثمانيات من القرن الماضي)… أنا لم أصدق كل هذه التهم وحتى دراسة الثابت والمتحول لأدونيس على ما فيها من  ذكاء وثقافة فهي لم تقنعني.
لماذا يا صديقتي كل هذا الاحتقار بدل أن نأخذ هذا الفن الضارب جذوره  في  أعماق النفس العربية ونرقى به محتوى وشكلا إلى أعلى القمم دون أن نظل واقفين عند الأمير الفلاني وست البدور وأبو زيد الهلالي الذي ركب الحائط  يريد منه أن يهاجم أعداءه…لوكان  الأوروبيون كذلك لكان  عليهم أن يلقوا بكل أسلوبهم الواقعي الذي احتوى فيما احتوى على  كذب وتمويه اجتماعي والذي سُخِر من  النازية والستالينية لإستغباء الناس بروايات حقيرة مملة….آلاف الروايات من الأدب الواقعي  سيئة إلى حدود القرف ، لكن المفكر الأوروبي لا يرمي شيئاً، يتجاوزه يأخذ منه ما يفيد عقده الزمني ورأيه  في الفن ويترك  الباقي ونرى حتى اليوم أساليب عدة للرواية تعيش إلى جانب بعضها البعض…

طبعا علينا ألا ننسى أن الكثيرمن السلبيات الملحقة بالشفاهية تعود إلى مرض الخطابية الضارب جذوره في تراثنا. والخطابية عدوة السرد القصصي اللدودة. لكن ما أن يقف أحدهم ليتكلم حتى نرى فيه خطابي ممل وبعض الكتاب العرب مصاب بهذه العلة…ما أن يمسك احدهم القلم حتى يرى نفسه فوق منصة وجماهير  تحيط به وتتلظى عطشا لكلماته ونصائحه البدائية…وللأسف الشديد لم يقدم عصرنا الحديث أية تجربة لشخصية خطابية إيجابية كما تعلمنا من التاريخ وكما قرأنا في كتب مدارسنا من درر خطابية تبدأ في الجاهلية وتنتهي في العصر العباسي. خطب لا تتجاوز الصفحة لكنها مركزة ومصقولة كالجوهرة، وليست تلك الخطب الفضفاضة التي تتجاوزالساعات والتي إن عبرت عن شيء فإنما عن إحتقار الخطيب لمستمعيه.

في الحارة الثانية

ألقى رفيق  بمجاديفه الطرية في يم يعج بأمواج لا يعرف كنهها …لكنه اعتمد على صلابة إرادته المولودة بين صخور معلولا وعلى الرغبة الهائلة التي  تتلاطم في صدره وتسحبه أميالاً عن عالم التجارب والمخابر وروائح الكيمياء وتركيباتها المعقدة، رغم امتلاكه لها وقدرته على متابعة فصولها وخطف أسرارها من معاقلها في بلاد عرفت عن كثب وتعمقت بدراسة أصول الكيمياء ورغم قدرته على سبر أغوارها وحصوله على أعلى درجات المعرفة والإتقان…لكن شيطان الكلمة ظل يحمله نحو سهوب تعج بخيل جامح ينتظر من يروضها ويقودها نحو أعالي القمم. فحمل قلمه وجرحه من ذوي القربى بعد أن طرق أبواب النشر باكراً،  وأُغلقت منافذها أمامه لأنه لايملك مواصفاتهم التجارية أو شروطهم السياسية، فأجل مسيرة الأدب حتى يتقن مسيرة العلم ويتفرغ لرغبة ملحة وطاقة تثور عليه بين فينة وأخرى ،تلج  لياليه وتقض مضجعه، إلى أن امتطت يداه دليل طريق وعرة وسيلتها حب المغامرة وكشف المجهول وسبر أغوار القلاع التي رفضت الانصياع لفتوحاته المستمرة وهجماته بسيوف الحروف وصكوك الثقافة وبيان الفكر..إلى أن انصاعت له لغة غريبة وارتضت أن تفتح أمامه كوة صغيرة ينتابها الشك ممزوجاً بسخرية تاريخية وانعدام ثقة، بأن الصحراء العربية لاتحوي مخزوناً يستحق الاهتمام ولا تنتج بذوراً يمكنها أن تخرج أشجاراً باسقة مثمرة في عالم يحمل لونا واحداً عصياً وحصرياً .

ـــ كيف لك أن تصف لغتك وأسلوبك الأدبي ، وأنت الكاتب بالألمانية البعيدة كل البعد عن العربية وعن الانسان الناطق بها ، والإنسان الكاتب لها من حيث نشأته وتربته وتربيته، رغم أنه يحمل ثقافة تمزج بين التراث العربي المشرقي والحداثة الغربية، بين العربية والألمانية فهل أخرجت نوعاًُ جديداً وعقاراً لغوياً مختلفاً يوحد أو يستخرج ويكتشف ويكشف للمتلقي والقاريء أدباً لأعشاب شرقية في قاروة غربية؟

.ــ رفيق:ــ.
توصلت  إلى نتيجة أنه ليس هناك فن ما يستحق التقديس وآخر يستحق التحقير. الفن بأحد وجوهه هو طريق من طرق الحياة. فإذا كان هذا صحيحا فالحياة بحد ذاتها كتلة هلامية قابلة للتحويل والتشكيل كما الطفل.كذلك الفيلم والتلفزيون وكل فن آخر. لذلك قررت أن أعود لجذور الحديث وأسلوب الحديث الشرقي لأبني فيه وعبره رواياتي بمواضيع الساعة. وتأملت بذلك  الوصول إلى قلب وعقل الناس كالمهرب الشقي الذي يبذل كل جهده لتجاوز  الحدود ببضاعته. وبما أنني لم أؤمن يوماً بانه يمكن أن نعمل شيئاً هكذا كهواية ونصل إلى نتيجة. استقلت من وظيفتي كدكتور كيمياء عند الشركة العالمية (باير) وإنهمكت ليلي نهاري أخطط وأدرس الأدب الألماني لأصقل لغتي الألمانية بحيث تصبح دون لكنة وأدبية محضة. وقمت لهذا الغرض بنسخ روايات وملاحم شعرية وأدب ساخر وأدب أطفال وأدب عجائبي أسطوري باليد ليدخل االشعور اللغوي جسديا إلى دماغي عبر اليد. استمر هذا لمدة سنتين كانتا أشبه بتدريب يومي ( سيمينار مع ذاتي)،  وبنيت خطتي على طرح  كل ما أكتبه بشكل شفهي دون  كتاب في اليد وأن يكون أدبي الكتابي أسلوب أو وجه حديث للرواية الشفهية الشرقية. كيف وما أعني بذلك؟

منذ البدء لم  أرد تقليد  أحد…أردت خلق أسلوب رفيق  شامي…مزيج فريد من حكواتي دمشقي مع مواضيع حديثة وبلغة ليست عربية تفرض بناءًً معيناً وأسلوباً خاصاً .وبما أنني أنزع للضحك وسريع الملل فقد رسمت لها خطة فكاهية الصورة ( حتى السوداء منها) تحمل الإثارة في محتواها (دون أن تكون رخيصة) لكي أجذب القارئ إلى ما أريده، كي يغوص معي أينما تواجد ( وفي حالتي أعني بذلك بلاد العالم التي تتكلم 24 لغة ترجمت إليها رواياتي) إلى دقائق الحياة في دمشق، أن يعيشها كما أعيشها أنا.. وهذا ما جددته  لأن الروايات القديمة ما كانت لتعنى بدقائق الحياة اليومية للشعب وقد احتوت مذكرات الحلاق البديري الدمشقي عن حياة الشعب أكثر من كل روايات ألف ليلة وليلة…إذن أردت  عبر البحث الدؤوب أن أملأ قصصي بكل تفاصيل الحياة الدمشقية فأنا بالدرجة الأولي كاتب معلولي يعشق دمشق،  وبالدرجة الثانية كاتب سوري / عربي / الماني. كما وودي ألن يعشق نيويورك أعشق أنا دمشق الشام.
الناحية الثانية: في  الرواية الأوروبية عمق نفسي فلسفي وقليل من الحدث،  في الرواية الشرقية ليس هناك عمق بل الرواية كالسجادة منبسطة مليئة بالأحداث وبالألوان والخطوط المعقدة. حاولت  في هذه النقطة أن أمزج  الإثنين ففي رواياتي عمق ما وتشعب ما. فأنا لا أعتقد أن الأسلوب القديم للحكايات والأساطير الشرقية  قادر أن يعيش في القرن الواحد والعشرين. ولم أرمبرر لأي إلزام بتقليد الأسلوب الأوروبي.

ـــ سألته :ــ
هل تقتضي الكتابة في القرن الواحد والعشرين الإستغناء عن كثير من الموروث؟ من أين تستقي شخصيات رواياتك؟ هل العقلانية والمنطق وسيلة من وسائلك في رسم الشخصيات ومضمون ماتريد قوله من خلالها؟ أم أن للعاطفة والعلاقات الانسانية الواقعية وهموم الانسان هي مايولي اهتمامك لشخصيات محددة؟ وماهو مدى تأثير واقعك الغربي على اختيارك؟
رفيق:ــ
التجديد لا يعني الإستغناء عن القديم بل تجاوزه بما  نحمله من القديم الصالح للمستقبل. هناك قسمين لمعالجة ما نأخذه وما نتركه:
القسم الأول:  يتعلق بالمحتوى أو مضمون ما نرويه. لأن الرواية بحد ذاتها لا حدود لها إلا تلك التي يفرضها راويها أو ظروفه. وبما أني أكتب بمنتهى الحرية فلا يبقى من الحدود الخارجية إلا ما يفرضه القانون المحلي ( أو الأوروبي مثلا عدم جرح شعور الإنسان وكرامته وأن لا تحتوي النصوص على عنصرية فاضحة واضحة إلخ) ما عدا ذلك لدي الحرية المطلقة. هذه الحرية أمر هام جداً لنشوء الروايات ذات المستوى العالمي. ولقد كتبت بالعربية مقالاً عن سبب تأخر الرواية الجنائية العربية ( التي تسمى أحيانا رواية بوليسية)
بهذه الحرية أختار مواضيعي وأصيغها محتوى وشكلا.
المحتوى القابل للتحديث: هو كل ما يدور في هذا العالم. وليس فقط العجائبي منه ، وإن لم يكن هناك أي مانع من عجائب في كل حي وكل زاوية. لكن هذا المحتوى لا ينطلق من مقدمات المجتمع الأوروبي بل من مقدمات مجتمعنا الكافية لحكاية آلاف الروايات. لكني عندما أحدد ما أكتبه فإني لا أعود إلى المعترف به  والمتعارف عليه، بل أصيغ أنا رأيي بالموضوع. خذ مثلا شخصية المرأة القوية في كل رواياتي. طبعا لقد قرأت عن عشرات المناضلات لحرية المرأة مثل سيمون  دي بوفوار وأليس شفارتسر وغيرها،  وتعلمت الكثير منهن لكني أعود على الدوام لشخصيات نساء عربيات أصهرها مع بعضها أركب أقسامها وأصنع بطلاتي، وأنا في ذلك لا أحتاج لشخصيات أوروبية فحتى قريتي الصغيرة معلولا وحي العبارة الشعبي يعج بمئات من النساء المناضلات من أجل كرامة المرأة أي بكلمة أخرى كرامة الإنسان. وفي هذا المثال أتخلى عن كل أجزاء التراث المضطهِدة والمحتقرِة للمرأة والتي لا تصفها إلا كجسد،  لا أفعل هذا  بعفة كاثوليكية بل بديناميكية حيوية تجعل بطلات قصصي من لحم ودم ورأس وبطن، من فكر وشهوة تحمل الخطأ والصواب من قلب وفكر…كما أني لا أتابع مسيرة الظن السيء بكل من هو خارج القبيلة فأنا أحد هؤلاء الصعاليك…هل تذكري كم من الإهانات توجه للمغربي ( الساحر الذي يخدع الناس البسطاء) ولليهودي وللدرزي وللكردي في قصصنا…هذا النوع من الفكرالشوفيني العنصري انتهى وقته… هذا مثال واحد فقط.. يمكنني ترديد نفس الشيء عن نقطة ثانية تتصل بالمحتوى مثلا: أني لست بحاجة لأمراء وخلفاء فكل شيء يمكن حدوثه لأي إنسان…هناك نقط عديدة يمكننا الحديث عنها بإسهاب حول فضل الحرية في المنفى على محتوى ما أكتبه لأن ذلك معقد جداً فأنت في المنفى تريد شفاء علتك وحنينك وتريد العودة إلى الوطن من الباب الخلفي أو عبر نافذة، تكتب لتتعزى وتطفئ لهيب حنينك وبعد ان تنتهي تكتشف أن الحنين إزداد. لكن المنفى والمهجر له الفضل على أي حال أن لا تفرض أية جهة علي ما يُسمح وما لا يُسمح به في المحتوى فقط مصداقية الرواية لها السلطة الكاملة على المحتوى.
الشكل أو الهيكل الفني:
أول ما تعلمته من أسلوب الرواية الشرقية (أقصد طريقة روي قصة لأن الرواية بحد ذاتها إختراع أوروبي وإن كانت أشكال بدائية منها معروفة لدينا لكن الرواية كما نعرفها اليوم هي ابنة المجتمع البورجوازي) إنها تعتني بالتشويق أيما اعتناء ( شهرزاد إستطاعت عبر جمال الكلمة وتشويقها تحويل مجرم سفاح يغتصب النساء ويقتلها إلى مستمع يتلهف كل يوم للفصل القادم من الرواية)…هذا التكتيك الذكي،  أن تتصاعد دراميتيكية الرواية إلى ذروة ما ويقطع الحكواتي / أو تقطع شهرزاد مسار الرواية فجأة وتقول غدا أقص عليك لك الجزء المكمل للرواية…) هذه عبقرية لا يزال إنسان القرن ال21 يقدرها أيما تقدير… ومحاضراتي كلها برهان متواضع لهذه الفرضية لكي لا نتبجح بقول نظرية…بينما أشهر وأذكى وأرخص وووومن الكتاب الألمان لا يجذبون حتى 50-100 مستمع(ة) يصل عدد مستمعي إلى 1300 في مدينة طلابية مثل توبينغن أو 700 في هامبورغ وغالبيتهم من الشبان والطلبة…تشويق الأذن في عالم شديد الإثارة للعين مغامرة بحد ذاتها، أمزح أحيانا  مع الجمهور بعد شكري له لحضوره في يوم ماطر، بارد لئيم يمنعني من مغادرة البيت حتى ولو حاضر يسوع المسيح على بعد 50 كم بينما يسافر بعض مستمعي محاضراتي 200 كم …أمزح معهم قائلا: لو كان الحفل مع رقص وطعام عربي شهي لفهمتكم، لكنكم تأتون لسماع كلماتي وتخسرون ساعتين لذلك سأحاول أن أعوض خسارتكم قدر الإمكان…

ـــ إذن ماهو عنصر التشويق الذي تستخدمه لتشد  إنسانا يغوص حتى أذنيه في عالم المرئيات وكيف تدفعه لإستعمال أذنه وينصت إليك أم  أني أخطيء الظن بسؤالي؟

رفيق :ــ
بالعكس، سؤالك هو بحد ذاته نواة للجواب. التشويق دون إبتذال والذي بهر القراء والمستمعين في القرون الماضية يمكن نقله بدون تغيير الى القرن الثالث والثلاثين لأن الإنسان سيظل إنساناً،  ومادام الأمر كذلك فإن الإنسان يحب الحلم والضحك وأن يغلب الضعيف القوي ولو في القصص…طبعا هناك حدود لأخذ الشكل فاللغة الألمانية غير العربية ومسلسل ألف ليلة وليلة قد يكون مناسبا لكتاب أو رواية ما ، لكنه لن يستطيع خدمة كل محتوى ومضمون فعلاقة الشكل بالمضمون أكثر من كونه رداء لجسم الحدث.إنه يتداخل مع المضمون بشكل دياليكتيكي ويؤثر كلاهما في الآخر…خذي مثلا روايتي ” الوجه المظلم للحب”،  والتي صدرت قبل فترة قصيرة بطبعة عالمية إنكليزية بنفس الوقت في ثلاث دور ( در هاوس – أرابيا بوكس –  في لندن ودار إنتر لينك في أمريكا ودار النشر للجامعة الأمريكية في القاهرة)…هذه الرواية التي فتشت عن صيغة لها لمدة تجاوزت العشرين سنة…كتبتها حوالي عشر مرات… إلى أن اهتديت لشكل أحجار الفسيفساء..تتألف الرواية من 304 أحجار لكل منها رواية صغيرة، وهذه الرواية الصغيرة هي  لون من ألوان اللوحة الكبيرة التي تشمل 110 سنين من تاريخ دمشق… لكن وعلى العكس  من ألف ليلة وليلة لا تتسلسل الحكاية بشكل بدائي خلف بعضها البعض بل تقفز إلى أحداث تمت قبل متابعة الفصل الذي قطعته عند ذروته،  أي أني أطلب من القارئ تركيزا شديداً… وبشكل آخر أقول لكِ. الرواية تتألف من ست كتب ضخمة ( كتاب الموت، كتاب الحياة، كتاب جهنم، كتاب العزلة، كتاب الفراشات، كتاب الضحك) ويمكنك تصور أن هذه الكتب( المرآة) انفجرت وتوزع حطامها على الأرض وأتى من يجمع شظاياها ويلصقها ببعضها ليس ككتاب مسلسل الفصول بل حول المنطق الموضوعي لشرح خلفية الأحداث…

ـــ…حازت الرواية على مديح هائل  ومن أعتى النقاد ونجحت في ألمانيا حيث طبعت 12 طبعة وحوالي 150.000، وترجمت للاسبانية والايطالية ، رغم أنها تحوي على   1000 صفحة من تاريخ العذاب والحب المحروم حتى الآن، كما ترجمت لعشر لغات أخرى وستصدر هذا العام الطبعة الفنلندية والتركية والعبرية وقد صدرت حتى الآن الطبعة الإنكليزية واليونانية والسويدية والدانمركية والهولاندية وتحضر طبعة بالفرنسية…وصدرت الآن طبعة كتاب جيب ضخمة.ـــ…

ما أريد قوله أن  أدباً كهذا يعالج أمرا واقعياً جداً وبأسلوب خاص لكِ أن تسميه أسلوب شامي يعود لشخصي ولمدينتي دمشق الشام التي أدين لها بالكثير.
بينما سردت قصة سر الخطاط الدفين التي صدرت في الخريف الماضي والتي زينها خط عصمت  أميرالاي الرائع بأسلوب آخر…أسلوب الرواية التي تبدأ بالطفولة وتسير بخطى هادئة تتابع  كخيط ملون حيث يهتم  الخيط الأول(  ببطلة القصة) ثم خيط آخر( خيط  عشيقها) ثم الخيط الثالث ويهتم (بزوجها الخطاط  الشهير) ثم الرابع وهو خيط العاشق(زير النساء الشهير ) لتتحول إلى لوحة وتوصل في النهاية كل خيط لهدفه… ما أردت قوله أن هذا الأسلوب ليس كالأسلوب الأوروبي ولا كالأسلوب  الشرقي، لأني لست مجبراً لقولبة وتشكيل الرواية ضمن إطار محدود وإنما يمكن للكاتب تنويعه وتطويره بما يتناسب والرواية وما تتطلبه  أحداثها …أغلب الكتاب يكتب كل قصصه بالأسلوب ذاته وهذا ما اعتبره ضعف شديد للإدراك أو الحس الفني الذي يتتطلب التغيير والتنويع حسب الموضوع المطروح

في حارة الختام والوداع على أمل اللقاء في دمشقه الحبيبة

رايات المحبة ورمال الفضة التي نطقت بها  حروف رفيق الشامي..وشذاالياسمين الذي حملته صلواته المعلولية الدمشقية وتراثه الآرامي المكتوب والمقروء والذي تربى عليه ونهل من ينبوعه رفيق..جعلت أمواج البحر المتلاطم عنفاً بوجه الفارس القادم من الشرق تهدأ لكلماته يسوعية المحبة وصبره المعجون بالكرامة دون تعب أو كلل مسح أمامه غبار وغبش التاريخ وفتح صدوراً ظلت مغلقة أمام محبة الغريب..فولدت ولأول مرة في التاريخ الألماني،  جوهرة من شعاع الشمس المشرقية
تسطع بنورها وتتوهج بحروفها عبر صفحات الكتب ومسارح المعرفة.
انطلقت قريحة رفيق تقطع الفيافي الألمانية تطرق دون هوادة لكن برفق وأناة دروباً ومعاقلاً يسكنها جنون المدن ومتاهات الحروب، فدخل صوته الصارخ بحنان والواثق بأمل والحالم بتصميم قلوب سامعيه وقارئيه..وعرج خلال مسيرته من نكران العرب لموهبته ومن استنكار الوطن لأصالته ومن جحود الأصدقاء وخشيتهم من فشل مسعاه المحفوف بالمخاطر، وهول ماأقدم عليه إلى أن يقفز بثبات من الدرجة الأدنى ليصل اليوم إلى مصاف الكبار في عالم غربي السمات وغريب الأطوار على من نشأ دمشقيا وتربى بحضن الصخور وبيوت الطين وأعراش العنب وأغصان الياسمين ، لكنه صمم أن يكون صوت هذا الساكن وصوت هذه الزهور الوفي لحيه وقريته وموطنه يحمله هماً وإرثاً ويجول فيه ويكتب عنه ويفسر طياته المخفية ويبرهن على المعلن منها.
ترجمت كتبه إلى عشرات اللغات( أربعاً وعشرين لغة)..وحصل منها على جوائز لا تحصى( واحد وعشرين جائزة  من أهمها: جائزة هيرمان هيسة وفالهايم الأدبية في ألمانيا، جائزة أدب الصوتين في فرنسا، الجائزة العالمية لفن القصة في أمريكا،جائزة سميلك كيجن في هولاندا، جائزة أفضل كتاب للشبيبة في سويسرا، قائمة الشرف لجائزة الدولة في النمسا)…كان آخر قطوفها الدانية كتاباً حمل جمال الخط العربي لوحات تزين الصفحات وعبارات تحمل معان عميقة وتبرز جمال اللغة وقدرتها على المحاججة والوصول لحب الجمال والقدرة على اختراق القلوب ..كما تنتقد في الوقت نفسه ضعف الحيلة الثقافية الاجتماعية وتضاربها الفكري مع منطق الحياة ومنطق الحب، لقد استطاع هذا الكتاب ” سر الخطاط الدفين”، رغم خشية الناشر وشكه في أن يحصل هذا الكتاب على حقه من الانتشار، كونه يتناول الخط العربي..ويتحدث عن قصة أحد متقنيه  ومبدعيه “إبن مقلة” الذي يسميه رفيق شامي ” ليوناردو دا فينشي العرب” …فهل يمكن أن يشد هذا الموضوع الألماني المتعصب للغته ولأدبه؟ واعتقد الناشر أنه لن ينال مانالته بقية الكتب عند رفيق!، لكن النتائج جاءت على غير المتوقع وأصابت حظها الحقيقي من الانتشار، فقد طبع الكتاب حتى الآن ومنذ أيلول 2008 للمرة الثامنة وفي كل مرة مايعادل عشرة آلاف نسخة..أي حتى اليوم 80 ألف نسخة..وعلى سبيل المثال أيضا:( كتابه يد ملأى بالنجوم طبع منه 300 ألف نسخة، أما حكواتي الليل  فقد طبع وباع مليون نسخة وحصد أربع جوائز أدبية وترجم لعشرين لغة، ورواية الكاذب الصادق طبعت 150 ألف نسخة…روايته الجديدة الوجه المظلم للحب ظلت لشهور على قائمة أفضل المبيعات في المانيا وإيطاليا وإسبانيا).
إن أعظم الكتاب العرب وأكثرهم شهرة لايستطيع أن يطبع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة!
كل هذا الانتاج العظيم وكل هذا الاكتساح لكاتب يحمل الجينات العربية والسمات الشرقية لكنه يكتب بروح شامية فيها عطور دمشق وحواريها ونفسها ورائحة التربة المعشوشبة في حدائقها وزواريب دمشق القديمة ومحلات فنانيها المبدعين لأصالات قديمة في نقش الكلمات فوق النحاس وعلى أعواد الغناء وفوق الزجاج الملون…كل هذا يعبق من خلال حرف رفيق وينضح شذاه من بين سطور تحمل عشق رفيق لدروب الشام وبيوتها الطينية ونوافيرها وقصص أهلها ، حملتها ذاكرة رفيق ودونتها بقلم شرقي اللون وبلغة غريبة النطق بألمانية عشقها الغربي  الغريب، وصار يدخل من خلالها زقاقاتنا وحوارينا يجول بها في خياله ويحلم ببوابات دمشق السبعة ودروب ألف ليلة وليلة تأتي بالتاريخ وترسمه في لوحات جميلة عربية  بروح لم يعرفها الغربي وافتقدها ، لكن رفيق أحضرها إليه بجمل حلوة المذاق تخاطب روحه وحبه لمغامرات الشرق  ومتاهات التاريخ وعادات الشعوب فأحبها من خلاله..
هذا الرفيق ابن سورية… صدر له حتى الآن مامجموعه أربعين كتاباً ، كتب للطفل والشاب والكهل ، كتب وصور المرأة التي أحب وعشق صورتها من خلال أمه وعشيقته من خلال الصبية محرومة الحب ومهضومة الحقوق، من خلال الابن المغامر والرافض لما هو سائد وتقليدي ومحاصر لحريته،  لم تكتب عنه صحف الوطن ولم تمجده كما مجدت بعض كتاب الوطن، لماذا؟ لأن رفيق لم يساوم، لأن رفيق ينتمي لشرفاء الوطن ومحروميه، لم يرتزق على حساب مثقفيه القابعين خلف القضبان، وارتضى لأمه أن تقضي دون أن تكحل عينيها برؤياه، وظل يهمس لها بأمل عودته عبر الهاتف إلى أن ودعت الدنيا وعيونها معلقة بالباب وخيال ” سهيل” يدخل عليها..ترمقه للمرة الأخيرة لكنها لم  تره ولم يضع زهرة فوق قبرها ولم يحملها كما يفعل الأبناء…لماذا؟ لأن رفيق يرفض العودة ..ويكرر منذ عشرات السنين: سأعود عندما تغلق سجون الرأي والكلمة، عندما يعود المهجرون قسرا أو طوعاً من أمثالي ويرون في وطنهم ساحة حرية للتعبير والنقد وللمحبة والتسامح. لا أحلم لوطني بغير هذا…أشتاق نعم لباب شرقي ولباب توما ولأهلي هناك ولرفاق الطفولة والشباب..فهل هناك أغلى من أمي؟…عندما ارتضيت أن يكون وداعها وذهابها ثمناً لحرية وطن، فهل سأعود من أجل ماهو أقل وأصغر؟
كل هذا الموقف ومازال مسؤولوا الثقافة يديرون الظهر لرفيق ويكتبون كلمات وجداول بحق كتاب لا يستحقون سطراً من المديح والتبجيل…وينكرون حسداً وإحساسا بالنقيصة على رفيق كل هذا النجاح في عالم يعجزون عن إيجاد منفذ صغير أو كوة صغيرة لهم بين أهله…لكن رفيق غدا علماً من أعلامه ..غدا عموداً شامخاً من أعمدته تكتب عنه صحف أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا، فقد ترجمت روايته الكبيرة( الوجه المظلم للحب)للإنكليزية والاسبانية والايطالية واليونانية والسويدية والهولاندية وأنتهت قبل أيام ترجمة الرواية للتركية والعبرية والفنلندية. كتبت عنه صحف إيطالية أنه” يُعَلِّم الشعب الايطالي الحب من خلال هذه الرواية” واستقبله أكثر من ثلاثين صحفي في مدينة ميلانو من كافة الانتماءات السياسية حين حضر للتوقيع على كتابه، وآخر ترجمة لهذه الرواية كانت للانجليزية وطبعت في ثلاثة دور في الوقت نفسه( هاوس في لندن، أنترلينك في أمريكا، ودار الجامعة الأميركية في القاهرة) وكتبت منذ أسبوعين نقداً رائعاً ولامعاً لهذه الرواية في  صحيفة ( الواشنطن تايم( 11 مايو 2009  ) وصحيفة( الغارديان البريطانية 15 مايو 2009)، لكن زملاء المهنة العرب يتجنبون الحديث عنه.! ألا يقرأ الكثيرون منهم اللغة الإنجليزية؟ بلى لكن نجاحه يثير الحسد والضغينة والشعور بالنقص..بل يصل بهم الأمر إلى حد الشك معتبرين أن أي نجاح في عالم الغرب لابد له من ثمن سياسي؟ يقولون هذا وهم يعرفون وخاصة من يقيم في ألمانيا وأوربا كم دفع رفيق من وقته ومن جهده  من أجل فلسطين وقضيتها وكم عمل مع أبنائها في المهجر وشارك في إنشاء صحف تكتب للقضية الفلسطينية، وتعرض لهجوم عنيف من أوساط الألمان متهماً بانحيازه ولاساميته… لكنه أحرز رغم ذلك وصف” الجسر” كما سماه أحد النقاد الألمان جسر بين الثقافات وبين كل محبي الحرية عربا ويهودا لإيقاف المجازر والخراب.

هذا الرفيق الشامي ( سهيل فاضل ) الحر الصامت الموشح ببسالة الراسم لخريطة التاريخ الشامي يغزو بها محافل ومعاقل انكفأت أمامها الكثير من جحافل الكتاب المغامرين، لكن نبيذ الكلمة المعمدة في( دير القديسة تقلا) ورايات البحث في عمق الحقيقة أبطل مفعول الحصار وقدرة السحرة في معابدهم ،فانتصر فرح الصبر والإرادة وهطل مطر الكلام مدراراً يحمل أحلامه وأحلامنا في جعبة الروايات ، لم يخلع أبواب العودة ولم يتخل عن جذور الوطن لهذا ترعرعت شجرته في حضن المحبة رغم  الجراح والشراك ، فانطلقت أقدامه تسبقها أقلامه في  اجتياز المسافات وتخطي الجدران ، دون أن ينافس أحداً أو يبارز أحداً، كان وحده في قافلة الألوان الأدبية الألمانية فأصاب مغنماً وكسب جولات الكتاب بعناد وإصرار جعل نور الكلمة ينطق  ليفضح صمت القبور أمام الحقيقة المرة وأمام زيف التاريخ حين يتخذ من الأدب ومن الكلمة وسيلة للإغراء والشراء تصيب من أهلكوا الكلمة ورخصوا ثمنها بغيبوبة أمام نجاحه اللامع في عالم غريب بعيد عن مهبط رأسه ومرتع شبابه ، لكن ريح الشهرة ورياح الأدب تخترق الحجب الألكترونية والإعلامية، فتصل لمواطن يريد أن يعرف ويفخر بمنتج صنعته وصقلته صخور معلولا وحواري الشام ، وروائح البزورية، وهاهو نجمه يسطع رغم وحشة النواح العربي ورغم حصار البريد وحجاب اللغة وزيف الممنوع، الآن يمكنني القول أن يمامة المحبة في كلمات رفيق انطلقت  في فضاء عربي واسع ينتظر بارقة أمل ويرافق الريح  في ركوبها موج الفضاء الأوسع والأرحب  والذي يحمل ويحتمل كل ألوان الثقافة والأدب ، ويرفض حبس إكسير الحياة بقارورة تخفي وتحصر وتحرس الغث من الأدب، لأن السمين والدسم لا يعرف إلا الانطلاق ولا يهفو إلا للحرية في الحركة والوضوح .

لمن يريد أن يعرف أكثر عن الكاتب الأديب رفيق شامي :ــ
عليه أن يتصفح صفحته:
www.rafik-schami.de
من يريد قراءة بضع مقالاته فليفتح ” صفحات سورية” الإلكترونية
www.alsafahat.net
من يرغب في قراءة مقابلة طويلة صحفية قام بها الكاتب والشاعر خلف علي خلف فليتصفح مجلة الجدار الإلكترونية:
www.jidar.net
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى