بسام القاضيقانون الاحوال الشخصية الجديد

الشعب السوري مجرد قطيع في عيون لجنة مشروع إنشاء إمارات الطوائف في سورية!

لم يكن غريبا أن الدكتور حسان عوض، كلية الشريعة بدمشق، لم يجد ما يقوله للزميل جديع دوارة (سيريا نيوز) حول مشروع تفتيت سورية وتشريع اغتصاب الطفلات وتحويل النساء إلى حيوانات متعة، لم يجد ما يقوله سوى أن أعضاء اللجنة (حسب الزميل دوارة):
” تداولوا في الانتقادات الموجهة للقانون وفضلوا الصمت ريثما “تهدأ الفورة التي تنتقد وتطالب بمحاكمة أعضاء اللجنة”. وكشف عوض أن “فتر الشهر التي أعطيت للملاحظات انتهت، وأن القانون الآن لدى رئيس مجلس الوزارء”، ورفض تزويدنا بأسماء باقي أعضاء اللجنة معتبرا أن الأمر “سري”. (انتهى الاقتباس).
د. عوض، سبق له أن عبر كثيرا عن رؤيته الخاصة للإسلام التي تدعي أنها “تكرم المرأة” بتحويلها إلى جارية وعبدة وبنت هوى عليها إشباع رغبات بعلها الجنسية والنسبية (من النسب)، والطعامية والغسيلية (من غسل الثياب).. إلى آخره. فوفق رؤيته تلك، المعبر عنها في المشروع الأسود، يمكن الاستنتاج أن المرأة في الإسلام هي:
– حمار، فعليها أن تقوم بكامل عمل الأسرة من تربية وغسيل وشطف وطبخ ونفخ و.. مقابل أن ذكرها العظيم يقدم لها مؤونة يومها!
– محظية مدفوعة الأجر سلفا، فطالما أنه دفع لها مهرها، فعليها أن تطيعه في كل شيء، بما في ذلك أن تكون مستعدة لتلبية رغباته الجنسية أيا كانت، وفي أي وقت يرغبه!
– عبدة مطلقة العبودية، فحتى لا يمكنها أن تعمل بدون إذنه، ولا أن تتعلم، ولا أن تزور أهلها، عدا عن أصدقائها وصديقاتها وجيرانها و…
بل إن المشروع لا يتوانى عن فرد مواد كاملة لـ”أجرة الرضاعة”! كما لو كانت الأم هي مجرد فراخة آلية انتهت مهمتها بمجرد الولادة، وما تفعله لاحقا هو “لصالح ذكرها”، فتستحق عليه أجرا!! فإذا كانت ما تزال “منكوحة شرعا” من زوجها سقط “حقها” ذاك!! فلا يحق لها “أجر” الرضاعة ما دام زوجها ما زال “ينكحها” ويطعمها ويسقيها!!
وقد بات واضحا الآن أن ادعاءات د. عوض، وغيره، أن هذا هو الإسلام قد سقطت نهائيا، بعد أن ظهر رجال دين كثيرون يعرفون حق المعرفة أن الدين وجد لخدمة الإنسان، ولم يوجد الدين لتحويل البشر إلى عبيد في إقطاعات رجاله! وهم اليوم يعيدون الأمور إلى نصابها، ويخرجون الإسلام من ظلمات العقول التي استفحلت فيها رغبات السلطة وتكفير الآخر وتهميشه واستعباده.. (منهم على سبيل المثال، لا الحصر، وفي سورية فقط: د. أحمد حسون، د. محمد  حبش، د. عبد السلام راجح، الشيخ حسين شحادة، د. محمود عكام، د. محمد سعيد رمضان البوطي..)..
ولذلك لا يجرؤ أصحاب هذه الرؤى الظلامية إلا على “الصمت”. فكل كلمة ينطقون بها علنا تفضح تزويرهم للإسلام وتحويله إلى “جاهلية” لا حكم فيها إلا للقوة والاستعباد باسم الدين! خاصة أن “لديهم” رجالهم في الحكومة السورية، رجال بتنا نعرفهم حق المعرفة، وهم لا يدينون للدولة الحديثة (التي يفترض أنهم يخدمونها) في سورية، ولا للدستور، ولا للمواطنة! بل كل هذا بالنسبة لهم مجرد مطية للوصول إلى مبتغاهم: إقامة إمارات الطوائف وتشريعات العنف والتمييز والاستعباد بدلا من الدولة الحديثة والمواطنة!
“رجالهم” هؤلاء هم من عملوا طوال السنوات الماضية على منع أي تغيير يتعلق بالمرأة، حتى القتل العار المسمى “جرائم الشرف”! وفي كل مرة كان هؤلاء قادرون، بحكم مناصبهم، على إيقاف هذا العمل..
ولكنهم، كما يتبين اليوم، لم يكونوا يوقفونه فحسب، بل كانوا يخططون لمؤامرتهم الكبرى هذه التي لا هدف لها ولا نتيجة إلى تقسيم سورية إلى دويلات صغيرة طائفية متحاربة ومتقاتلة! فاي أرضية أكثر صلاحا للوصول إلى هذا الهدف من تشريع قانون أحوال شخصية طائفي! وأي انحطاط أكثر من تشريع العنف ضد المرأة والطفل باسم الإسلام؟!
نعم، رد هذه اللجنة “السرية” هو “الصمت”! بل يبلغ الاستهتار بحياة 20 مليون رجل وامرأة وطفل في سورية حد أن يقول د. عوض أن “مهلة الثلاثين يوما قد انتهت”!! شعب سوريا معلق برقبة ثلاثين يوما قرر ظلاميو سورية أنها المهلة لكل من يريد أن يبدي ملاحظة على مشروع لا ملاحظة عليه سوى أنه مرفوض مطلقا! سوى أنه تدميري! سوى أنه يشرع العنف والعبودية! سوى أنه يشرع اغتصاب الطفلات! سوى أنه يحول سورية إلا إمارات طائفية! سوى أنه يمهد لسيول من الدم! بل إن نسخ المشروع التي وزعت إلى الجهات المعنية حملت إضافة “فيما إذا وجدت”! أي فيما إذا وجدت الملاحظات! في إيحاء صريح وفظ بأن المشروع مرسل للموافقة وليس لإبداء الملاحظات! عدا عن رفضه كله! بل إن معلومات غير مؤكدة تقول أن إحدى الجهات أعدت ردا من بضعة صفحات تشرح فيها أن هذا المشروع غير مقبول لأن هناك مشاريع قوانين أخرى قيد الإعداد، ولأن هذا المشروع يتعارض مع الدستور والتزامات الحكومة السورية وغيرها.. فجاءهم الرد، بكل وقاحة وفظاظة، بل وقلة ذوق: “ليس لكم أن تعترضوا، فقط أبدو ملاحظاتكم إن وجدت”!!
فهل يستحق مشروع تدمير سورية المؤلف من 665 مادة كل مادة فيه هي جريمة بحد ذاتها، أكثر من 30 يوما لكي تتلقى لجنة تفتيت سورية ملاحظات “إن وجدت”؟!
لقد بتنا نعرف أن هذه “المهلة” ليس لها سوى هدف واحد: تمرير المشروع في ليل لا يقل سوادا عما في عقول من وضعه!
وقد عبر د. عوض بوضوح عن ذلك. فما يهمه ليس ملايين النساء اللواتي يحولهن مشروع القانون إلى غانيات مدفوعات الأجر مسبقا (بما يسمى المهر)، وإلى عبدات مطلقات العبودية لكل من الذكر ورجل الدين معا، وطبعا لا يهمه (واللجنة التي صاغت مشروع تدمير سورية) ملايين الأطفال الذي حولوا إلى كائنات جنسية لا هم لأهاليها سوى انتظار أن ينتصب ذكر الطفل، ويظهر ثدي الفتاة، حتى يقومون ببيعها في سوق النخاسة الجنسي فورا! وبالتأكيد لا يشغل باله أو بال اللجنة ملايين الرجال الذين تم تحويلهم في مشروع القانون إلى عبيد لرجال الدين الذين يمسكون، عبر المشروع، بيد من حديد أسود رقاب البشر باعتبار أن كل شيء خاضع “للشريعة” التي هم من يتحكم بتفسيرها.
وبالطبع، يمكن لنا أن نكون واثقين 100 %، وهذا تحد علني للدكتور العوض، ولغيره، أن الغناء، والرسم، والموسيقى، والرقص، والاختلاط في المدارس والجامعات، والاختلاط في أماكن العمل، و.. و.. هي جميعها مخالفة لـ”شريعته” التي ينسبها إلى الإسلام! بل إن هذه الرؤية الظلامية هي التي حولت دروس “العلوم” في المدارس السورية إلى دروسا على الورق، يسعى العديد من المعلمين والمعلمات المضللين بهذا الفكر الظلامي إلى تجنب إعطاءها. فتدريس الجهاز التناسلي هو “مخالف للشريعة” وبث للإنحلال الخلقي! هذه هي طالبان.. هذا هو الفكر التكفيري الحاقد الذي أحرق مدارس البنات ومحلات الحلاقة.. هذا هو الفكر الطائفي الذي حصد مئات آلاف الأرواح باسم “الإسلام”! هذا هو الفكر الذي لن نقبل، بأي حال من الأحوال، أن يسيطر على بلدنا سورية. بلدنا، وليس بلد التكفيريين وأصحاب قطع الرؤوس!
لكن ذلك شيء، ورده على الزميل دوارة شيء آخر! فهنا يبلغ د. العوض (وبالتالي اللجنة السرية التي تآمرت على سورية مؤامرة لم تحدث منذ مئات السنين)، مطلق الوضوح في رؤيته للبشر في سورية. فهم مجرد أمعات يثيرون زوبعة فارغة، “فورة”!! هذا ما اعتاد د. عوض على رؤيته لدى “الأمعات” الذين يشكلون قطيع ورعية لشيوخ الظلام الذين يدعون أنهم رجال دين، الذين يريدون تحويل سورية إلى إمارات طوائف: لكل دين قانون، ولكل طائفة قانون.. بل ويريدون لرؤاهم الطائفية الخاصة أن تسود على كل من يعيش في سورية! ولعلهم  لاحقا سوف يطرحون لكل مذهب وكل عشيرة قانون! وما الذي يخدم “الإقطاع الديني” الذين يريد أن يسيطر على “العباد”، تماما مثلما فعلت كنيسة القرون الوسطى في أوربا، أكثر من تمزيق المجتمع إلى إقطاعات وإمارات؟!
واللجنة، اللجنة “السرية”، تستحق المحاكمة بالفعل. بل إن نظرة واحدة على الفصل المعنون بـ”الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي”، كفيلة بأن تظهر أن هذه اللجنة قد ارتكبت من الجرائم على أمن سورية ما يجعلها تحاكم محاكمة صارمة. ليست اللجنة فقط، بل كل من دعم نتائج عملها، وأقرها، وحاول أن يجعلها قانونا!
ونضيف إلى ذلك أن هذه اللجنة قد عملت على تغيير الدستور بوسائل غير دستورية، عبر نسف الدستور من الداخل، وتحريض الناس لعصيانه بإقرار قانون مخالف صراحة له. فبينما يتحدث الدستور عن سورية، وعن مواطنين ومواطنات، يتحدث المشروع عن إمارات الطوائف، وعن ذكور يستعبدون أمات!
وبينما يتحدث الدستور عن حماية الأسرة، يعمل هذا المشروع على تدمير الأسرة عبر جعلها “مرتع جنسي وتناسلي” لذكر تابع لرجل يضع عمامة، ويعيش كما يعيش قارون، على حساب الناس البسطاء والفقراء الباحثين عن دينهم وتقواهم!
نعم، إن الدعوة إلى محاكمة هذه اللجنة، وكل من أقر نتائج عملها، هي دعوة محقة تماما. وإن كنا لا نتبناها من منطق واحد: قناعتنا المطلقة أن بلدنا نفسه يرفضهم جملة وتفصيلا، مهما كبرت عماماتهم وطالت لحاهم. بلدنا نفسه الذي استطاع أن يكون دائما قبلة للآخرين في تطوره وعدالته وانسجامه الداخلي، لن يقبل اليوم، مثلما لم يقبل من قبل، هؤلاء الذين يجروننا إلى حقول الدم.
ولسنا نحن من يرد على دعوة هذا الفكر التكفيري الظلامي بإخراجنا من بلدنا، بمثل هذه الدعوات. ولكننا ندعو فعلا إلى إجبار هؤلاء على إتباع دورات إعادة تأهيل لإخراج كل هذا الظلام المعشش في عقولهم، وإعادة نور الحياة إليهم.
هذه هي “اللجنة السرية” التي قررت أن تتحكم بنا وبحياة أطفالنا جارة إيانا إلى “أفغانستان” ثانية. إلى جحيم العقول التي فقدت كل بوصلة بالحياة ولم تعد ترى سوى أشباح الجحيم تخيم على عقولها وتستنزف آخر ما تبقى من إنسانيتها. هذه هي اللجنة التي أنتجت مشروعا سيبقى وصمة عار في جبين سورية إلى زمن طويل.
وهؤلاء نحن الذين نقول لهم، لأتباع الظلام، أن مشاريعكم لن تقبل أبدا في حياتنا. وإن ظلماتكم ومؤامراتكم وشركم مردود عليكم.
بسام القاضي
نساء سورية
للاطلاع على كامل مواد مشروع القانون الجديد يمكنك الذهاب الى الرابط التالي
https://alsafahat.net/blog/pdf/Syrian_safahat001.doc

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى