جهاد صالحصفحات ثقافية

ومضى إلى هاوية الروح

null
جهاد صالح
لم يكن يدري أنه سيصبح منسيا في دوائر الذاكرة، يعلق بأوراقه غبار الزمن الأصفر، هو كان يوما أميرا، وشمسا صباحية، فجرا في قلب إمراءة تتوجس الحب من على أرصفة القهر وفوضى الذكور.
لحظة واحدة كانت كافية لتلاصق الأشياء وتلاسن الحروف التي اغتسلت مرارا في رجفة الجسد، وعويل الممالك المرمية خلف تاريخ يتكور على عظامه؟
أنثى هي ديكة تصيح في اغفائة الأرض، ونار هشيمها كالبركان، وظلال ترتعش خوفا من الفشل، إنه البحث عن الذات المرتجلة، فيما الإنوثة تبخرت في زمن مضى.
إمراءة مسكينة تقنع الأقنعة الكثيرة بأنها في حالة عشق، لاتدري أنها غزالة تصطاد في كل مرة  وتطلق في مهب الريح، مع جرح جديد وطفحة مجنونة.
هي تلوذ هربا من لسعة الزمن وسطوة الحياة، وحده الجنس مرادها، في لوحة مفبركة تحت أثواب
( الحرية).
فستانها مزركش بزهر اللوز، مطرز بذهب الجان، والأصابع تتكور بحناء الحوريات، في عينيها شهوة نار لا ينطفئ، وصوتها قيثارة يونانية عبر تاريخ الملحمة.
هو كان قنديل ليل ، نوّر ليلها بضيائه وعسل القصيد السكر.
ومضى الزمن بهما في غيمة بيضاء الأبعاد، حكاية العصافير حين تخبئ مشاعرها في جذوع الشجر، والسناجب تبكي من حرقة الفراق الكئيب، هكذا كانت النهاية، والبداية لفظت أنفاسها….
كل الحب تجرد من ورقه وحيائه وكبريائه، تحولت الروح إلى ألم واسطورة حزن لا يموت.
هي أنثى القساوة والحجر والإسفلت، لقد قتلت طفل الحب، ومزقت الدفاتر الوردية ، المخضبة بدم الشعر، فيما حروف القصائد تلملم ملح الأيام الخوالي، لا ملح سيداوي جراحنا، ولا مناديل تمسح دموعنا،والبحر في بيروت كان يوما يتلمس أقدامنا، وقهوة ترتشف أنفاسها، هي القادمة من وراء المحيط.
لقد كان الحب لعبتها، والأحجية كلمتان: جسد وسرير؟
رهط من الرجال مزقوا روحها خيمة لرغباتهم وحيوانيتهم المبعثرة
والطفلة ما زالت تحلم بالياسمين الأبيض
وسلة قصبية منسية في زاوية الغرفة
كان موسم قطف التفاح
والكرز ينزف دما من جرح القلب؟
لقد صلب الأنسان فينا
والحب في غربة البعاد
أنت يا غزالتي كالسراب
مثل الريح التي تلطم الخدود وترحل دون شفقة.
ها هو يمضي برجولته
بقلبه المنكسر كالزجاج
وأنت منتشية بارتطام الجسد بصهيل الرغبة الماجنة.
وحدك سفينة من ورق في بحر الذكورة
لن يزهر الورد في محياك بعد اليوم
فقد انطفأت الشموع وفقدت حتى ظلالك.
أما هو فقد أختفى في غربة المسافات ومنفى الألوان
هل يمكنك اعادة الزمن إلى الوراء؟
صعب!
فكري بذاتك فقد تجدين مفتاح الحب والحياة.
قد يعود يوما؟
ومضى في حزنه
يبحث عن مدن المطر
علّه يغتسل عن الحب
فقد كان إثما وخطيئة في قواميسك.

–  واشنطن 20-6-2009

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى