ما يحدث في لبنانمازن كم الماز

بين بيروت الحريري و نصر الله..لا مكان للفقراء!!

null


مازن كم الماز

من هم الناس بالنسبة للفريقين الذين يتبادلان الرصاص اليوم فوق رؤوس الناس في لبنان و العراق ؟ أحيانا قد يتحدث هؤلاء عن الناس , بل حتى عن إنقاذ الشعب اللبناني أو عن الشعب العراقي ,
من كلا الخندقين , لكن مع ذلك هناك تشابه هائل جدا بينهم جميعا..قبل اندلاع الرصاص في لبنان قرر بشار الأسد رفع رواتب العاملين في “دولته” بنسبة 25 % بعد أن أصدر أوامره بزيادة أسعار المازوت ثلاثة أضعاف و معه كل شيء يخص السوريين الفقراء أما حسني مبارك فأصر على نسبة ال 30 % في المشهد المسرحي المعروف أمام حاشيته أما حكومة السنيورة نفسها فقد قررت في اجتماعها الليلي المطول الشهير أن ترفع رواتب العاملين لديها بما يزيد قليلا على المائة دولار شهريا..في اليوم الذي كان من المفروض فيه أن يخرج الناس ضحايا سياسات السنيورة و الطبقة السياسية كان غضب حزب الله على تهجم حكومة السنيورة على شبكة اتصالاته يحول شوارع بيروت إلى معارك بين ميليشيات مستعدة لأي شيء لتحقق أوامر قادتها بالنصر , كما استخف الطرفان بلقمة خبز الناس من قبل فإنهما يستخفان بحياة هؤلاء الفقراء الآن..ليس المقصود هنا هو الحديث عن القتلى الذين سقطوا , لا عن الناس الذين سقطوا برصاص مقاتلي حزب الله و لا القوميين العشرة الذين أعدمتهم جماعة الحريري في طرابلس و لا الأعضاء الثلاثة في حزب الله الذي أطلقت عليهم قوات جنبلاط النار و مزقت أجسادهم بالسكاكين في الجبل ( فهؤلاء لن تسمعوا عنهم بعد الآن , لن يشكل مجلس الأمن محكمة لمحاكمة قتلتهم , لن يتحدث عنهم حتى زعماء أحزابهم أو رجال دين طوائفهم و لا وفد الجامعة العربية و لا كبار “المثقفين” أو المعلقين , فالفقراء لا بواكي لهم ) , ما أريد أن أذكركم به هو التسمية التي يطلقها كل طرف على بيروت , و معهم النخب الحاكمة و المالكة و السياسية و الدينية و الطائفية و المالية و أخيرا المثقفة التي وراءهم , يسميها البعض مدينة رفيق الحريري , و بعضهم مدينة حسن نصر الله أو مدينة المقاومة , و من قبل سميت بمدينة جمال عبد الناصر أو مدينة عرفات أو شمعون و الجميل , و اعتبرتها تلك النخب “لبنانية” لهذا السبب بالذات , في الحقيقة يقاتل الكثيرون اليوم في صفوف الميليشيات و على شاشات الإعلام النخبوي التابع لهذا الزعيم أو ذاك , لهذا القائد الميليشيوي أو ذاك بإصرار دفاعا عن “مدينتهم” تلك , لكنها أبدا لم تكن مدينة الفقراء , مدينة ناسها و سكانها من كل الطوائف و الأديان , يحرص الجميع من ديكتاتوريات مجاورة أو بعيدة و من نخب و أنظمة و أصوليات على أن تبقى مدينة تلك النخب , تماما كما يسمي البعض سوريا بسوريا الأسد و العراق بأسماء زعماء الطوائف و من قبل باسم صدام و كما تسمى السعودية بحكامها من آل سعود , أمريكا كالعادة أكثر تحضرا فهي تحضر كدولة البيبسي كولا و الماكدونالدز و شركات البترول و الأسلحة رغما عن أنف كل عمالها و فئاتها المهمشة..لكن كل هذا الضجيج التافه الذي يغري المؤسسات الطائفية و جوقات السلاطين يكشف لنا لب الحقيقة , أنه كي تكون بيروت مدينة أهلها , و دمشق مدينة أهلها , و بغداد مدينة لفقرائها , و أن تتوقف طوابير انتظار الخبز فإنه على مدننا , عالمنا , أن يكون بالضرورة خاليا من سعد الحريري و نصر الله و بشار الأسد و وليد جنبلاط و عبد الحليم خدام و سمير جعجع و جورج بوش و ساركوزي و بلير و مقتدى الصدر و عبد العزيز الحكيم و حارث الضاري و صدام حسين و عزت الدوري و حسني مبارك و جمال مبارك و عبد الله الأول و الثاني و الرابع عشر , لا ميليشيا حزب الله و لا تيار المستقبل و لا جيش المهدي و لا القوات اللبنانية و لا الجيوش النظامية التي نفذت مجازر الجنوب و الشمال في العراق و حماة و أي مكان احتاجهم فيه الطغاة و لا من قتل طلاب مدرسة المدفعية في حلب و لا من فجر الناس في المراقد الشيعية و لا من انتهك كل شيء في حياة الناس حتى حياة الأطفال و الحيوانات نفسها في الفالوجة و الرمادي و تكريت مرة باسم زئير الأسد و أخرى باسم العقرب أو أي حيوان مفترس يجسد الموت و القهر بالنسبة لهذه السلطة أو تلك , هذه النخبة أو تلك , هذه الألفاظ التي تعبر عن النفسية الميليشيوية التي تحدد نظرة كل النخب الحاكمة و التي تعمل “بالسياسة” و المثقفة للناس العاديين كفريسة جاهزة سهلة ضعيفة الخطر لقمعها و وحشيتها , هذا هو العالم الوحيد الذي سيكون لنا نحن الفقراء…..

مازن كم الماز

الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى