صفحات العالم

الحرب المقبلة

راجح الخوري
يتنافس المسؤولون الاسرائيليون في الرياء والوقاحة عندما يحاولون القول ان المنطقة تنعم بالهدوء والاستقرار، وان لا خوف من تصعيد عسكري او من حروب قد تقع، في حين يملأ غبار مناوراتهم العسكرية واستعداداتهم الحربية فضاء الشرق الاوسط.
لم يكن غريبا على الاطلاق ان يعرب الرئيس سعد الحريري عن قلقه من التصعيد الاسرائيلي الذي يتجاوز حدود التصريح والتحليل الى وقائع الاستعدادات الميدانية والمناورات المدرعة و”القباب المعدنية”، وكل ذلك يتصل عمليا بتقرير “لجنة فينوغراد”، الذي اوصى صراحة بالثأر من لبنان، بعد فشل العدوان عليه صيف عام 2006.
الغريب ان التهدج في صوت شمعون بيريس امتد الى عقله عندما استغرب قلق الحريري والمسؤولين في لبنان من قيام اسرائيل بعدوان جديد تُقرع طبوله يوميا. وهو ما يدفع الحريري بالطبع الى الاعراب عن القلق والحرص على تنبيه الدول الصديقة الى خطورة هذا الامر.
الغريب اكثر ان بيريس ينخرط في المسكنة والاكاذيب عندما يزعم ان “اسرائيل تركت لبنان”، بينما احتلالها مستمر في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، “وان ليس هناك اي نزاع بين اسرائيل ولبنان ولا داعي للقلق”، والواقع ان النزاع مستمر، لا بل انه متصاعد مع العدو الاسرائيلي، الذي يواصل تهديداته واستعداداته على حدود لبنان، وهو ما دعا الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله اول من امس الى الرد على التهديدات الاسرائيلية بما تستحق.

كان واضحا ان بيريس يستهدف الوحدة الوطنية في لبنان، عندما ادعى “أن القلق القائم هو بسبب وجود جيشين في لبنان وسياستين”، ولكن هذه المحاولات السخيفة والمتكررة تتساقط دائما امام تفاهم اللبنانيين ووحدتهم. وقد تعمّد الحريري حتى قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ان يكرر دائما القول ان محاولات اسرائيل اللعب على وتر الانقسام بين اللبنانيين لن تمر، وان وحدتهم هي اقوى اسلحتهم في مواجهة العدوان الذي يبقى في التحسب في بيروت، في وقت تتصاعد احتمالات التفجير الاسرائيلي، سواء ذهب الجنون باسرائيل الى القيام بقصف المنشآت النووية الايرانية، بما يؤدي الى اشتعال الجنوب، أو ذهب الى استهداف صواريخ “حزب الله” بهدف تحييدها وشلها قبل الهجوم على ايران.
ليس في المنطقة الا الحديث عن “الحرب المقبلة”، وهو ايضا حديث القوى الكبرى في العالم، من اميركا التي لا تستبعد اي خيار بما في ذلك الخيار العسكري، الى روسيا التي قررت عدم تزويد ايران منظومة الصواريخ المتطورة “اس. اس. 300″، في محاولة لإنجاح ضغط العقوبات المقبلة على طهران، عبر ترك فضائها في ما يشبه العراء امام اي هجوم اسرائيلي او اميركي!
المنطقة بركان يغلي، وتصل الوقاحة ببيريس الى حد استغراب قلق المسؤولين اللبنانيين من امكان التصعيد العسكري الاسرائيلي، الذي قد يفجر المنطقة كلها.
في اي حال، لبنان ليس “دولة من ورق”، كما يقول عاموس جلعاد، بل “اسرائيل دولة من ورق” وتحترق ولو بعد حين بنيران سماجة بيريس، وهو ثعلب سياسة، وحماقة عاموس وهو مجرد “جلعاد” عابر في تاريخ المنطقة.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى