صفحات سوريةغسان المفلح

خصوم الديمقراطية في سورية!

null
غسان المفلح
بداية مناسبة هذه المقالة, أنني قرأت مقالات عدة في الآونة الأخيرة لكتاب ومعارضين سوريين. تتحدث عن أوضاع المعارضة السورية, والأوضاع السورية عموماً, وهي مادة مفتوحة منذ زمن بعيد لقراءات متعددة, وهذا طبيعي, ولكن الذي يصبح شاذا هو أن كل واحدة من هذه القراءات ترى في الأخرى خصمها إن لم يكن عدوها. ويتضح في الحقيقة أننا جميعا خصوما للديمقراطية, ربما أكثر من النظام أحيانا, والسبب أننا في أروقة الخطاب المقروءة والضمنية دوما نحن في حالة تخوين بعضنا بعضا من جهة, وكل منا هو معيار للقراءة الصحيحة. ولكن الملفت للانتباه هي مقالات لبعض المعارضين, التي تعتمد لغة هجائية مواربة, وتحاول أن تدق أسفين في تشكيلات المعارضة, التي من المفترض أن تحوز على اعتراف بعضها بعضا لأن قاسمها المشترك هو الديمقراطية. فأنا أخاصمك سياسيا, يعني أن اعترف بكيانيك, اعترف بحق وجهة نظرك أن تناقش وتصل للجمهور. هذا بسيط الكلام عن الديمقراطية. من المقالات التي لفتت نظري مقالة للناطق الإعلامي لجماعة »الاخوان المسلمين« في سورية السيد زهير سالم. بحركة شبه واضحة يعنون المقال ب¯»لنكن, في »إعلان دمشق«, الوارثين للكتلة الوطنية صانعة الاستقلال« أولا هنالك تيارات خارج إعلان دمشق هذا من جهة ومن جهة أخرى, استغربت عدم ذكره ل¯»جبهة الخلاص« الوطني في سورية, والذي ينتمي إليها السيد زهير سالم وبوصفه عضوا في أمانتها العامة حتى اللحظة! ثم هنالك تيارات كردية وليبرالية خارج »إعلان دمشق« و»جبهة الخلاص«. مستغرب سياق هذا المقال! هل القصد منه إثارة زوبعة ما! أم أنه يقدم صك الغفران ل¯»اعلان دمشق« وبداية للانسحاب من »جبهة الخلاص«, خصوصا بعد الانعطاف الدولي الأخير الذي ربما يتوهم السيد زهير سالم بأنه انعطاف ستراتيجي تجاه النظام السوري, أو ربما لا يريد إزعاج الأشقاء في »حزب العدالة« والتنمية التركي! والسؤال ماذا فعل »الاخوان المسلمين« سواء داخل »إعلان دمشق« أو داخل »جبهة الخلاص«? لنكن بمنتهى الصراحة! وهذا الاحتكار لوراثة الكتلة الوطنية للاستقلال? فقط لإعلان دمشق وفيه »الاخوان المسلمين«, وهل من دون »الاخوان المسلمين« يبقى »إعلان دمشق« وريثا لكتلة الاستقلال الوطنية? أن تدافع عن وجهة نظر أسمها وجهة نظر »الاخوان المسلمين« في المعارضة شيء, وأن تترك الحبل على الغارب في التشريق والتغريب شيء آخر خصوصا إذا كانت الغاية منه دق إسفين لعمل طويل تحاول فيه المعارضة أن تقف تحت سقف واحد, وليس من حق أحد تمثيل هذا السقف سوى مطلب الديمقراطية! ليس من حق »جبهة الخلاص« و»إعلان دمشق« أو أي من تيارات المعارضة الأخرى, ليس من حق السيد زهير سالم, ولا من حق المناضل رياض الترك, ولا من حق السيد عبد الحليم خدام, ولا من حق المناضل السجين رياض سيف. المطلب الديمقراطي هو من يمثل المعارضة وليس شخوصا وهياكل لا تعمل! المطلب الديمقراطي وحده هو الذي يمثل كل أطياف المعارضة السورية, وهو الذي يمثل وريث النضال الوطني لاستكماله بالديمقراطية. لأن من لهم مصلحة بالديمقراطية هم مجموعة أحيانا متنافرة, وأحيانا متناقضة المصالح الطبقية, والاجتماعية والثقافية والسياسية, من يمثل من هذه التيارات وهؤلاء الشخوص يمثلون مطلب نظام شمولي, يحتاج إلى قيادات رمزية! تلهب أحاسيس الجماهير الغفيرة! غورباتشيف وبعده يلتسين لم تذكرهم معركة الديمقراطية كثيرا. إذن نحن ندعو للديمقراطية ونفكر بشكل شمولي! وأرجو ألا أكون مخطئا. نحتاج أن نفكر بشكل ديمقراطي قبل أن ندعو للديمقراطية. الديمقراطية خيارا يتراوح بين إصلاح فوقي من السلطة الديكتاتورية, وينتهي بثورة بيضاء. ومن حق كل السوريين أن يرثوا تركة الاستقلال الوطني لاستكماله باستقلال ديمقراطي.
* كاتب سوري
السياسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى