صفحات سوريةفلورنس غزلان

الإطاحة ” برأس المملوك جابر السوري “…آصف شوكت

null

فلورنس غزلان

انتبهوا…فربما تأتي مقالتي هذه في سياق التهم المتعارف عليها سورياً:ــ

نشر أنباء كاذبة توهن عزيمة الأمة”!!

علماً أني استقيت الأخبار الواردة من مقالات جاءت على لسان صحفيين غربيين وعرب يشهد لهم مثل:” جورج مالبرونو في صحيفة الفيغارو ، والرأي الكويتية ، والشرق الأوسط اللندنية ، وصحيفة دي فيلت الألمانية” …من يدري فحسب المنطق السياسي للنظام السوري فإن كل هذه الصحف وأصحابها….تنشر أخبار كاذبة توهن عزيمة الشعب السوري وتحارب نظامه الثوري الاشتراكي .ولا يجوز الأخذ بها…والمصداقية تأتي فقط من الصحف ذات الصوت الواحد المُطواع …صحف النظام أو عفوا بوقه ” تشرين، الثورة، البعث”…وكل ما عداها وما يأتي من أخبار وإعلام مشكوك بأمره مصنف في حقل الخيانة الوطنية!

إن كانت الخيانة تعني، أني أبحث عن الحقيقة خارج نطاق إعلامكم…وأني أسعى للتغيير نحو الديمقراطية المنشودة حلم الشعب السوري…وإن كانت الخيانة تعني تناقضي مع نظام الاستبداد ومناهضتي لشموليته ، فإني أعلنها على الملأ :ــ

إني أخونكم كل يوم وكل لحظة…إني أخون نظامكم …كل يوم وكل لحظة…لأنه ليس فيكم نائب …أو مسئول اختاره الشعب السوري بحرية وديمقراطية ومن خلال انتخابات حرة ونزيهة…أو من خلال قانون أحزاب يمثل كل الفئات والشرائح السياسية والمجتمع المدني السوري…لهذا أخونكم وأخون ديدنكم…وسأظل وفية للوطن السوري…الوطن الحر…الوطن الذي يمثل الجميع ويتسع للجميع…وطن دون أجهزة أمن ترقب المجتمع وتراقب المواطن …لأنها ترى فيه المتآمر والخائن..أخون روحي لو خنتك يا سورية…لكني بمفهوم النظام أعتبر خائنة…وما أسهل دفاتر التخوين!! وأوراق الأمن وتحويل الكلمات إلى إدانة…الوطن ليس أنتم وهو منكم براء ..هو منكم طليق …وطالق …….

من هذا المنطلق…أسقط النظام من حساباته أقرب المقربين إليه…وأسقط أحد رؤوسه المُعَّول عليها في قيامه ووجوده وبقائه…وهذا يعني أن النظام لا يثق بأحد …لا يثق حتى بأفراد أسرته، ويمكنه أن يخونهم فما بالكم بمواطنة مثلي؟!

لأن السلطة وطعمها…لأن الكرسي ومذاقه…أكبر من الوطن وأكبر من الانتماء وأكبر من الأرض والشعب في عرف الأنظمة الديكتاتورية.

ــ لا أدعي ولا أقصد التشويه والتشويش، وإنما أنقل ما أسمع وما أقرأ من أخبار تتداولها الأقلام والصحف العربية والعالمية …دون السورية بالطبع…لأنها لا تنشر غسيلها الداخلي والأسري على مرأى من إعلام الكون..إنما تقلع شوكها بيدها …وترتب بيتها الأمني والنظامي …دون تدخل خارجي!…لكنها في الوقت نفسه ترسل إشارتها في الخلع والقلع لهذا العالم ، الذي عزل النظام طويلا…ويفتح أمامه الآن بعض كوات من الأمل …والانفتاح بشروط …أولها وأكثرها أهمية المحكمة الدولية…ومن ثم المفاوضات الإسرائيلية السورية …والعلاقات مع الجوار والتحالفات الإيرانية…الخ.

وبما أن سيف المحكمة الدولية يقترب من عنق النظام السوري شيئا فشيئاً، وقد أدرك النظام السوري، أن لعبته السياسية الإقليمية قد زادت من عزلته وحصاره، فراح يُسَّخِر قيادته للقمة هذا العام، متحركاً باتجاه يحول بينه وبين إدانته محاولا العودة للحوض العربي، الذي خسره بالتحاقه الإيراني، وقد بدا للنظام السوري اليوم قبل الغد، وبعد أن فُرض عليه قبول اتفاق الدوحة …أو رضخ له مع غصة في الحلق أدت إلى المسارعة في الإعلان عن التقارب مع الجارة الشمالية ــ تركية المنافس الإقليمي الأول لطهران” ــ كراعية للمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل…من أجل استعادة الجولان، على الرغم من أن الحليف الطهراني لا يحبذ ولا يثق بمثل هذه المفاوضات!.

وكي يثبت النظام حسن نيته وعودته…بدأ بمحاولات استرضاء من خلال التضحية بأوراق ربما تشكل أهمية بالنسبة للغير..لكنها ربما تكون قارب النجاة للنظام …وتبقي عليه وتعيد له دوره، الذي خسره وقد بناه الأب أعواما طويلة…

فأخبار الإدانة لضلوع دولة عربية في عملية اغتيال مغنية…نفاها رأس النظام ” في حديثه مع الرأي الكويتية” وصدرت إشاعات عن تورط جهاز المخابرات العسكرية، الذي يشرف عليه الصهر” العزيز سابقا”…آصف شوكت…كما أن ضرب المفاعل السوري في شمال الرقة…أوكلت مهمة حراسته للأمن العسكري أيضا …وحسب مصادر الفيغارو الفرنسية وعلى لسان ” جورج مالبرونو” أنه تم تحميل المسؤولية في الإهمال لحرس آصف شوكت مما أدى لضرب المفاعل !.

كما تسربت الأخبار عن مصادر غربية ألمانية وعربية …في لندن وغيرها… تفيد بأن مقتل مغنية جاء مقصوداً من آصف شوكت، باعتبار أن مغنية كشف للرئيس السوري عن تآمر صهره للإطاحة بالنظام من خلال انقلاب عسكري وبالتعاون مع مجموعة من ضباط مخابراته، يقال أنهم أقيلوا جميعا من وظائفهم ويخضعون للمحاسبة، كما هي حال الصهر في إقامته الجبرية في بيته باللاذقية!…

ويبدو فعلاً ، أن الصهر العزيز قد وصلت إمكانياته وصلاحياته لدرجة لا يمكن حيالها إلا الضرب بسرعة وحزم!…فقد تمادى لدرجة التهديد لمثيله الأسباني حين أعلنت إسبانيا عن تسليمها لتاجر السلاح السوري المتهم بالإرهاب وبيع سلاح القتل والتدمير لإرهابيين” منذر الكسار”، وقد كتب السيد آصف شوكت رسالة أخذتها إسبانيا بعين الاعتبار لأنها تعرف مقدار بطش المخابرات السورية وكيف يمكن أن تعرض جنودها ” المشاركين في اليونوفيل على الأرض اللبنانية”للخطر والقتل…حين كتب يقول:”

إذا كنتم تعتقدون أننا سنغض النظر عن الإهانة ، التي سيلحقها شرطيون من أمريكا الشمالية بأخينا منذر الكسار ، فإنكم تعرفوننا جيداً ولستم أصدقاء لشعب سوريا”.!!

حتى الآن لم يحسم الأمر بحقه نهائيا وإنما يمكن أن يضحى به وبغزالي وجامع جامع، …عربونا لحسن النية والتعاون السوري مع المحكمة الدولية وهيئتها…خاصة بعد التصريحات الأخيرة القادمة من لقاء الرئيس السوري بالإعلاميين الكويتيين…فكانت المرة الأولى ، التي يعلن فيها ، أن الأمن السوري لم يكن يوماً أثناء تواجده في لبنان مسئولا عن أمن المسئولين اللبنانيين! ، وإنما كان أمنهم بيد الأجهزة الأربعة للأمن اللبناني!!!..هذا يعني أن الضباط الأربعة المحجوزين رهن إشارة لجنة التحقيق الدولية…قد سقطت عنهم حماية النظام السوري وقدمتهم للمحكمة الدولية إلى جانب الضباط الثلاثة السوريين ” آصف وغزالي وجامع” …وبهذا يسلم النظام وحلقته الأضيق والأهم …من مقصلة المحكمة الدولية…ويثبت النظام السوري للعرب ” الحردانين أو الآخذين على خاطرهم من النظام السوري “…أنه قادم إليهم وسيملي شروطه للمصالحة…وهذا يعني أيضا انسحابه رويدا رويدا عن المسرح الإيراني ولعبته الروسية، التي يمكن أن تطيح به وأثبت التقارب مع إيران أنها الرابح الوحيد في المضاربات منذ الممانعة المشبوهة …في لبنان وفلسطين والعراق…

ولمعرفة النية النقية للنظام السوري حيال شعبه، عليكم بإجابة الرئيس لصحيفة الرأي الكويتية، حين سئل عن ربيع دمشق ، فأجاب :” لا أعرف مَن بدأ ربيع دمشق ومَن أنهاه؟!!،

والشتاء ضروري ولولاه لا يوجد ربيع ولا خريف”!!!!…

نعم يا سيادة الرئيس ففي سورية لا يوجد أي فصل من الفصول السياسية، إلا فصل واحد لا يُعرف له لون ولا مذاق…شتاء من العواصف دون مطر…شتاء من الغبار والجفاف…دون ماء ولا كهرباء ولا مازوت …ولا غاز …ولا حتى خبز.

فكيف ستعرف سورية الربيع ومن أين سيأتيها وعلى يد مَن؟…معك كل الحق في تساؤلك، لأنه في موضعه ومكانه المناسب لما أنت ونحن فيه.

فكيف يثق نظامك بنا، وكيف يثق نظامك بالشعب ، الذي يمكنه أن يصنع الربيع؟ طالما أنه يفقد ثقته بصهره ويطيح بأقرب الناس إليه؟ …لماذا؟ لأن الجميع من طينة واحدة…الجميع يحلم بالسلطة والتحكم بنا وبمصيرنا…الجميع يريد أن يأكل لحمنا أحياء.

وهاهو يستعد نظامك من جديد لجولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع حكومة أولمرتكل لحمنا أحياء

الضعيفة، كما تتأهب يا سيادة الرئيس لزيارة فرنسا في الثالث عشر من الشهر القادم، وقد وصلتك دعوة الرئيس ساركوزي للمشاركة ليس فقط بمؤتمر الاتحاد المتوسطي، وإنما للمشاركة أيضاً باحتفال الرابع عشر من تموز” عيد الثورة الفرنسية”!!!.

هنا لا يسعني إلا أن أعلنها ويتوقف قلبي عن الخفقان….فأوجه ندائي وسؤالي للسيد ساركوزي وحكومته …كيف ثم كيف ثم كيف …يوجه مثل هذه الدعوة لرئيس نظام كالرئيس السوري؟

…وقد وقف ضد هذه الدعوة كلا من فرانسوا بايرو( حزب الوسط)…وفرانسوا هولاند ( الحزب الاشتراكي)..وأعربت بصراحة صحيفة الليبراسيون في عددها الصادر البارحة، عن استنكارها لدعوة ديكتاتور للاحتفال بعيد الثورة الفرنسية…ذات الشعار الإنساني”حرية، إخوة، مساواة ” بينما يقبع في سجونه آلاف من معتقلي الرأي والضمير ، كما حذت حذوها صحيفة ” لو كانار انشينيه”…

لم يبق لنا إلا أن نعقد الآمال على شعب فرنسا ، لا على حكومة تتسلح بالديمقراطية وتفخر بثورتها الحرة….هل تطغى المصالح على المباديْ؟ هل تغلق فرنسا العين على القذى والرمد؟…على من نعول إذن ، طالما أن بلد حقوق الإنسان تغمض عينها على اقتراف أبشع الجرائم بحق الإنسان السوري، أم أن الإنسان السوري يختلف بلونه وجلده وحقه في الحياة عنه الإنسان الأوربي؟

ـ باريس 12/06/2008
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى