صفحات من مدونات سورية

ما قبل “عزازيل”.. عذراً سلمان رشدي

بدأت اليوم بعد ثلاثة أيام من الكسل و النوم بعد عودتي من سوريا بقراءة رواية “عزازيل” ليوسف زيدان, و هو أحد الكتب التي اشتريتها في اليوم ما قبل الأخير من إجازتي من إحدى مكتبات اللاذقية (أخي بلال ساهم بـ 500 ليرة لتكملة ثمن الكتب و ها أنا أنوّه لمعروف “أبو الفضل العظيم”), و الحقيقة أنه يبدو للوهلة الأولى كتاباً من النوع المغناطيسي, فقد أنهيت في اليوم الأول أكثر من ثلث الرواية التي يقترب عدد صفحاتها من الأربعمائة بقراءة متأنية مستمتعاً بالأسلوب و اللغة الممتازين, و سيكون لهذه الرواية تدوينة خاصة بها بعد الانتهاء منها كالعادة.
لم تكن هذه الرواية من ضمن ما كنت أبغي شراءه, إلا أن صاحب المكتبة, و الذي ظهر فجأة في المحل و “استلمني” عوضاً عن ابنته بعد ثالث كتاب أنزلته من الرفوف العالية, عرضها عليّ مبتسماً و هو يقول: أستاذ هذه الرواية “صار عليها مشاكل بمصر”, فرفضتها في البداية لكنني قررت شراءها لاحقاً و لا أدري لماذا (ربما نزعة الاستهلاكية الوحشية التي تسيطر عليّ في المكتبات).
كنت قد قرأت الكثير عن هذه الرواية المثيرة للجدل و خصوصاً بعد ترشيحها لجوائز عالمية مرموقة و اعتراض الأوساط الدينية القبطية في مصر عليها و مطالبة بعض رجال الدّين بمنعها, و قيل عنها أنها “دافنشي كود” العربية, أو أن يوسف زيدان يحاول أن يكون “سلمان رشدي” آخر و غيرها من التعليقات السلبية, و الحقيقة أن هذه الضجة قد ساهمت بإبعاد اهتمامي عن هذه الرّواية, فعادةً أبتعد عن الـ Best Sellers و الكتب التي دار حولها صخب, و لا أقرؤها إلا إذا أهداني إياها أحدهم (على مبدأ: كل شيء ببلاش كثّر منه), و هي عادة ناتجة عن عدد من الخيبات بعد انتظار الكثير من الكتاب ذو الضجة.. و قد قررت مؤخراً (مؤخراً يعني اليوم) أنها عادة يجب أن أتركها.
تدوينة عن الرواية في مدوّنة خربشات .

على سيرة “سلمان رشدي”…
على مدى سنين عديدة كنت من الذين لا يستسيغون سلمان رشدي, بل كنت أغلق أي وسيلة إعلام تتحدّث عنه, و لم يكن ذلك بسبب غضبي مما كتب و سبّب بإهدار دمه من قبل الإمام الخميني و إنما لأنني كنت مقتنعاً بأنه نال قيمة أدبية لا يستحقّها , بل أنني كنت أقول دائماً أن الخميني قد أسدى له خدمة العمر عندما أهدر دمه, فقد أعطاه شهرةً و مجداً ربما لم يكن ليصل إلى ربعها مهما كتب و ألّف…

اليوم سألت نفسي:” لماذا تحتقر سلمان رشدي؟” و بعد تفكير في الجواب وجدت أنني لا أملك سبباً لاحتقاره, و وجدت أيضاً أنني لا أملك سبباً للإعجاب به.. لكنني أظلمه باحتقاري !
ماذا فعل سلمان رشدي؟ كلّ ما فعله أنه ألّف كتاباً, أليس كذلك؟ نعم لقد لحق الكتاب موجة احتجاجات و مظاهرات و إدانات كبيرة جداً… لكن هل نستطيع أن نحمّل سلمان رشدي مسؤولية ذلك؟ يا ترى من ضمن عشرات الآلاف الذين تظاهروا مطالبين بإهدار دمه عندما صدرت “آيات شيطانية” ما هي النسبة المئوية التي قرأت الكتاب؟
سلمان رشدي هو كاتب, لا أكثر و لا أقل, و هو يقدّم نتاجه مكتوباً, و لنا الحق في أن “نستهلك” نتاجه أو نتركه, فهو لا يجبرنا على قراءته, بل لا أحد يجبرنا على قراءة أي شيء …
من الممكن إجبار أحدهم على عدم القراءة.. لكن من المستحيل أن تجبره على أن يقرأ.
نستطيع أن نناقش إمكانية أن يكون قد استفاد من الضجّة التي أحدثها كتابه, بل ربما نستطيع أن نجزم بأنه افتعلها لكي يستفيد منها.. لكن ألم يستفد أيضاً من صنع من مهاجمته من على المنابر الأدبية و غير الأدبية مهنةً رابحة؟
لقد ظلمت سلمان رشدي قبلاً, و قررت اعتباراً من اليوم ألا احتقره… بل و ربما سأقرأ له شيئاً لأرى ما أنتج بعد “آيات شيطانية”…
نعود إلى “عزازيل”…
http://www.syriangavroche.com/2009/08/blog-post_26.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى