بيانات وتقاريرصفحات سورية

الأزمات السورية الحادة

null
تعاني بلدنا سوريا من أزمات حادة متشظية تزداد كثافة وقسوة يوما بعد يوم، تتسلل لتشمل كل مناحي الحياة العامة والخاصة. من أهمها الأزمة الاقتصادية المتفاقمة المتمثلة في بعض جوانبها بنقص الموارد الطبيعية وعلى رأسها أزمة المياه السطحية والجوفية وتراجع نسب الهطولات المطرية عاما بعد عام، ما أدى إلى الجفاف المتنامي المتمظهر بتراجع مساحات الزراعة البعلية المتروكة عرضة للتصحر، مآل ذلك انخفاض نسبة الأراضي الزراعية، وما ينجم عنه من أزمات اجتماعية واقتصادية بالغة، أفرزت هجرات كثيفة من الجزيرة السورية إلى المدن الكبرى كحلب ودمشق !
وفق تقديرات قدمها مراقبون وناشطون في مدينتي القامشلي والحسكة، فإن أعداد السوريين من أبناء الجزيرة وما جاورها من قرى ومناطق، ممن اضطرّتهم الأزمة الزراعية الحادة الناجمة عن الجفاف وتدني مستويات الحياة وانتفاء ضروريات معاشهم، وغياب شبه تام للخدمات والمرافق والبنى التحتية، لترك أراضيهم وقراهم، والهرب من شظف العيش ونقص الموارد وغياب العناية والرعاية الرسمية، بما يزيد على المليون إنسان.
ولم تتخذ الحكومة السورية حيال تلك المأساة قرارات جدية وعملية، وتعاملت مع الأزمة بمنطق التسويف والتأجيل والعلاجات المسكنة وابتعدت ــ كما هي طريقتها الفريدة ــ عن الحلول العملية والمفيدة وتجاهلت المناطق الأكثر تضررا، والطريف أنها أي الحكومة سمحت بمرور المساعدات التي قدمتها جارتها تركيا للمتضررين السوريين من القحط والجفاف !
تعاملت الجهات الرسمية بانتقائية مناطقية مع توصيات قدمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المقترحة منذ سنوات ـ عام 2004 ـ للحد من الفقر المتنامي في سوريا، والذي وصلت نسبته إلى 30.1 في المئة من عدد السكان ـ حوالي 6 مليون فقيرـ فكانت سياسات الحكومات السورية المتعاقبة منذ اعتماد سياسات إقتصادية ليبرالية مرسخة للفقر داعمة لطبقة الأغنياء الجدد، منهكة لموارد الوطن ومدمرة لبيئته، ولم تأخذ بعين الاعتبار القطاعات الأكثر تضررا وحاجةً، بل ركزت جل اهتمامها وعنايتها لاستغلال الاستثمار والرساميل الدخيلة لتصب في جعبة حفنة من المتصرفين والمتنفذين .
و يمكننا اختصارتلك التوصيات بمايلي :
1- . تبني سياسات مالية أكثر توسعا، والتركيز على الاستثمار، واعتماد سياسات نقدية أكثر مرونة.
2 – توجيه الخدمات الاجتماعية والاستثمار العام للمناطق االعشوائية حول المدن، ومناطق وضع اليد في الحضر، والتأكيد على أهمية النهوض بالمدخرات المحلية .
3 – خلق فرص عمل كافية والنهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والمشاريع ذات الأهمية الإستراتيجية كثيفة العماالة.
4 – زيادة فاعلية الإنفاق العام، وزيادة فرص تكوين رأس المال للفقراء، ودعم مكافحة الأمية بينهم، وتشجيع الفتيات على الالتزام بالمدرسة كواحد من أهم الأهداف التنموية.
5 – إعادة تخصيص إنفاق الصحة العامة نحو برامج الرعاية الوقائية، ومد التغطية التأمينية ، ومراجعة خطط التأمين الصحي للأرامل والأطفال، وتطوير نظم رسمية للأمن الاجتماعي.
الهاربون من جحيم البطالة والجفاف، لجؤوا إلى ضواحي المدن وتمركزوا في أماكن السكن العشوائي العاجز أساسا عن تقديم السكن اللائق، فكيف به بأعباء إضافية، وهو يعاني من فقر مدقع وإهمال متعمد؟ جاؤوا بحثا ً عن العمل والرزق وضروريات الحياة، فباتوا يشكلون أعباء ً إضافية على كواهل مدن متعبة ومثقلة بالهموم الاقتصادية والاجتماعية، ولم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها لتأمين مستويات الحياة الدنيا لأبنائه، فكيف بها بمن يلوذون إليها خالي الوفاض؟
موقع اعلان دمشق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى