صفحات ثقافية

دمشق في وجدان عشرين مبدعا مدينة تنبض بالإلهام

null

المدينة وعلاقتها بثقافة المبدع وتكوينه الوجداني وانعكاس ذلك على فنه رواية وشعرا ونثرا ورسما، هي الموضوعات التي ناقشها أكثر من عشرين أديبا وباحثا عربيا وأجنبيا في أعمال “المؤتمر الدولي حول المدينة والثقافة” الذي أنهى أعماله مساء الاثنين في دمشق وقدموا مداخلات تنوعت بين البحث التاريخي والقراءة النقدية.

دمشق وحقوق الفرد

وفي مداخلته “المدينة وثقافة المواطنة” تحدث الناقد والأستاذ في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى حسان عباس عن علاقة المواطن بالفضاء البشري والعمراني المحيط به، والتي دعاها “الكياسة” واعتبرها إحدى المكونات الأساسية للثقافة.

وأشار عباس إلى وجود “ازدواجية في واقع دمشق بين كياسة متركزة في الخطاب وعنف في الأفعال”، واستدل على ذلك ببعض المظاهر ومنها “المغالاة في إبراز الهوية الدينية” و”التعامل مع الحيز العام كملك شخصي“.

وفي حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية اعتبر عباس أن دمشق بالضرورة مدينة للمواطنة والتعدد حيث مر عليها أكثر من ثلاثين حضارة ونحو 47 أقلية دينية أو إثنية، لكن هذا التعدد لم يعش لأن ذلك “لا يحصل إلا في مجتمع يضمن عيش حقوق الفرد، وهذا غير متوفر في دمشق“.

كما اعتبر أن “الثقافة التي تنتج الازدواجيات” هي ثقافة رفض الآخر، وقال إنه “كلما كنت تنتمي إلى أقلية ذات سلطة فأنت تعيش كمواطن، وذلك في غياب صون القانون للأفراد“.

شعرة الانفتاح والانغلاق

وكانت الدكتورة حنان قصاب حسن الأمينة العامة لاحتفالية “دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008” التي تستضيف المؤتمر، أعربت في جلسة الافتتاح عن أملها بأن “يخرج المؤتمر بصيغة تتبلور فيها تصورات جديدة للعلاقة بين المدينة والثقافة بكل أبعادها”، واعتبرت أن دمشق التي اختيرت أنموذجا تشكل “ذخيرة كبيرة من المعلومات والدراسات التي يمكن العمل عليها“.

وأشارت حنان إلى أن المؤتمر ينعقد في ظل تحديات كبيرة، معتبرة أن “ما بين الخوف والمزج الثقافي والانكفاء على الذات، وما بين الانفتاح على العالم شعرة يجب ألا تنقطع“.

ولفتت إلى أن الانكفاء يعني “أننا أغلقنا أبوابنا إلى الأبد”، وأضافت “يجب أن نكون واثقين من حضارتنا وهويتنا وثقافتنا لنقول لكل ما يأتي من العالم: أهلا“.

وشارك في المؤتمر الذي ضم ست ندوات بحثية امتدت أعمالها على مدى يومين، باحثون وأدباء من سوريا والجزائر وفلسطين والكويت والعراق والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

مداخلات متنوعة

وتنوعت المداخلات التي قدمها المشاركون فاتخذ بعضها منحى تاريخيا في البحث في علاقة الثقافة بالمدينة، وذهبت أغلب المشاركات لتطرح الأسئلة حول هذه العلاقة من خلال رصد انعكاسات المدينة وتجلياتها في الأعمال الأدبية والروائية تحديدا.

وقدمت الروائية السورية غادة السمان مداخلة قرأتها حنان قصاب قالت فيها “غادرت دمشق مسقط قلبي، فأقامت مدينتي الأم في حرفي وسبحت في الدورة الدموية لأبجديتي جنبا إلى جنب مع بيروت التي احتضنت حرفي ودللته“.

كما عرض الروائي الجزائري أمين الزاوي لحضور دمشق -التي سبق أن أقام فيها- في رواياته المكتوبة بالعربية والفرنسية، وقال “استوطنت دمشق النصوص والأسفار، وزاحمت الأماكن والمدن التي عرفتها، زرتها أو عشت فيها”، معتبرا أن حضور دمشق في أعماله “يطلع في النص دون أسبقيات مصطنعة أو غرائبية وقال إنه طلع “كطلع النخلة“.

أما الروائي الجزائري واسيني الأعرج فتساءل “هل المدينة التي ينشئها الكاتب هي نفسها التي عاش فيها؟ أم أنها مدينة أخرى لا يمكن إيجاد تفاصيلها في المدينة المادية“.

وخلص من خلال تحليله لكتاباته عن دمشق التي عاش فيها قرابة العشر سنوات، إلى القول إن المدينة أصبحت “أقرب إلى النص منها إلى الواقع الموضوعي”، مضيفا أن “الكاتب إذ يظن أنه يكتب عن مدينة من حجر يجد نفسه يكتب عن مدينة هو من يقوم بصنعها وبنائها“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى