صفحات الناس

الشباب السوري و تحديات الحاضر والمستقبل

null
خلافا لما هو سائد في جميع بلدان العالم، ينحصر النشاط الشبابي السوري بالمنظمات والهيئات الرسمية المنضوية تحت لواء الحزب الواحد، المسيطر نظريا على مسارات الحياة السياسية والثقافية، حيث لا تجد حراكا شبابيا منفصلا عن الرقابة المباشرة أو غير المباشرة. من هنا كانت طموحات الأجيال الناشئة في ظل نظام شمولي الرؤية وأحادي التنظير، مقتصرة على التوجهات العامة والتطلعات المحدودة بأطر ضيقة الأفق يشدها اليأس ويثقلها هاجس الحاضر ومسؤوليات المستقبل.
وفقا للتقرير السنوي عن واقع الشباب السوري 2007 والذي أعدته منظمة الشبيبة الرسمية والخاضعة مباشرة لسلطة الحزب الحاكم، فإن الشباب ممن تقع أعمارهم بين 13 و35 يشكلون ما نسبته 42 % من مجموع السكان البالغ عددهم 20 مليونا أي ما يعادل 7,6 مليون، يمارس النشاط الاقتصادي منهم 24% فقط، ويبلغ متوسط دخلهم الشهري أقل من 5000 ليرة سورية أي ما يعادل أقل من100 دولار أمريكي!
بحسب التقرير تخلو اهتمامات أولئك الشباب من أية قضية وطنية أو رغبة في مشاركة سياسية أو انخراط في عمل جماعي أيا كان شكله، حيث يفيد التقرير بأن مشاهدة التلفاز تأتي في مقدمة الأنشطة الترويحية التي يهتم بها الشباب دائما، تأتي بعدها مباشرة من جهة الأهمية زيارة الأصدقاء وتليها الدراسة.
ويبدو الثقل والعجز ملقياً بظلاله على عاتق أبنائنا، عندما نقرأ أولويات اهتماماتهم، فالتربية الدينية وممارسة الشعائر تتقدم سلم الاهتمامات الفقيرة أصلا، تليها ممارسة الرياضة وتتذيلها متابعة الجديد في عالم الكومبيوتر!
فلا رغبة في مطالعة الأدب وقراءة الشعر، أو التعرف على ثقافات العالم المتغير والمتجدد من حولنا، بل لا رغبة في معرفة ما يجري ويدور داخل جدران الوطن الحزين. وليس هناك من يسائل عن الواقع المعاشي أو مستوى الحياة العامة وكيف تدار الأمور وإلى أين تسير البلاد، والمدهش أن لاترى صدى لموضوع البيئة الذي بات شأنا شخصياً في ثقافة الدول النامية والمتقدمة.
استنادا للاستبيان الذي أجرته الدراسة المذكورة نجد 7،4 % فقط من مجموع الشباب تقرأ الصحف المحلية، و ترتفع النسبة لتصل إلى 1،7 % للذين يقرؤون الصحف عموما مرة إلى ثلاث مرات أسبوعيا. ألا يشير ذلك بوضوح إلى مدى العزلة التي تعانيها الصحافة الرسمية، وإلى بؤس حال القراءة عموما وانفصال الشباب عن الحدث بل وإرادة متابعته ؟.
هذا جزء يسير من واقع الحال المر، والمآل الغير سعيد الذي ينتظر شبابنا من خلال تحليل مباشر لبيانات رسمية صادرة عن هيئات مسيسة وموجهة، فما بالنا لو كانت البيانات محايدة أو أكثر موضوعية. كل ذلك يلقي بالمسؤولية على عاتقنا جميعا، وإن كانت الجهات الرسمية المهيمنة على الحياة العامة تتحمل الجزء الأكبر لما آل إليه الحال، فإن ذلك لا يعفي أحدا من المساءلة، حيث ينبغي على الجميع إيلاء فئة الشباب مزيدا من الاهتمام والرعاية، كما يتطلب منا مراجعة جادة لخططنا وتوجهاتنا الحالية الخالية إلى حد كبيرمن مشاركة الشباب ومن متابعة همومهم ومشاكلهم !

موقع اعلان دمشق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى