صفحات الناسمحمد زكريا السقال

الواقعية التي أوقعتني ؟

nullم
حمد زكريا السقال
عندما التقينا صدفة ، كما يلتقي الغرباء في بلاد الغربة ، وهذا عادة ما يكون ، في الأماكن العامة
مقهى ـ أوفي المكتبات ، أو محلات بيع الصحف ، حسب الأتهمامات  المحفزة والدافعة للبشر
غالبا مايشد الغرباء بعضهم لبعض اللغة ، تجذب اللغة كمغناطيس ، تلفت الانتباه ، تلوي العنق وخاصة في بلاد المهجر ، وبهذا تشكل اللغة محفزا وعامل جذب .
سألني وهو يتجول ويتفحص الصحف العربية بحثا عن صحيفته المفضلة .
ـ هل الأخ من بني يعرب  ؟
ـ نعم زكريا السقال من سوريا .
ـ ناعس ابن نائم من رمضاء .
كان وقع الاسم علي كبيرا وثقيلا ، بل يثيرك هذا الاسم ، تركيبه ، مضامينه ، تداوله ، أسم يعيد لتاريخ بعيد وطويل ، تاريخ القبائل والأفخاذ العربية ، ولكن ما الذي يفعله ناعس ابن نائم هنا ؟
خيل لي إن الرجل يمزح ويريد مدخلا لتجاذب الحديث والتعرف ، فقلت ممازحا
ـ من تغلب أم ربيعة ، أم وائل ، تغلب ، أم قضاعة  ؟
أجاب  بجدية تامة
ـ  من  هَدهَدَ  .
لم أسمع بهذه القبيلة ضمن مطالعتي  المتواضعة للتاريخ العربي ، ولكنني قلت وماذا  يعني ،  أنني لست الأصمعي  ، ولا خلف الأحمر ولا الكلبي ، الذين جابوا مناطق كثيرة من أجل جمع الشعر والخطاب العربي . وأدرك الرجل ما يدور برأسي ففرد شفتيه مبتسما وقال .
ـ لا تستغرب، ما رأيك أن نحتسي القهوة سويا وافقت بدوري على الفور فقد أثارني الرجل وحرك فضولي.
جلسنا في إحدى المقاهي ، بادرت لطلب القهوة وأنا متشوق لأعرف ما قصة  ناعس  وقصة الاسم الذي أثارني ، ولغته التي حفزتني وأربكتني .
قلت مبتسما  ـ أتدري يا  سيدي أن اسمك غريب وملفت للنظر ، أتمزح أنت يا  سيدي  ؟
ـ أبدا إنا لا أمزح ، فأنا من هواة الواقعية العربية ، درستها ، و روضتني ، وأوقعتني ، وطرحتني أرضا ، وطبقت على أنفاسي ، وها أنا أحاول تطبيقها وممارستها على نفسي وأسرتي ومحيطي
وكما ترى فأنا ناعس ابن نائم، أحد أفخاذ حي ابن يقظان وأطفالي أسماؤهم أيضا
الساهي ابن غفلة ، طَمأنَ ابن راقد ، سالك ابن هارب ، ونس ابن عاهر ، لَصلَص ابن سارق
ـ خيل لي الرجل معتوه  وقلت بين الجد والمزح .
ـ ماذا تقول يا رجل ؟
أجابني محتدا .
ـ وهل ترى غير هذا في رمضاء ، انظر ، تفحص ، دقق ، من رمضاء إلى خنث ، هَرة  ، مبطوح ، سَفلَ ، طأطأ ، سُحَيلب ، رَفسَ ،  .
قلت ـ من هذه القبائل ؟
قال ـ القبائل العربية ، الدول العربية إذا شئت الدقة أتريد في هذا الزمن الذي  يقطر ذلا وهوانا ، أن أسمي الواقد ، والقعقاع ، والواثب ، والواهب ، والأمين والمأمون ، وابن حزم ، هذا ليس من الواقعية بشيء .
قلت  ـ أهذه الواقعية التي درستها  ؟
قال ضاحكا ـ قلت لي أن اسمك… محمد زكريا السقال  ؟
ـ أترى أنك محمود أم مجلود ، أترى أنك سقال أم مسقول  أو مسط …  وبلع الكلمة  .
أطرقت مليا ، اخو  ,, الشليتة ,, حقا انه واقعي   ورشفت فنجاني مرا   .
برلين /  14 / 10 / 2009
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى