صفحات الناس

ورحلة «الآداب» توقّفت عند وزارة الإعلام السورية

null
سناء الخوري
في بناء يصعب الاهتداء إلى مدخله بسبب الترميم، تجد سماح إدريس ينتظرك في مكاتب «دار الآداب». تستطلع من الكاتب خلفيات بيان أصدره أول من أمس، يحتج فيه بشدّة على قرار منع العدد الأخير من مجلّة «الآداب» في سوريا، رغم مرور خمسة أسابيع على صدوره.
رئيس تحرير المجلّة الثقافية لم يعرف بقضيّة المنع إلا قبل يومين، حين اتصل بعض القرّاء بمكاتب الدار يسألون عن سبب غياب العدد (9 و10\2009) عن المكتبات السوريّة. سأل إدريس شركة التوزيع، فإذا به يكتشف أنّ الإصدار وصل إلى وزارة الإعلام السوريّة ثمّ منع من التداول. لاحقاً، علم إدريس أنّ سبب المنع هو ملف احتواه العدد بعنوان «ملامح من الأدب السوري الحديث»، وتحديداً بحثٌ نقدي لحسّان عباس بعنوان «حكايات ضدّ النسيان: قراءةٌ في بعض النتاج الروائي المعاصر في سوريا».
ماذا يفيد المنع والمجلة متاحة على الإنترنت؟

يعتبر إدريس هذه الخطوة الرقابيّة عبثيّة. «نحن مجلة وطنيّة، قوميّة عربيّة ومعارضة لـ «14 آذار»، وللعنصريّة ضدّ العمال السوريين، وكنّا دائماً حلفاء لسوريا وشعبها»، يقول. “يبدو أنّ مواقف «الآداب» لم يشفع لها أمام مقصّ الرقيب. الملف موضع الاعتراض يقارب «أحداث” الثمانينيات وتأثيرها في المجتمع والمبدعين والكتابة»، كما يرد في مقدّمته، ويتضمن أربعة أبحاث لحسان عباس وعمر قدور ومايا جاموس وعبد الوهاب العزاوي. ويقارب الباحث حسّان عباس، مسألة «الكتابة ضدّ النسيان» في بعض الإنتاجات الأدبيّة السوريّة مثل «القوقعة» (الآداب ــــ 2008) لمصطفى خليفة و«مديح الكراهية» (إميسا ــــ 2006) لخالد خليفة. ويشير هذا المثقف السوري المعارض إلى أنّ «الكتابة ضدّ النسيان (…) تندرج في سياق النشاط المدني الذي يناهض هيمنة الحزب الواحد والرؤية الأحاديّة…». كما يعرّج على أدب السجون، وكتابات تتناول «…حقائق العنف المتبادل بين السلطة والتشدّد الإسلامي خلف مصطلح «الأحداث»».
من البديهي أن يثير هذا الكلام حساسيّة الرقيب السوري، وهذا ما تبادر إلى ذهن إدريس خلال الإعداد للملف. «لكنني لا أستطيع أن أضع رقيباً في رأسي، ولا أن أكون رقيباً ثانياً على الكاتب. نحن نقيّم العمل وننشره تبعاً لجودته» يقول. ويضيف: «ماذا يفيد المنع والمجلة متاحة للجميع عبر الإنترنت. الروايات التي يتناولها الملف نُشر بعضها في سوريا، فهل يسمح بالروايات ويمنع الكتابة عنها؟».
هذه ليست المرة الأولى التي «تتعرض «الآداب» للمنع ولن تكون الأخيرة» يقول إدريس. لكن ما يستغربه هو اعتباطيّة قرارات الرقيب العربي وعشوائيته. عام 2002، مُنع عدد «الرقابة في مصر» في القاهرة، ثمّ سُمح بتوزيعه بعد إثارة القضيّة. وفي العام نفسه، سمحت الرقابة السوريّة بتوزيع عدد «الرقابة في سوريا»، لتعود وتمنع عدداً يتضمن ملفاً بعنوان «لبنان بعيون سوريّة» عام 2003، وعدداً آخر عام 2006 تناول مسألة الطائفية عموماً، مشيراً في أحد أبحاثه إلى الطائفية في سوريا.
هذه المرّة، وجدت «دار الآداب» الاحتجاج واجباً. «حتى لو صدرت هذه الممارسات عن بلد يتخذ مواقف سياسية أفضل بكثير من باقي الأنظمة العربيّة، إلا أنّ سؤال الحريات يبقى أولويّة مطلقة بالنسبة إلى كلّ مثقف وناشر»، يلفت إدريس.
نص عدد مجلة الآداب الذي منعته سورية بسبب ملفه عن الأدب السوري الحديث

كلنا شركاء
منعت وزارة الإعلام السورية عدداً جديداً (العدد 9-10-2009) من مجلة الآداب البيروتية من التوزيع في سورية، بسبب تضمنه ملف بعنوان «ملامح من الأدب السوري الحديث» من إعداد وتقديم الشاعر الطبيب عبد الوهاب عزاوي.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن رئيس تحرير الآداب سماح ادريس أن سبب المنع هو بحثٌ نقدي للكاتب د.حسّان عباس بعنوان “حكايات ضدّ النسيان: قراءةٌ في بعض النتاج الروائي المعاصر في سوريا”. واعتبر ادريس في حديثه لـ “الأخبار” هذه الخطوة الرقابيّة عبثيّة. وقال: “نحن مجلة وطنيّة، قوميّة عربيّة ومعارضة لـ «14 آذار»، وللعنصريّة ضدّ العمال السوريين، وكنّا دائماً حلفاء لسوريا وشعبها”، مضيفاً: يبدو أنّ مواقف «الآداب» لم يشفع لها أمام مقصّ الرقيب.
وفي اتصال خاص بـ كلنا شركاء مع الدكتور حسان عباس، أوضح أنه فوجئ بالمنع وأسف له وقال: “سواء كان المنع بسبب مقالي أو بسبب مقال غيري فأنا آسف له لأن هذا المنع لا يتناسب مع الوضع الثقافي في سورية ولا مع الصورة التي تحاول سورية إظهارها عن نفسها وعن ثقافتها”
إلا أن عباس اعترض بشدة على ما ورد في صحيفة الأخبار اللبنانية من أن المجلة منعت من التوزيع “على خلفيّة ملفّ تناول قمع السلطة للإخوان المسلمين في الثمانينيات” وقال أن الملف ليس كذلك، وإن كان كذلك فإن مقالته على الأقل لا تتناول لا قمع السلطة ولا عنف الإخوان، بل هي مقالة أدبية محضة وتتناول أعمال أدبية سورية هامة تناولت فترة الثمانينات.
وأكد عباس أنه لم يكن يتوقع المنع أبداً موضحاً أنه لم يفكر ولو للحظة واحدة أن تكون هناك قراءة “غبية” للنص، بحسب تعبيره… فالمقال يوصّف حالة موجودة وحقيقية في الأدب السوري، وتلك الأعمال الأدبية موجودة في كل المكتبات والكل قرأها ويقرأها. وتساءل ما المانع أن تتم الكتابة عنها؟!.
وانتقد عباس أيضاً توصيف الصحفية سناء الخوري في صحيفة الأخبار له بأنه “المثقف السوري المعارض” وتساءل عمن سمح لها أن تصنف الكتّاب بين معارض وغير معارض! وقال أنه يرفض هذه التسمية لأنها تسمية خاصة بمن يعملون في الحقل السياسي، فيما يرفض هو العمل في السياسة السورية ويفضل العمل في الحقل الثقافي ويقول: “كل ما عملت به سابقاً وكل ما أعمل به حالياً، سواء في مجال حقوق الإنسان، أو قضايا المواطنة، وحتى في القضايا الثقافية… أتناوله من زاوية المثقف فقط”.
وتضمن الملف بالاضافة لمادة عباس ثلاث مواد أخرى هي: “الرواية السوريّة الجديدة: ظاهرةٌ إبداعيّةٌ أم ظاهرةٌ إعلاميّةٌ؟” بقلم عمر قدور، و”كتابات المسرحيين السوريين الشباب: مظهرٌ لأزمة المسرح في سورية” بقلم مايا جاموس، و”الشعر السوريّ الجديد: الحصارُ والهروب” بقلم عبدالوهاب عزاوي.
وتناول الملف النتاج الإبداعي السوري الجديد في الرواية والمسرح والشعر مبيناً تأثير الأحداث السياسية على الإبداع وبشكل خاص جيل الكتاب الشباب الذين عاش معظمهم في “مرحلة جزْرٍ أو مواتٍ في الحراك السياسيّ والاجتماعيّ” كما ورد في مقدمة الملف.

ويذكر أن الرقابة السورية منعت عدة أعداد من مجلة الآداب منها عدد يتضمن ملف “لبنان بعيون سورية” وعدد آخر فيه ملف عن الطائفية. ومن الملفت أن مجلة الآداب ذات مواقف قومية معلنة وهي من المجلات اللبنانية القليلة التي دافعت عن العمال السوريين في لبنان، ويرأس تحريرها د.سماح إدريس المعروف بمواقفه القومية اليسارية المؤيدة للمقاومة والمهتمة بالقضية الفلسطينية.
سناء الخوري
في بناء يصعب الاهتداء إلى مدخله بسبب الترميم، تجد سماح إدريس ينتظرك في مكاتب «دار الآداب». تستطلع من الكاتب خلفيات بيان أصدره أول من أمس، يحتج فيه بشدّة على قرار منع العدد الأخير من مجلّة «الآداب» في سوريا، رغم مرور خمسة أسابيع على صدوره.
رئيس تحرير المجلّة الثقافية لم يعرف بقضيّة المنع إلا قبل يومين، حين اتصل بعض القرّاء بمكاتب الدار يسألون عن سبب غياب العدد (9 و10\2009) عن المكتبات السوريّة. سأل إدريس شركة التوزيع، فإذا به يكتشف أنّ الإصدار وصل إلى وزارة الإعلام السوريّة ثمّ منع من التداول. لاحقاً، علم إدريس أنّ سبب المنع هو ملف احتواه العدد بعنوان «ملامح من الأدب السوري الحديث»، وتحديداً بحثٌ نقدي لحسّان عباس بعنوان «حكايات ضدّ النسيان: قراءةٌ في بعض النتاج الروائي المعاصر في سوريا».
ماذا يفيد المنع والمجلة متاحة على الإنترنت؟

يعتبر إدريس هذه الخطوة الرقابيّة عبثيّة. «نحن مجلة وطنيّة، قوميّة عربيّة ومعارضة لـ «14 آذار»، وللعنصريّة ضدّ العمال السوريين، وكنّا دائماً حلفاء لسوريا وشعبها»، يقول. “يبدو أنّ مواقف «الآداب» لم يشفع لها أمام مقصّ الرقيب. الملف موضع الاعتراض يقارب «أحداث” الثمانينيات وتأثيرها في المجتمع والمبدعين والكتابة»، كما يرد في مقدّمته، ويتضمن أربعة أبحاث لحسان عباس وعمر قدور ومايا جاموس وعبد الوهاب العزاوي. ويقارب الباحث حسّان عباس، مسألة «الكتابة ضدّ النسيان» في بعض الإنتاجات الأدبيّة السوريّة مثل «القوقعة» (الآداب ــــ 2008) لمصطفى خليفة و«مديح الكراهية» (إميسا ــــ 2006) لخالد خليفة. ويشير هذا المثقف السوري المعارض إلى أنّ «الكتابة ضدّ النسيان (…) تندرج في سياق النشاط المدني الذي يناهض هيمنة الحزب الواحد والرؤية الأحاديّة…». كما يعرّج على أدب السجون، وكتابات تتناول «…حقائق العنف المتبادل بين السلطة والتشدّد الإسلامي خلف مصطلح «الأحداث»».
من البديهي أن يثير هذا الكلام حساسيّة الرقيب السوري، وهذا ما تبادر إلى ذهن إدريس خلال الإعداد للملف. «لكنني لا أستطيع أن أضع رقيباً في رأسي، ولا أن أكون رقيباً ثانياً على الكاتب. نحن نقيّم العمل وننشره تبعاً لجودته» يقول. ويضيف: «ماذا يفيد المنع والمجلة متاحة للجميع عبر الإنترنت. الروايات التي يتناولها الملف نُشر بعضها في سوريا، فهل يسمح بالروايات ويمنع الكتابة عنها؟».
هذه ليست المرة الأولى التي «تتعرض «الآداب» للمنع ولن تكون الأخيرة» يقول إدريس. لكن ما يستغربه هو اعتباطيّة قرارات الرقيب العربي وعشوائيته. عام 2002، مُنع عدد «الرقابة في مصر» في القاهرة، ثمّ سُمح بتوزيعه بعد إثارة القضيّة. وفي العام نفسه، سمحت الرقابة السوريّة بتوزيع عدد «الرقابة في سوريا»، لتعود وتمنع عدداً يتضمن ملفاً بعنوان «لبنان بعيون سوريّة» عام 2003، وعدداً آخر عام 2006 تناول مسألة الطائفية عموماً، مشيراً في أحد أبحاثه إلى الطائفية في سوريا.
هذه المرّة، وجدت «دار الآداب» الاحتجاج واجباً. «حتى لو صدرت هذه الممارسات عن بلد يتخذ مواقف سياسية أفضل بكثير من باقي الأنظمة العربيّة، إلا أنّ سؤال الحريات يبقى أولويّة مطلقة بالنسبة إلى كلّ مثقف وناشر»، يلفت إدريس.
نص عدد مجلة الآداب الذي منعته سورية بسبب ملفه عن الأدب السوري الحديث

كلنا شركاء
منعت وزارة الإعلام السورية عدداً جديداً (العدد 9-10-2009) من مجلة الآداب البيروتية من التوزيع في سورية، بسبب تضمنه ملف بعنوان «ملامح من الأدب السوري الحديث» من إعداد وتقديم الشاعر الطبيب عبد الوهاب عزاوي.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن رئيس تحرير الآداب سماح ادريس أن سبب المنع هو بحثٌ نقدي للكاتب د.حسّان عباس بعنوان “حكايات ضدّ النسيان: قراءةٌ في بعض النتاج الروائي المعاصر في سوريا”. واعتبر ادريس في حديثه لـ “الأخبار” هذه الخطوة الرقابيّة عبثيّة. وقال: “نحن مجلة وطنيّة، قوميّة عربيّة ومعارضة لـ «14 آذار»، وللعنصريّة ضدّ العمال السوريين، وكنّا دائماً حلفاء لسوريا وشعبها”، مضيفاً: يبدو أنّ مواقف «الآداب» لم يشفع لها أمام مقصّ الرقيب.
وفي اتصال خاص بـ كلنا شركاء مع الدكتور حسان عباس، أوضح أنه فوجئ بالمنع وأسف له وقال: “سواء كان المنع بسبب مقالي أو بسبب مقال غيري فأنا آسف له لأن هذا المنع لا يتناسب مع الوضع الثقافي في سورية ولا مع الصورة التي تحاول سورية إظهارها عن نفسها وعن ثقافتها”
إلا أن عباس اعترض بشدة على ما ورد في صحيفة الأخبار اللبنانية من أن المجلة منعت من التوزيع “على خلفيّة ملفّ تناول قمع السلطة للإخوان المسلمين في الثمانينيات” وقال أن الملف ليس كذلك، وإن كان كذلك فإن مقالته على الأقل لا تتناول لا قمع السلطة ولا عنف الإخوان، بل هي مقالة أدبية محضة وتتناول أعمال أدبية سورية هامة تناولت فترة الثمانينات.
وأكد عباس أنه لم يكن يتوقع المنع أبداً موضحاً أنه لم يفكر ولو للحظة واحدة أن تكون هناك قراءة “غبية” للنص، بحسب تعبيره… فالمقال يوصّف حالة موجودة وحقيقية في الأدب السوري، وتلك الأعمال الأدبية موجودة في كل المكتبات والكل قرأها ويقرأها. وتساءل ما المانع أن تتم الكتابة عنها؟!.
وانتقد عباس أيضاً توصيف الصحفية سناء الخوري في صحيفة الأخبار له بأنه “المثقف السوري المعارض” وتساءل عمن سمح لها أن تصنف الكتّاب بين معارض وغير معارض! وقال أنه يرفض هذه التسمية لأنها تسمية خاصة بمن يعملون في الحقل السياسي، فيما يرفض هو العمل في السياسة السورية ويفضل العمل في الحقل الثقافي ويقول: “كل ما عملت به سابقاً وكل ما أعمل به حالياً، سواء في مجال حقوق الإنسان، أو قضايا المواطنة، وحتى في القضايا الثقافية… أتناوله من زاوية المثقف فقط”.
وتضمن الملف بالاضافة لمادة عباس ثلاث مواد أخرى هي: “الرواية السوريّة الجديدة: ظاهرةٌ إبداعيّةٌ أم ظاهرةٌ إعلاميّةٌ؟” بقلم عمر قدور، و”كتابات المسرحيين السوريين الشباب: مظهرٌ لأزمة المسرح في سورية” بقلم مايا جاموس، و”الشعر السوريّ الجديد: الحصارُ والهروب” بقلم عبدالوهاب عزاوي.
وتناول الملف النتاج الإبداعي السوري الجديد في الرواية والمسرح والشعر مبيناً تأثير الأحداث السياسية على الإبداع وبشكل خاص جيل الكتاب الشباب الذين عاش معظمهم في “مرحلة جزْرٍ أو مواتٍ في الحراك السياسيّ والاجتماعيّ” كما ورد في مقدمة الملف.

ويذكر أن الرقابة السورية منعت عدة أعداد من مجلة الآداب منها عدد يتضمن ملف “لبنان بعيون سورية” وعدد آخر فيه ملف عن الطائفية. ومن الملفت أن مجلة الآداب ذات مواقف قومية معلنة وهي من المجلات اللبنانية القليلة التي دافعت عن العمال السوريين في لبنان، ويرأس تحريرها د.سماح إدريس المعروف بمواقفه القومية اليسارية المؤيدة للمقاومة والمهتمة بالقضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى