أبي حسنصفحات الناس

عقوبة رادعة أم مجزرة بحق الطلبة؟

null
أُبي حسن
إعلان هام
“- استناداً لتقرير البعثة التفتيشية رقم 1/20/ر.هـ تاريخ 17-3-2009 واعتماد الهيئة المركزية للرقابة و التفتيش بكتابها رقم 15576/17/4 ي خ تاريخ 12-7-2009 المعد حول تقصي و تحقيق المواضيع المثارة في نظام التعليم المفتوح بجامعة دمشق – يفصل كلاً من الطلاب و الإحالة على القضاء للأسباب الواردة في متن التقرير”.
الفقرة أعلاه مأخوذة بحرفيتها من موقع التعليم المفتوح – جامعة دمشق, من دون وجود أية إيضاحات أخرى. ومن خلال بحثنا في الموقع المذكور, لم نجد أسماء الطلاّب المعنيين بذلك القرار, غير أننا, وبشيء من التقصي, استطعنا الإلمام ببعض الموضوع, إذ تبين لنا أنه استناداً إلى تقرير صادر عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بالتاريخ المدون أعلاه, قد تم فصل 106 طلاب من جامعة دمشق, وحرمانهم من دخول جامعات القطر كافة مدى الحياة, وهذا ما أكده لنا بعض الطلاّب الذين التقيناهم. وكما علمنا أن الطلاّب المفصولين كانوا قد لجأوا إلى طرق ملتوية وخارجة عن القانون بغية ضمان نجاحهم, من خلال التواطؤ مع شخص يُدعى (و. ش), صاحب مكتب تسجيل للطلاّب(سابقاً- ربما هذا هو السبب الرئيسي في إلغاء التسجيل في التعليم المفتوح عن طريق المكاتب لاحقاً). وقد كان الشخص, الذي (كان) يقع مكتبه قبالة مركز التعليم المفتوح, يتقاضى من الطالب مبلغ 6000 ليرة سوريّة ثمناً للمادة الواحدة, وعلى ما يبدو أنه كان يتقاسمها مع موظفين في الجامعة(تمّ فصل معظمهم لاحقاً), على الأرجح أنهم في قسم الامتحانات.
وقد كانت مهمة صاحب المكتب, استثمار علاقاته مع بعض موظفي الجامعة من ضعاف النفوس, كي ينجّح من يدفع له. وقد استغربنا أن ثمة حالات كان المدعو يقوم بترسيبها في حين كانت تستحق النجاح!, هذا ما أفادتنا به مصادر رسمية في جامعة دمشق!. والمدعو(و. ش) لم ينكر أي شيء مما نسب إليه, بل قام (مشكوراً) بالإدلاء على أسماء الطلاّب الذين قام بتنجيحهم.
في ما يخصّ الموظفين, وكما أكدت لنا المصادر الرسميّة ذاتها, فقد تم فصلهم فعلاً بناء على قرار الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش؛ ومن كان منهم موضع شبهة, فقد جرى وضعه تحت المراقبة؛ في حين أفادتنا مصادر أخرى في الجامعة كذلك, أن فصل بعض الموظفين قد تمّ على مجرد الشبهة, وهذا ما لم نستطع التأكد منه.
الغريب في الموضوع أن بعض المعنيين بالأمر في الجامعة, لا يعرفون العدد الحقيقي للطلاب المفصولين, كما أنهم لا يعرفون عدد الموظفين المفصولين من جامعتهم, على عهدتهم!.
ما نودّ قوله, إننا نثني صادقين على جهود الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في محاربتها للفساد, خاصة أن بين المفصولين ابن أخت مسؤول سوري نافذ وكبير كما قيل لنا من بعض الطلبة المفصولين, لكننا نعتقد أن قرار الفصل النهائي من جامعات القطر كافة هو قرار فيه الكثير من التعسّف والظلم بحق أولئك الطلبة, وحتى الموظفين المفصولين بقضايا تخصّ النزاهة؛ إذ كان بمقدور الهيئة الاكتفاء بمعاقبتهم من خلال فصلهم لعدد من الدورات التعليمية, كعقوبة تأديبية وإنذار نهائي, وليس رميهم على قارعة الطرقات من خلال فصلهم النهائي, وكأننا بالهيئة –مع بالغ الاحترام لها ولقرارها- تزيد من عدد العاطلين عن العمل والمتسكعين في الشوارع, كي لا نقول إن بعضهم قد يجنح إلى ما لا تحمد عقباه! وهذا ما لا نتمناه, فلا ينقصّ بلادنا المزيد من مهربي الحشيشة والمازوت والحبوب المخدرة وقطّاع الطرق. وقطعاً لسنا في شوق لرؤية المزيد من البؤساء الذين يستضيفهم السيد علاء الدين الأيوبي في تحقيقه الأسبوعي المُسمى “الشرطة في خدمة الشعب”, ولا نعتقد أن الهيئة ترغب بذلك وتسعى إليه.
وإن كان من الصحيح أن الطلاّب أخطأوا خطأ فادحاً, وهو خطأ لا يليق بطلاّب جامعة أصلاً, لكن –مرة أخرى نصرّ- لا تكون معالجة الخطأ بطريقة قد ينتج عنها أخطاء أكثر ضرراً. ومن الطبيعي أن نسبة(قد تكون معتبرة) من أولئك الطلاّب لم تكن قد تجرأت وأقدمت على الفساد, لو لم يكن الفساد ثقافة شبه سائدة في سوريا, على الأقل في مرحلة من المراحل.
وبما أن الحديث يدور عن الفساد, ودور الهيئة الموقرة في مكافحته, لا بل وجديتها في محاربته, كما نؤمن فعلاً, فإننا نراها مناسبة كي نشير إلى عدد من مراكز الفساد الكائنة في عدد من مؤسسات الدولة, فكما يُحكى في مدينة اللاذقية –على سبيل المثال- أن ثمة موظفاً عادياً في مديرية المالية هناك يتمتع بثروة طائلة قدّرها البعض بثلاثمئة مليون ليرة سوريّة(حسابات مصرفية في البنوك- ليس صعباً التأكد من ذلك), إضافة إلى عقارات في الكورنيش الجنوبي في المدينة المذكورة, ناهيك عن مزارع وشاليهات في كسب, وصاحبنا الموظف ذي المنبت الطبقي “الكادح” لا يقضي عطل الأعياد كالفطر والأضحى إلا في ماربيا الإسبانية وما يشبهها! ومما يشكو مُجمع صحارى أو بلودان والزبداني ورأس البسيط أو حتى شرم الشيخ في مصر؟.
يمكن أن نعطف على ما سبق, تساؤلنا عما آلت إليه قضية السيد أكرم الجندي, وما هو موقف الهيئة من القرض الذي استلفه من أحد مصارف الدولة وقيمته 750 مليون ليرة سوريّة, بذريعة إنشاء فضائية الشام التي قد لا تتجاوز تكلفتها العشرة ملايين ليرة سوريّة!. ترى: هل ستتم “لفلفة” قضية الجندي الذي لم يدفع حتى الآن لبعض موظفيه (سابقاً) مستحقاتهم؟.
عود على بدء, إننا لا نبرر للطلاب فعلتهم, ونطالب بمعاقبتهم, غير أن العقوبة التي قوبلوا فيها هي أكثر من عقوبة(هذا إن لم نقل عنها مجزرة), ونتائجها قد تكون كارثية على مستقبل أولئك الطلاب المفصولين وبعض المجتمع السوري.
وأياً يكن الأمر, فقد قيل لنا إن المسألة باتت الآن في عهدة القضاء السوري, وان اتحاد الطلبة السوريين يتابع الموضوع, ونأمل من الاتحاد المعني أن يدافع عن حق طلبته في التعليم, وأن تكون عقوبتهم متناسبة مع ما أقدموا عليه, وليس رميهم في الشارع, فالمفترض أن سوريّا لا تسعى للدخول في مجموعة غينيس للأرقام القياسية في عدد العاطلين عن العمل وما يمكن أن يُشتق عن تلك العطالة من مفاسد.

كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى