صفحات ثقافية

«في البدء كان المثنى» لخالدة سعيد: نفي الأيديولوجيا الأحادية

null
يسرى مقدم
عن همّ إنساني جامع، شاهق الرؤية في انطوائيه على قول معرفي يخص نصف الأرض او نصف السماء، بتعبير «جوليا كريستينا»، ويشمل سائر من يرى، او لا يرى، الى مثنى الإنسان رؤية الشيخ الحاتمي الى الزوجية في كنه حدوثها البدئي. قول صادق في نفوره من التصنيفات، قادر في انشداده الى الاستقلال بذاته ان يكون دليلاً على ذاته ولا يحتاج في معناه (او حضوره) الى غيره. ليفسح للتعبير المستثنى من الكلام ان يشفى من التهميش ويحظى بسلطة الكلام، لا على انها فعل عنف وإرهاب او نفي وإلغاء، انما اخلاق رعاية وعناية وحدب أمومي يجود بأعطياته المعرفية، رجاء توبة الواحد المستفرد المستند بجنس قسيمه «لا كمجرد فرد شريك وقريب او مخصوص بل كجنس بإطلاق»، الى ألفة المثنى تزين له سمو الشراكة في الفعل والتفكير والتدبير والتعبير، بقرائن السوية والقدرة والفاعلية والجدارة الإنسانية، على قاعدة الاختلاف والخصوصية وبعيداً من ترهات التفاضل والتراتب، بما يحفظ للقسيمين شراكة باذخة ارحب وأبعد واثرى من حدود اجتماعهما. عن هذا الهمّ والتوق والحدب يصدر كتاب خالدة سعيد «في البدء كان المثنى» (دار الساقي، بيروت 2009).
وللعنوان المستفز، بعد ذلك، ان يشاكس الفكر الاحادي القائم على رؤية فردانية عنصرية تسفه غيرها ولا ترى إلا نفسها، سيان كانت ذكورية ام انثوية، فلا الذكر هو المبتدأ ولا «الأثنى هي الاصل» ففي الحالين ثمة ايغال مفرط في مفهوم نابذ لا يخصب غير الصراع والانغلاق والتنافر والنقصان. نقول، للعنوان، في منتهى بلاغته، ان يطعن بمنظومة الهيمنة ويرمي مسلماتها بالشك والريبة، استنادا الى وعي معرفي يستل حجته الدامغة من النص المؤسس (القرآن). بصفته اول المصادر بالاحتجاج وأصدقها خبراً، حيث تقرئنا الآية الاولى من سورة النساء حديث المثنى يصرّح بالحقيقة الاولى للنفس الواحدة التي نشأ منها مثنى الإنسان، على سوية في التكوين، وتكافؤ في الملكات العقلية «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها».
المثنى (او الزوجية) هو البدء اذاً، استترت عليه التآويل والتفقهات المخترقة بمركوزات الذهنية الاسطورية والقبلية، وموهته بباطل الضلعية، او قصة خلق حواء من ضلع آدم، ما لا دليل عليه في النص المصدري.
وبعيداً من كلام الآية الذي يؤول نفسه بأمارة من النشوئية، للعنوان المكثف بالدلالات والابعاد، ان يحيلنا على فقه فلسفي يقر «بأن الاثنين اسبق من الواحد، وان الواحد لا يسمى واحداً إلا لأنه ليس اثنين او لأنه احد اثنين. وان هذه الاسبقية انطلجيا وابستميا غير قابلة للنسخ»(عن الافتتاحية التي كتبها د. موسى وهبة لمجلة فلسفة، خريف 2002، العدد الأول السنة الأولى صفحة 6). هذا ناهيك من اجتهادات اخرى تبارك العنوان وتؤازر قول الكتاب الذي مهدت السعيد لفصوله الستة بمدخل دسم تحت عنوان «هوية اسطورية سابقة تخترق الأديان والحضارات». سوف نخصص له القسم الأكبر من مقالنا اعتباراً لاهميته النظرية التي تنظم سياق الفصول الذي تليه، في عنايتها بمقاربات تحتفي بالاعمال الطليعية لقاسم امين احد ابرز رواد النهضة وأوفرهم حماساً في الدفاع عن المرأة الإنسان وبأعمال نضالية وبحثية. وبنصوص إبداعية شعرية وروائية وفنية نسائية. كذلك سيكون للفصل الخامس «لتأت المرأة الى الكتابة»، نصيب.
مذكر ومؤنث
ـ تبذل السعيد في المدخل رؤيتها الشاملة الى اوضاع المرأة داخل المجتمعات العربية، حيث تسور بالقمع والتهميش والتشيؤ، يهيمن المذكر الرجل عليها بالافراد والجمع، ويرهبها بما أوتي من سلطة انتدابية اورثته إياها بنية تحتية هائلة من المعتقدات والتصورات القبلية السابقة للرشاد الديني، رسختها لاحقا ترسانة المسلمات اللاهوتية والفقهية الفوارقية المتغلغلة داخل مختلف المنظومات المؤسسة للبنيان الأبوي، دينيا وفكريا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا، بل حتى قانونيا وابداعيا. تفككها السعيد ممسكة، على هدي استقراءاتها واستدلالاتها بالأسباب والخلفيات، كاشفة عن النتائج والاكلاف الباهظة لنوازع السيطرة العنفية المهيمنة والمستدامة. تحكمت تاريخيا بالمذكر حيال المؤنث، ولم تفلح الديانات التوحيدية او الحركات الروحية الكبرى فضلا عن كبرى الثورات الاجتماعية في العالم، في زحزحة موروثاتها ومؤثراتها، ولا هي نجحت في تحرير المذكر منها، لا سيما في ما رسمته من هوية المؤنث المطعونة بالفرعية والنقصان والدونية. والتزاما بالموضوعية، تشير السعيد الى التحالف الفاضح ما بين النصوص المؤسسة (الأناجيل والقرآن) وبين اعمال التابعين والرسل واللاهوتيين ورواة الأحاديث النبوية وشروح الفقهاء والدعاة، في اطار الواقع الاجتماعي المتعلق بهوية المؤنث حصراً، بما يشبه خيانة الفروع للأصول، اذ حملت النصوص الشارحة على النصوص المؤسسة، لتتولى التأصيل لمنظومة الاعراف والتصورات والتقويمات المتصلة بالتراتب الجنسي جسديا ومعنويا وحقوقيا. توازيا والتراتب الديني التشريعي والسياسي الاقتصادي. من هنا تغدو مساءلة المسلمات المنحازة، الى المذكر دون المؤنث المستثنى والمعنف مسوّغا موضوعيا لاجراء حفريات معرفية تتوغل في نظم النصوص المصدرية التي نكصت عنها نظم النصوص الشارحة، بلغت مع مرور الزمن مبالغ مغرقة في التردي على مستوى الاحوال الشخصية والاوضاع الاجتماعية والسياسية وتقييد حركة النساء والتغييب المطلق لهن عن الحياة الجمعية. واللافت ان نظرة المذكر الى المؤنث المغيب والمحاصر توسعت لتطاول نظرة المؤنث الى نفسه، في تبن مدو من قبله لتراتبية عميمة تمكنت من وعيه ولا وعيه واستدرجته الى استيعاب السيطرة المتجلي في مظاهر التسليم والخضوع والإذعان حتى للظلم، يتقبله على انه فضيلة متوجبة على المرأة حيال الرجل. وفي هذا الصدد تشدد السعيد على مسؤولية المرأة في تواطؤها على نفسها، مستدلة بظاهرة النساء الداعيات المزايدات دينياً على الدعاة في نشر المعتقدات الملفقة حول نجاسة الجسد الأنثوي واعوجاجه وسلبيته وضرورة حصره في البعد الجنسي، متعة وإنجاباً، بما يستوجب الحجر عليه وتسويره وحجبه، ولو ان سلطة المذكر في تقرير مصير المؤنث لم تقف عند مسائل الجنس او النوع، او على مستوى الجسد وظيفيا وتشريحيا، بل امتدت الى تقويم الاهلية العقلية والسياسية والمنزلة الاجتماعية والموقع في العائلة، وعطفاً عليه حقوقها وواجباتها المادية والمعنوية. وهو ما تتوافق حوله العقائد المختلفة والحضارات مجتمعة والانظمة الملكية شرقا وغربا، بل حتى الانظمة العربية المعاصرة.
تأسيساً على ذلك، كان من البديهي ان يحتكر المذكر الفضاء الاجتماعي السياسي الاقتصادي الفكري، العام المفتوح الحر الديني الأدبي المعرفي الجنسي الأباحي الاستمتاعي، يحضر فيه المؤنث حضور الموضوع المملوك المستعبد والمستهلك، ويحجر عليه داخل فضاء مقفل خدماتي بيولوجي ـ تناسلي، غير قابل للتثمير معنويا واجتماعيا وماديا. ولا يفوت السعيد هنا التنبيه الى ان حالة التطور العلمي والعملي في مناطق محدودة من العالم العربي، تغيب تماماً عن الأعم الأغلب من المجتمعات العربية التي لا تزال ترتوي من عمق غريزي ذكوري عابر للأزمنة المتوالية منذ زمن الاساطير وصولا الى العصر الراهن، ولهذا العمق من التأثير ما يمكنه واقعياً من اختراق بعض التيارات السياسية او الدينية المقنعة بشعارات تنصبها أفخاخاً لتنتزع حقوقا ومكتسبات حصلها المؤنث، لكنها في واقع الحال قابلة للانتكاس في اية لحظة. ملمحة في الآن نفسه الى ارتداد اوضاع النساء احيانا الى أسوأ مما كانت عليه ايام الجاهلية، مستخلصة من كل ذلك ان الاوضاع لا تتقدم طبيعيا مع سير الزمن او رسوخ الديانات او تطور الشعارات او حتى اختراق النساء لحواجز التعلم والعمل والتعبير. فقضيتهن معقدة ولن يكتب لها النجاح في المدى المنظور. لذا ثمة ضرورة ملحة لنقد ذاتي شجاع يعيد النظر في الطروحات والممارسات والأساليب. ويواكبه دخول مكثف الى جميع مجالات النشاط المعرفي اجتماعيا وسياسيا وعلميا وفنيا وأدبيا، وبقوة القرار الفردي، كي يتاح للمؤنث بلوغ الحلم البعيد بامتلاك الحضور المتكافئ وحق الندية والقرار والمبادرة والتعبير، بما يزحزح الوضعيات الدهرية للتراتب والتسلّط والتملك الذكوري، و«هدم عقيدة قصور المؤنث ونقصانه وسلبيته واعوجاجه»، وشرط ذلك ان يتوافر للمذكر نفسه تطور ثقافي وأخلاقي فأمر ذاك من أمر هذا، في التطور والتخلف والمعرفة والجهل والانتاج والاستهلاك والعدالة والظلم، كلاهما مرتبط في المسعى الإنساني العام بشراكة الفعل والتفاعل لا بثنائية الفاعلية والمفعولية.
وفي موضوع «الأنثوي بين الخصوصية والإنسانية»، تتفوق السعيد في تفكيك التصورات المدسوسة. فتسفه أباطيل الأحكام المتصلة بسلبية المؤنث في خصوصية الجنسية التي ابتلعت بعده الإنسان، وتندد بغرضية التوكيد التعسفي على خصوصية المؤنث بالحصر، يمكر بها الرجل العليم العارف والرجل البسيط الجاهل على حد سواء، كلاهما يرفعها ببينة نقصان ودونية بحجج واهية ينقضها ويهفتها ادعاء التفوق الطبيعي المكذوب لخصوصيته النشوئية بزعم أنها البدء الذي فاض منه المؤنث، ما لا دليل عليه كما أشرنا آنفاً وفي دعوتها إلى تعميم فهم أوسع وأبعد للإنسان بثنائيته، ومن غير انحياز، تؤكد السعيد، على أن وعي المؤنث بالندية وحق المبادرة والحضور المركزي في جميع المجالات، وعلى مختلف المستويات، كفيل بردم الهوة تدريجياً بين القناعات النظرية وإشكالية العلاقة الشخصية بين المؤنث والمذكر. وعلى تحقيق ذلك، تقترح الدأب نسائياً ورجالياً. على مستوى العمل القانوني، يراهن فيه على مفعول القوانين العامة العادلة الموحدة، كضمان الحريات وتكافؤ الفرص في العلم والعمل والدور السياسي والتربوي، ويُعمل على تثميرها والتحصن خلفها كحقوق قارة ونهائية في مواجهة الأحكام المستبدة لقانون الأحوال الشخصية، لا تزال حتى ضمن الدولة العصرية المتقدمة سيفاً مسلطاً على المؤنث بذريعة خصوصيته المتدنية، ما يؤهل هذه الأحوال للإطاحة بحقوق المرأة كمواطنة مستقلة حرة ومؤهلة، بما يجرد النساء في مفارقة عجيبة مما تبيحه لهن القوانين العامة، ناهيك من حق ملكنه طبيعياً منذ النشوء الأول. بالتوازي مع مستوى آخر مكافئ يراهن فيه على البحث والتحليل من خلال حفريات معرفية تكشف وتفكك وتهدم لتعيد البناء على قاعدة الشراكة لا الاستفراد، إلى جانب العمل، وبالأخص، «على غزارة التعبير وحرية التعبير والاحتفاء بالتعبير والإقبال على الإنتاج والإبداع بمشاركة نسائية واسعة».
الإبداع
في توافره على موضوعية النقد وإبداعيته معاً، لكتاب المثنى أن يكون دليلاً مبنياً لا يسقط شبهة الكتابة المخصوصة بهوية الجنس وحسب بل يطعن بدعوى امتياز الكتابة الذكورية واستعلائها المزعوم على مؤنث الكتابة بإطلاق. وفي الحالين لخصوصية السعيد المكتوبة/ المنكتبة من خلال اللغة وباللغة أن تمثل استثناء ساطعاً يجلي نفسه وينتج نفسه في النص نفسه. ما يثبت أن لخصوصية المؤنث إنساناً وإبداعاً وبحثاً معرفياً أن تكون مقياساً للآخر، لا مزية لها ولا فضل إلا بمقدار ما تتفوق إنسانياً وتخترق إبداعياً ومعرفياً، على غير مثال. بالمعنى الذي يرد إلى الإبداع شموليته الإنسانية وبراءته الخالصة من ترهات المصطلحات الفوارقية والتصنيفات المغرضة، وعلى النحو الذي يسوّغ للسعيد «تساؤلها ومساءلتها هوية الإيديولوجيا الأحادية أو الفردانية النافية لغيرها جوهرياً في جميع تمثلاتها».
غير أن لنا تحفظاً نسوقه على استعجال، حول الخصوصية عينها التي أفردت لها السعيد فصلاً كاملاً (الخامس). حذرت فيه من مزالق الوقوع في النسبية، والقياس على عام معياري، هو الإبداع كما أرسى نماذجه الرجال، ما يحيل الخصوصية بهذا المعنى إلى امتياز جاهز بانتظار المرأة، ويحكم بعزلة إنتاجها وامتناعه عن التأثير في إنتاج الآخر/ الرجل. الأمر الذي يُفقد إبداعات المؤنث مدياتها ومرتجاها الإنساني». هذا قبل أن تقر ببداهة تأثير الخصوصية الجنسية أو البيولوجية ـ الثقافية، لكن بما يبقيها، وبالبداهة نفسها، قاصرة عن إنتاج خصوصية إبداعية بحصر الكلمة، ما لم تنطلق من تاريخ الإبداع ومن داخل أفقه وشروطه، فالإبداع، كما تحدده التسمية، اختراق وإضافة وكشف في مجال أو تاريخ…».
قد نعضد السعيد في الحذر من المزالق والتبعات، وفي امتناع الإبداع الأدبي تحديداً عن غرضية التصنيف انطلاقاً من خصوصية إبداعية ذكورية وأخرى أنثوية، هذا لو قيّض للإبداع في الأساس، أن ينجو من سلطة اللغة وسياسة نظامها التراتبي الذي يفاضل بين المذكر والمؤنث، لا تزال مسلماته تحكم العقل العربي سياسياً واجتماعياً وثقافياً وتربوياً وعملياً وأدبياً بالطبع. أليست اللغة هي المثوى والحاضن الذي يؤم كل هذه المستويات بمقدار ما يأتمّ بها، على قاعدة العلاقة الجدلية بين المنتِج والمنتج. وفي الحالين يعاد إنتاج الهوية الأنثوية المخصوصة بالدونية والفرعية بأمارة ما تقره الأحكام والقواعد اللغوية في مسائل التأنيث والتذكير حيث نقرأ في الكتاب (سيبويه) ما يناظر الحكم السرمدي المطلق بأن «المذكّر هو الأصل، وهو أشد تمكناً. وإنما يخرج التأنيث من التذكير (خروج حواء من ضلع آدم). ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يُعلم أذكرٌ هو أم أنثى. والشيء ذكر». فهل للإبداع الأدبي أن ينطلق إلا من تاريخ إبداع ذكوري ومخصوص بالامتياز حتى على صعيد الحكم اللغوي، ومن داخل أفقه وشروطه، جميعها محكوم بمعايير واجبة وملزمة، هي في الأساس صنيعة المركزية الذكورية، كانت ولا تزال محسوبة بالحصر، على المذكر الكاتب الرجل التحقت به المرأة الكاتبة، استظهرت عنه ما تعلمته بالنقل، من دون أن تدرك أن النقل لا يناصرها إنساناً ولا إنتاجاً، بقدر ما يختزلها إلى هوية فرعية تدين أبداً بالولاء لمحفوظاتها، لتنعت، حتى اليوم، بالفحولة مدحاً وبالاسترجال قدحاً.
أما الموروث الذي تشير إليه السعيد، والذي «يكوّن، بحسبها، تصور المبدع أو المبدعة للعالم وللأنوثة والذكورة «فمحفوظ كلوح مسطور في أحكام اللغة ذاتها. تسرّب إلى عمله أو عملها، على غفلة منه أو منها»، قصدها الظاهر أو المستتر لتؤكد تراتبية قسرية لا فكاك منها في العمل الأدبي، من حيث هو في المقام الأول، تمثال لغوي منحوت باللغة وليس بأي مادة تعبيرية أخرى.
يبقى السؤال: لئن أقرت السعيد، في الطبعة القديمة («المرأة، التحرر، الإبداع». خالدة سعيد، عن جامعة الأمم المتحدة ودار الفنك بالدار البيضاء، 1991) التي صدرت عنها بعض عناصر هذا الكتاب، بأن نادراً ما حققت النساء الكاتبات الاقتراب من الجوهر الأنثوي، ومن «خصوصية التجربة الأنثوية التي هي منطلق الكتابة (…) أجرؤ على القول بأن المرأة الكاتبة لم تكتب الأنوثة بعد، كما يمكن أن تكتب إلا في حالات معدودة، ونادراً ما اخترقت الصورة الرجالية للمرأة، وظل الرجل المرآة التي ترى فيها نفسها».(«المرأة، التحرر، الإبداع»صفحة 111) فهل يمكننا الإقرار بأن انزياح زاوية النظر والناظر بتجاربه ومخزوناته معطوفاً على انزياح مواقع الرؤية والأحكام والتقويمات من خلال ما أزاحته صورة العالم في الوعي المتخيل الأنثوي عربياً، أن يزحزح لغوياً، ولو قيد شعرة، من «فرمان» سيبويه حول أسبقية المذكر وحاكميته وقوامته وولايته ووصايته على المؤنث، لتبرأ اللغة العربية من ربقة الانحياز ويكون للأدب أن يبرأ أيضاً من مشاكسة النحو اللغوي ليتفرغ لمناوشة فلول نحوية من نوع آخر…؟
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى