صفحات سورية

أزمة نظام أم أزمة معارضة؟

null
محمد بركة
إن طبيعة الأزمة بشكلٍ عام ، تكون إما ذات طبيعة شاملة ، وإما ذات طبيعة خاصة ، وهكذا فإن الأزمة الاجتماعية ، إما أن تكون أزمة بنيوية شاملة ، وإما أن تكون أزمة قطاعية خاصة ، وهكذا فإننا في حالة الأزمة البنيوية الشاملة ، لا نستطيع أن نتحدث عن أزمة اقتصادية بمعزل عن الأزمة السياسية والثقافية والتعليمية والزراعية إلى آخر قطاعات المجتمع ، وبهذه الحالة تكون أزمة شمولية قد استشرت في كل بنيان المجتمع بدون استثناء ، إلا انه لا بد من الإقرار ، إن السياسي والاقتصادي هما المدخلان الرئيسان لكل القطاعات الأخرى في المجتمع .
وعليه فإن الأزمة في سوريا قد أفصحت عن نفسها ، على أنها أزمة بنيوية بامتياز، وذلك باعتراف الجميع ، من سلطةٍ ومعارضة على حدٍ سواء ، لكنها تختلف من زاوية الرؤية ، والوعي ، والمصلحة بين السلطة والمعارضة .
فالسلطة ترى أن الأزمة في سوريا ، اقتصادية أولاً ، وإدارية ثانياً ، وسياسية أخيراً هذا إن اعترفت بها أصلاً ، مع أنها قد طالت كل قطاعات المجتمع ، وتدعي أن الحل يكمن في الإجراءات الأمنية ، من خلال المحاسبة الانتقائية عن طريق المحاكم الاستثنائية ، تحت حالة الطوارئ ووعي الرعية التي يقودها راعٍ أوحد ، يدير هذه العملية الإصلاحية الأمنية ، التي تصب في النهاية في المصالح الشخصية القائمة على السلطة والمجتمع ، وبالتالي يكون هذا الحل من وجهة نظرها ، حلاً عادلاً وناجعاً من خلال محاسبة بضعة أشخاص، على سرقة المال العام ، والتضحية بهم ، بالرغم أنهم من سماسرة النظام ، وربما إعادة المسروق إلى رموز النظام ، وليس إلى المجتمع ، وتدّعي أن الأزمة قد تزول بكل بساطة ، وبذلك تكون قد اعترفت بالأزمة من جهة ، وتكون قد عالجتها إعلامياً من وجهة نظرها الإصلاحية الكاذبة من جهةٍ أخرى .
أما المعارضة ، فإنها ترى أن الأزمة في سوريا هي أزمة مجتمع برمّته ، في كل مفاصله الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، مجتمع مأزوم بنيوياً ، لا يمكن أن ينتج إلا سلطة مأزومة ومعارضة مأزومة أيضاً ، وبالتالي فإن الحل يبدأ من إشاعة الديمقراطية ، والانفتاح على الآخر، والشفافية ، واحترام القانون ، وذلك لا بد وأن يأتي بشكلٍ متدرج عن طريق الوعي السياسي الذي يعيد المجتمع إلى السياسة لأن الأزمة عندنا أزمة مركّبة ، أولاً سياسية ، وثانياً اقتصادية ، وثالثاً ثقافية ، وأخيراً إدارية ، لذلك ترى أن الحل السياسي في الدولة والمجتمع هو الرافعة الأساسية التي تهيّئ الخطوات التأسيسية لما هو اقتصادي وثقافي وإداري ، لأنه بغياب السياسة يعني غياب الحريات وغياب الإعلام الشفاف ، وبالتالي غياب إمكانية المحاسبة ، وبغياب السياسة يعني غياب القوى الفاعلة كالأحزاب الوطنية والهيئات المدنية والحقوقية ، والشخصيات المستقلة من مثقفين وأدباء وفنانين ، وكل الذين لهم علاقة مباشرة في الأزمة في كافة القطاعات الأخرى من أفراد المجتمع ، وبالتالي إعادتهم إلى السياسة وإعادة السياسة إليهم ، بمعنى ممارسة حرية التعبير والانتماء والتظاهر وحق المساءلة والمحاسبة تحت سقف القانون ، إذن فالمجتمع السياسي والحزب السياسي والفرد السياسي هم اللبنة الأولى في كافة القطاعات الأخرى التي يجب أن تكون ذات شفافية ومصداقية ودستورية .
إن الاستبداد يولّد الفساد ، والسلطات الاستبدادية لا تحارب الفساد إلا بالفساد والقمع ، ولا تحارب الأزمة إلا بمزيد من الأزمات لأنها من أسباب وجودها واستمرارها ، لتكون المتتاليات الحسابية لهذا الفساد ، تكبر وتتضخم حتى تصل إلى لحظة تاريخية معيّنة ، لا تفيد فيها حالة الطوارئ والأحكام العرفية ، وتنفلت الأمور من عقالها نحو تغييرٍ يستفيد منه الداخل والخارج كلٍ حسب حضوره على الساحة المحلية والدولية ، لذلك تعتقد المعارضة أن السلطة في سوريا تحمل عطالتها في داخلها ، وبالتالي نهايتها في استبدادها وفسادها .
كما وإنها ترى أن كل الحلول التي تأتي من خارج القطاع السياسي ، أو بغيابه أو تغييبه ، مهما كانت الإمكانيات عالية والنوايا صادقة ، فإنها بغياب هذه الحريات السياسية ودولة الحق والقانون ، ستكون النتائج دعائية ورتوشية تلميعية ، لصالح استمرار الأزمة ، واستمرار الحلول الكاذبة ، وتعتقد المعارضة أن الأزمة البنيوية الشاملة ، تحتاج إلى مواجهة شاملة ، هادئة عقلانية مدنية سلمية متدرجة ، تكون برسم كل أفراد الشعب السوري ، بمن فيهم من يقبل بذلك من أهل النظام ، وذلك لا يأتي عن طريق المؤامرة أو الانقلاب أو حتى عن طريق الثورة بالمعنى التقليدي للثورة العنيفة ، إنما بالإجابة على كافة المسائل المعاندة للتغيير في المجتمع والدولة ، ومواجهتها بكل شجاعةٍ وتصميم ، وإنه لا شيء مستحيل أمام إرادة وطموح وتحدي المجتمع المعني في التغيير، في تجاوزه المجتمع الأهلي وما يحمل من بنى فئوية ودينية ومذهبية وعشائرية وإثنية ، إلى حالة اجتماعية مدنية ، مواطنية وطنية ديمقراطية ، لذا فإن تغييب هذه الحالة المدنية من أي جهةٍ كانت في الدولة والمجتمع ، يعني عودة الناس إلى التمسك بالانتماءات والولاءات التقليدية أكثر وأكثر ، كي تحمي نفسها من السلطة الفاسدة من جهة ، ومن المجتمع المدني الذي بضعفه أو بغيابه ، يضعفها في مواجهة خطر الاستبداد السياسي الذي يجعلها بالتالي أسيرةً لنهجه ، لتعيد إنتاجه استبداداً اجتماعياً في كافة المجالات ، وهذا ما يحصل بالفعل مع الناس التي تتأثر بالخوف وثقافته من جهة ، وغير الواثقة بالمعارضة التي تراها ضعيفة أمام هذا الاستبداد من جهةٍ ثانية ، فإما أن تنخرط بالفساد السياسي والاقتصادي والإداري ، وتحل كل مشاكلها التي تراها ، بالمزيد من الفساد ، وإما أن تلوذ بالانتماءات المذهبية والعشائرية والعائلية التي تحقق ذاتها فيها ، وإما أن تهمش ذاتها عن الحالتين معاً ، وبالتالي يبقى الخاسر الأكبر هو الوطن والمواطن ، على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، وفي هذه الحالة يبقى العمل الديمقراطي مهما كان صغيراً وخجولاً ، وكأنه خطر ومجازفة وانتحار لا يمكن تحمله ، وبالتالي نبرّر لأنفسنا عدم رفض ما هو قائم ، بل نقبله وبتعصبٍ عجيب ، حتى يبدو للملاحظ أننا مستفيدون مما هو قائم بالفعل .
وبالمقابل فإن تفعيل دور المجتمع المدني ومؤسساته من أجل إقامة دولة الحق والقانون ، ينقل المجتمع من دور المتفرج الذي لا علاقة له بشيء ، دور الشاهد ، إلى دور الفاعل الواثق بنفسه ومجتمعه ، والقادر على امتلاك الوعي  العقلاني الهادئ والمنطق المتوازن الذي لا يكون أبيض وأسود بآن معاً ، ولا أبيض أو أسود على طول الخط ، لا أن نكون متفائلين إلى درجة النرجسية ولا متشائمين إلى درجة السوداوية وانسداد الآفاق ، بل بالتفاؤل الموضوعي الممزوج بالواقعية القادرة على الاستمرار في عملية التقدم ، حتى ولو كان بطيئاً ، فإنه سيصل في المطاف الأخير ولو بعد حين ، فالتوصيف الموضوعي والتفسير العقلاني للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، لا تكفي بل تتطلب من البشر المعنيين بالأزمة أن يحسوا بها ويقاوموها بوعيهم وإرادتهم وتصميمهم على الحل من خلال التغيير الوطني الديمقراطي ، لأن الوعي الديمقراطي يجب أن يقترن بالعمل الديمقراطي ، فلا ديمقراطية بدون ديمقراطيين ، إن العمل الديمقراطي هو عبارة عن تراكم عبر الصيرورة التاريخية التي لا تعتمد على الثوابت بقدر ما تعتمد على المتغيرات والتحولات ، وهو الذي يضمن نجاح التغيير في مساره الصحيح ، يكفي أن تكون ديمقراطياً في بيتك ، مع أسرتك ، فإذا كانت الأسرة بحدها الوسطي من ثلاثة أبناء ، فستكون بعد عشرين سنة أو أكثر قليلاً ، ستكون ثلاث أسر أكثر ديمقراطية وأقل تسلطية واستبدادية ، وعشرين سنة أخرى تتضاعف هذه الأسر الأكثر ديمقراطية ، وبالمقابل تقل الأسر الاستبدادية ، مع أنه في السياق يظهر النظام الاستبدادي وكأنه أقوى ، يتضخم ، لكن بالتأكيد هذا التضخم ذاهب إلى الانفجار، إلى النهاية ، فعلى المعارضة الوطنية أن تشكل رقماً صعباً على أرض الواقع بامتلاكها وعياً سياسياً مدنياً ديمقراطياً ، بحيث عندما يحدث أي تغيير بالقوّة ، من الداخل أو الخارج ، تكون مستعدة للاستفادة من هذا التغيير ، وتحويله من تغييرٍ بالقوة إلى تغييرٍ ديمقراطي بالفعل ، يتم فيه تداول السلطة عن طريق صندوق الاقتراع الذي يُنتج أكثرية تحكم ، وأقلية تعارض ، شرط أن تحفظ الأكثرية للأقلية إمكانية التحوّل إلى أكثرية سياسية فيما بعد .
نستنتج من ذلك أن أزمة المعارضة من أزمة المجتمع والسلطة بآن ، مضافاً إليهما أزمة وعي المعارضة بذاتها ولذاتها ، فإنها ـ أي المعارضة ـ تعيش أزمة المجتمع في تأخره التاريخي وتخلّفه الاجتماعي والاقتصادي ، وبالتالي استقالته من العمل السياسي من جهة ، وتعيش تحت ثقل أزمة السلطة التي تستمر في استمرار حالة الطوارئ والأحكام العرفية وفسادها في الدولة والمجتمع من جهةٍ ثانية ، ومن ثم تعيش أزمتها الذاتية كمجموعة معارضات ، كل واحدة تشدُّ بالأخرى على طريقتها وحسب أيديولوجيتها ، لتكون بالمحصلة النهائية قوة الشد بين هذه الاتجاهات المختلفة توازي الصفر . هذا قبل إعلان دمشق ، أما بعد انطلاقة ائتلافه الوطني الديمقراطي أصبح الأمر مختلفاً ، وأصبح الخطاب مختلفاً ، وأصبح الهدف مختلفاً .
قبل الإعلان كانت هناك أحزاب منفردة ، وتجمعات سياسية ، جميعها أحزاب وتجمعات وطنية ، قدمت تضحيات كبيرة وصمدت تحت حالة الطوارئ لأكثر من أربعين عاماً ، لكنها كانت تدعي أنها المعارضة في سوريا وحسب ، كما كان الخطاب أيديولوجياً يختلف من حزبٍ لآخر ، فكان ذلك من أسباب ضعف وحدتها ، وكان الهدف عريضاً إلى درجة الشعاراتية الحالمة وغير الواقعية في بعض الأحيان ( كالوحدة والاشتراكية ، ومشروع الثورة القومية الديمقراطية ) بحيث تقاس مصداقية الأهداف المرحلية بمقدار ما هي منسجمة مع الأهداف الإستراتيجية ، حتى لو كان الواقع يفرض تكتيكاً مختلفاً قليلاً أو كثيراً على الأرض .
أما بعد الإعلان ، فالأمر مختلف من حيث الائتلاف الوطني الديمقراطي ، الذي وضع التغيير برسم الشعب السوري كله بدون استثناء ، حتى من يقبل بذلك من أهل النظام ، وظهر ذلك جلياً في وثيقة الإعلان الأولى ، وكل ما تلاها من بيانات وتوضيحات ووثائق ، لتقول جميعها : إن إعلان دمشق لا يستنفذ المعارضة الوطنية الديمقراطية في سوريا ، لأنها أوسع وأكبر من حزبٍ بعينه أو تجمعٍ أو حتى من إعلان دمشق نفسه أو أي إعلان آخر ، وإنه ليس ضد أي إعلان جديد ، بل هو مع أي حراك سياسي يصب في عملية التغيير الوطني الديمقراطي .
لذلك تَحَرَّر الخطاب من إرث الايديولوجيا ، مع الاحترام الكامل لكافة الأيديولوجيات التي أُسيئ فهمها وأُسيئ تطبيقها ، فأصبح الخطاب خطاباً واقعياً مباشراً وشفافاً ، مادته الأولى هي الحريات الفردية والعامة ، وهدفه الإنسان المواطن والوطن ، وجاء ذلك واضحاً في أهداف الإعلان التي تتبنى التغيير الوطني الديمقراطي هدفاً ، بالاعتماد على قوى الشعب السوري المتنوعة، الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية ، من خلال القطع مع كل أشكال الاستبداد، السياسي والاجتماعي للانتقال بالمجتمع السوري من مجتمع أهلي إلى مجتمع مدني عصري وحديث ، ومن ثم للانتقال بسوريا من السلطة الأمنية إلى الدولة الوطنية الديمقراطية لكل مواطنيها ، إنه الهدف التوافقي الذي أجمعت عليه كل القوى والشخصيات الوطنية في سوريا .
إذن انتقل الإعلان من الأهداف الايديولوجية الكبيرة والعريضة ( القومية واليسارية ) غير المنسجمة مع الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المحلي ، وغير المنسجمة مع المتغيرات الإقليمية والدولية الحالية ، لقد انتقل إلى الهدف الأساسي والتأسيسي الذي هو ركيزة الأهداف الإستراتيجية الكبرى على اختلافها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ( القومية منها والاشتراكية ) التي لا تنموا جميعها إلا في كنف هذا الهدف الأساسي ألا وهو الدولة الوطنية الديمقراطية ، التعبير السياسي المباشر والحر عن الكل الاجتماعي فيها .
إن عملية التغيير الوطني الديمقراطي ، هي مسار ثقافي سياسي اجتماعي ، يحتاج إلى وقتٍ طويل، ونفسٍ طويل ، وتفاؤلٍ كبير ، في إمكانية تذليل العقبات التي يواجهها الإعلان ، وذلك من خلال الحوار المستمر ، واحترام الآخر ، والاعتقاد الكامل بأن المستقبل يحمل وسيحمل الكثير من التراكمات الإيجابية ، بفعل المحاولة المستمرة الجادة ، الفردية والمشتركة ، ويكفي للمحاولة الفردية أن تثق بالمحاولات المشتركة ، كائتلاف دمشق أو سواه من الإعلانات الوطنية ، وأن لا تطلب منها ماذا أنتجت في مدةٍ قصيرةٍ ، وتحت حالة الطوارئ والأحكام العرفية والسجن والملاحقة بالتهم والخيانة العظمة الخ…. بل أن تطلب منها ـ إذ لا تريد أو لا تستطيع أن تطلب من نفسها ـ أن تطلب منها المزيد من المحاولات الموضوعية ، والمزيد من التركيز على بناء الذات الفردية ، الإنسانية والوطنية الديمقراطية ، ليس المهم ما أنتجت الآن تحت هذه ا لظروف الأمنية السيئة ، بل المهم ماذا تفعل من أجل المستقبل الوطني الديمقراطي . فإذا اكتشفنا أنه في المستقبل ثمة عمل أو موقف يتحتم على أبنائنا أن يقوموا به من أجل مستقبلهم الثقافي أو السياسي أو الاقتصادي ، ونحن قادرون الآن على القيام به أو البدء فيه ، ولم نفعل ، إن في ذلك خيانة ُ عظمى لأبنائنا فضلاً عن كونها خيانة عظمى لمجتمعنا ووطننا .
إن مجتمعاً يعي حجم الدمار الشامل الذي ألحقته به سلطة الاستبداد فساداً وإفساداً ، أزمةً وتأزماً ، على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، لا يمكن على المدى الطويل إلا أن يجعل من عملية المراجعة النقدية الجذرية المستمرة لتجربته اليومية ، همه وهدفه الوطني من أجل الخروج من الأزمة الذاتية والموضوعية ، من خلال عملية التغيير الوطني الديمقراطي الشاملة .
فإذا أرادت المعارضة أن تخرج من أزمتها ، عليها أن تفصح عن نفسها بشكلٍ واضحٍ وعلني على أنها لا تستنفذ المجتمع وقد أفصحت ، وبالتالي فإن كل الناس الشرفاء الذين لم تتلوث أيديهم في الفساد والإفساد ، بغض النظر أكانوا في صفوف المعارضة العلنية أم في صفوف المعارضة الصامتة ، في المجتمع والسلطة ، فإننا جميعاً في خندقٍ واحدٍ ضد الاستبداد ، ولتفصح عن نفسها على أنها ليست البديل لهذا الاستبداد بل نقيضه ، اجتماعياً وسياسياً وعملياً وقد أفصحت ، وإن المعارضة هي كل المتضررين في المجتمع والدولة من هذه السلطة الأمنية الاستبدادية وفسادها ، وبالتالي للخروج من أزمة المعارضة عليها أن تعمل أولاً على الخروج من أزمة المجتمع ، وبالتالي مقياس مصداقية خروج المعارضة من أزمتها ، هو : مقدار ما تكون قريبة من المجتمع أولاً ، ومقدار ما تعمل على الخروج من أزمته البنيوية الشاملة ثانياً ، وبالمقابل مقدار ما يكون المجتمع المتضرر حريصاً على المعارضة الوطنية الديمقراطية واستمرارها من أجل خروجها من أزمتها ، مقدار ما يبدأ بالخروج من أزمته التي غالباً ما يحمّلها للمعارضة ، ويعفي نفسه من مسؤوليتها ، وبالتالي هجاء المعارضة لا يفيد أحد ، بل ما هو مفيد جداً هو نقد الذات ونقد المعارضة نقداً مسؤولاً وبناءً بصفتنا جزءً منها ما دمنا ضد الاستبداد .
فالمعارضة هي لسان حال المجتمع ، ورأس حربته في التغيير ومحاربة الفساد ، وبما أن الحربة لا تحارب لوحدها ، فإنه من الطبيعي والمفيد أن يكون المجتمع هو من يمسك بهذه الحربة، حربة التغيير الوطني الديمقراطي .

* السويداء   18 / 10 /   2009

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى