صفحات ثقافية

وجه سعدالله ونوس

null

سعد الله ونوس بين الكراجات وساحه العباسيين

خاص – صفحات سورية

حين استيقظت هذا الصباح رأيت وجه سعدالله ونوس يبتسم لي دون أن يردد أننا محكومون بالأمل… لأني أخبرته أن أعماله تدرس في المدارس والجامعات، وأننا انتخبنا رئيساً جديداً وبنزاهة، وأن أدونيس أخذ جائزة نوبل، والأنظمة العربية الدكتاتورية سقطت، وجواد الأسدي عاد إلى العراق واستلم وزارة الثقافة وفلسطين والجولان والجنوب اللبناني عادوا إلينا، وقريبا يعود لواء اسكندرون والأندلس و… و

دوما كنت أرتدي الحقيقة الوقحة وقباحة العالم قبل خروجي من غرفتي وفرجينيا وولف تضمني من الخلف وتقبل عنقي هامسة في أذني لا تتأخر إني في انتظارك. أغلق الباب وأركض بسرعة لتُسقط الريح ما بقي من صدق فرجينيا وأمل سعد الله ونوس.

أنا الذي أشبه عجلات السيارات والمني في المراحيض ومعظم أدباء اتحاد الكتاب العرب

أقف أمام رصيف الجرائد لأستعير من عناوينها ذبول عيني ولسان الضفدع وتجاعيد وجهي وأذني الطويلتين، وانحناءة ظهري التي لا تحبها أمي سرقتها من صورة في الصفحة الأولى لجريدة السفير (هنية على الرصيف ينتظر الإذن بالدخول إلى غزة).

أنا الآن يا سيدي بكامل العتاد الميداني ومستعد لبناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد والدفاع عنه… (مستعد دائماً) هذا الشعار يمنحني الأمان والثقة منذ رددته في الصف الأول الابتدائي… حتى الآن لم أفهمه، كما لم يفهمني سائق التاكسي حين قلت له أني ذاهب إلى النفق لحضور عرض مسرحي لـ(سعدا لله ونوس)

وبثقة من ردد الشعار منذ قليل قال لي: أهو ممثل من الهواة أنا لم أسمع به مع أني أتابع مسرح همام حوت، وانتقلَ بديناميكية همام حوت ليقول النصر آت وحكومة السنيورة ستسقط واستفاض بشرح خطاب (السيد)… وصلت إلى النفق حاملا عبء انتصار جديد.

هنا النفق بين الكراجات وساحة العباسيين: إن كنت تريد أن تشاهد العرض عليك أن تلتحف ببطانية عسكرية لتحتمي بها من البرد وتجلس عليها… أو لتتماهى مع اللون الواحد (99,99).

العرض لفرقة كون المسرحية التي تبحث عن الجمهور اللغز والنص لسعدالله ونوس والمشاهد القادمة ليست للمسرحية بل للجمهور الذي تابع العرض:

المشهد الأول: الحضور ينظر باتجاه الشرق (جثة، متسول، شرطي).

المشهد الثاني: دخلنا دكان أغلق الباب علينا فجأة بدأ همسنا (تدمر، أقحوان، سجن، شمعة، سجان، هل انتهى العرض… ثلاثون ثانية من دهشة العتمة أضيفت لعمرنا قبل أن يفتح الباب).

المشهد الثالث: خرجنا لنشاهد ممثلين داخل دكان آخر لونه أحمر (شرطي وزوجته) وكان الحوار في هذا المشهد مضاف لنص سعدالله ونوس.

المشهد الرابع: الحضور ينظر باتجاه الغرب (جثة، متسول، شرطي، وسيد القصر وكلبه).

انتهى العرض… هكذا كان الجمهور يتنقل في النفق لمشاهدة مسرحية (جثة على الرصيف)

التي كتبها سعدا لله عام 1963 عن الموت والخوف، الفقر وانتهاك الإنسانية… المسرحية بعد مرور 43 عام هي واقعنا المستمر مع الزيادة في الخوف والكآبة والفقر والجثث

الآن إما أن أخرج من النفق أو أبقى لألعب دور الجثة في العرض القادم … ولأني جبان أعدت البطانية ومضيت إلى بردى كان في جيوبه الكثير من حجارة دمشق القديمة مددت يدي لأنشله من الغرق ولكن…؟


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى