صفحات من مدونات سورية

المدونون السوريون والإسرائيليون: التدوين لشرق أوسط واحد!

تفاجأت مثلي مثل البقية بالخبر الذي نشرته الغارديان عن نقاشات منظمة ومنتظمة بين مدونين سوريين وآخرين إسرائيليين، وقامت نشرة كلنا شركاء مشكورة بمتابعة الخبر بشكل موسع أكثر.
الخبر منذ بداية نشره وحتى هذه اللحظة غامض ومريب، فلا أسماء أسماء منشورة للمدونين السوريين الذين شاركوا، رغم قيام الموقع بوضع روابط لمدونات سورية تكتب بالإنكليزية، لكنه ليس بدليل على قيام هؤلاء المدونين بالحوارات آنفة الذكر.
ولا ندري هل هذه اللقاءات التي يرعاها السيد كميل طرقجي تأتي بموافقة وتنسيق سوري على مستويات عليا، ضمن مساعي القيادة الحثيثة لتحقيق خياراتنا الإستراتيجية، أم هي مبادرة فردية مدعومة من منظمات دولية. ومن هو كميل طرقجي أصلا وما موقعه من الإعراب حتى ينشئ موقعا يسميه شرق أوسط واحد، وللإسم دلالة لا تخفى على أحد!
الجميع يعلم أن هناك مفاوضات سرية غير مباشرة تتم بين السوريين والإسرائيلين، وحتى إن جرت بشكل مباشر فهي تتم بين مسؤولين معنيين على الجانبين، لكن الجديد بالأمر، أن التواصل بدأ يخرج عن الطابع الرسمي، والأغرب أن يتم مؤخرا عن طريق مدونين، وبغض النظر عن مدى فعالية وتأثير التدوين والمدونين في سورية، – وهو تأثير معدوم بالمناسبة – لكن الجهات الرسمية في سورية لا تعترف بالإعلام الخاص والإلكتروني حتى تعترف بالمدونين، بل حتى  الشريحة المثقفة لا تأخذ المدونين على محمل الجد، فكيف يمكن لعقلي إستيعاب العنوان العريض الذي وضعته كلنا شركاء “ معسكر السلام يبدو انه انتصر: تفاصيل عن حوارات المدونين السوريين مع الاسرائيليين” !!
توجد معطيات بحاجة إلى توضيح جذري من كل الجهات المسؤولة، وفقا للغارديان فالحوارات مستمرة منذ عام، والسيد كميل طرقجي على ما يبدو شخصية قريبة من الوسط الرسمي السوري وكثير من الشخصيات المحسوبة على الجهات الرسمية لديهم تعليقات في موقعه، والموقع حتى هذه اللحظة غير محجوب مثل الفيس بوك الذي قالت السيدة بثينة شعبان أنه محجوب لأننا لا نرضى بتواصل الشباب السوري مع جهات إسرائيلية متواجدة عليه.
فهل من المعقول أن المسؤولين في سورية لا يعلمون عن الموضوع الذي بدأ منذ عام؟
المسألة بحاجة إلى جواب واضح جدا لا يحتمل التأويل، وإلا فالأمر بشكله الحالي يبدو كخطوة أولى نحو التطبيع مع العدو الإسرائيلي. لأن التدوين حتى ولو كان غير معترف به في سورية لكن له دلالات عديدة كلها تصب ضمن التصور السابق “الذي لا أريد تصديقه”، حيث أن التدوين وسيلة تواصل غير تقليدية وغير رسمية وتحمل الطابع الشعبي وأصحابها من الشباب أيضا،  أي أن المسألة بشكلها الحالي تهدف إلى كسر الحالة العدائية المتجذرة لدى الشعب السوري للصهاينة وهم أيضا بالمثل، وتمهد لخلق شيء من التآلف عن طريق الحوار حتى لو لم يؤدي هذا الحوار إلى نتائج فعلية، أصلا لأ أظن أن المطلوب من هكذا حورارت التوصل إلى نتائج، فالمطلوب منها هو الحوار بحد ذاته وما ينتج عنه من تغيير لا واعي في العقل الجمعي لدى شعب تربى على قناعات لا يمكن لها أن تخدم أي قرار سياسي مستقبلي بشأن عملية السلام والإستحقاقات التي ستترتب عليها فيما لو حصلت يوما ما.

بالنهاية القيادة السياسية ترفع شعار السلام خيارنا الإستراتيجي منذ أمد بعيد، ضمن إطار “سلام الشجعان” ولها الحق باتخاذ السبل التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف والحقوق المطلوبة، لكن حتى ذلك الوقت تبقى مسألة الإتصال مع الإسرائيليين مسألة مرفوضة وجريمة يعاقب عليها القانون السوري، وحتى لو فرضنا وتحقق السلام المنشود أجد من الصعب والمرفوض أخلاقيا بالمقام الأول  – عند الشعب السوري – قبول علاقات التطبيع الشعبي مع الكيان الصهيوني.
http://www.3bdulsalam.com/?p=2282

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى