صفحات الشعر

خيانات عن الكردية

null
فريد زامدار
تفكيري عدوّ شرس

(أربيل/1952)
اعتراف

منذ  زمن
وأنا أحمل حزناً ثقيلاً
حياتي رجفة خوف
تركتـها في خرائب العمر الموحشة
خنجري فوق صدري؛
أنا ضد تفكيري وأخشاه
الخوف تاريخ أحلامي
حتى في نومي
أخشى الالتفات إلى الخلف
أخشى التفكير في ماضيَّ
وحاضري
ومستقبلي أيضاً
تفكيري عدوّ شرس،
استغراقي في التفكـر والتذكـر
حزنٌ وانعزالٌ
وموت
تفكيري قتلٌ دام
حين تـواعد عيني
خوفاً خجولاً، أكحل العينين؛
أودع كل عواطفي وحسراتي
عند محيا الفكر
أرى نفسي
ولا أراها قادرة
إلا على مقارعة محيّاي أنا
خنجري فوق صدري،
كل الدنيا
من أقصى عالـم العين،
تراني أقتل نفسي
كل الدنيا
من أقصى عالـم الرأس،
تراني أمتص دمي
الدنيا كلها تـرقـب
اليوم، أو غداً
انهيار جبل روحي
خنجري فوق صدري،
أرفع الراية البيضاء
وأنا ذاهبٌ الى القتال
يتناهى إلى مسمعي
صوت الماضي
فآكـل لحم قلبي
وطني مزيج البندقية
ودم الحمام
أنا وحدي
من يقتـل
جمارك اللسان
على شفتي،
وأنا أختنق بصوتي.

•••
رحيل نجمة عارية

حين غضبت
خضبت أنامل الليل
بدماء أمسية خريفية قتيلة
حين غضبت
اجتزت حدود البروق
صوتك
مثل عابر سبيل شريد،
كان يجتاز قامته الفارعة
وثمة نجمةٌ عارية
تسدل هالة شعرها
على كتفي الليل،
وترقص جذلى
صوتك
يأتي ويجتاز عيني
لا تبتعدي أكثر
لا تغادري تلك السماء؛
فنظرات تلك الأرض العمياء
هائمة. خلف عينـي ظـلامها،
وهذا العالـم أيضاً
يذوب كشمعة
في حضن امرأة غجرية
تغضبين
من صوتٍ لا لغة له،
كصوت دمعة
ضلت سبيلها؛
وكخيال شتاء
تبزغين
من تحت أشعة قديمة؛
لتتسلقي
أحضان الظل العاري
للعالم.

•••
رقصة حلم أعمى

في ظهيرة حلم ريفي
كنت ترقصين
بهدوء كنت ترقصين
رقصةً ريفية
كنت تعتـلين
برقاً جبلياً،
حتى تصلي؛
لتستحيلي شمساً
وتشرقي
وتأخذي معك السحب
لتجمعي الأمطار
كنت تتسلقين الظلال
تصعدين وتصعدين
حتى تعتلين قمة ذاتك
في مساء حزن ريفي
ثمة حلمٌ أعمى،
وأغنية قصيدة والهة،
وموسيقى مربعية،
في حالة رقص
للقمم
في ذلك العالـم الثـمل،
حيث لا مهرب لك،
كل ملائكة الله
ترتع وترقص.

•••
حزن مجنون

لم تري الموت اليومي بعد،
أنا كل أيامي ممات
لم تري العشق الجنوني بعد،
هو اعتصار قلب
وحرقة كبد
فلتضحك أنت
بينما أنا
يتراقص البكاء في عيني
فلتضحك أنت
بينما أنا
يرتع الألم في حشاي
منذ أمد
لازم لحن الحزن
ناي حنجرة حياتي
منذ أمد
ألف مسمع قلبي
أغنية الحزن
منذ أمد
وعريش مرامي وآمالي
تحت رحمة
سياط العواصف
منذ أمد
احترق وأنا ساكت
أنا دوماً
رغباتي غريبة،
وملحمة لوعتي وسهادي
حلمٌ بلا نهاية.

•••
دمعة الشمس

أنا وحدي
من فتحت باب عيني
للدمعة العارية
أنا وحدي
من استحلت مطراً
وانهمرت فوق النهر الجاف لقلبك،
وأزهرت في دواخلك؛
لكني لم أحظ
ولو بورقة خريفية
من شجرة حبك
حتى دمع جرحي
وسال الدم من جراح أسرارك،
واندلق في قارورة روحي
حتى نحر خنجر نحيب الشمس
بسمتي
بهدوء تسللت
إلى دجى عيني
حتى لو اجتمع ظلام كل الدنيا
وعلّق أرواح كل أرقه
في جيد أحزاني
وتدلى
لما أذاب شمعةً متقدة
في ليل أحلامي البعيدة
لا تلحقي الليل هكذا
فالليل يبقى ليلاً،
لا تواجهي الموت الحي للشمس
هكذا
فالليل شجرة ساهدة؛
لو علقـتْ روح كل أرقها
في أعناق أغصانها
وتدلتْ
لما عكرتْ
نهر الشمس
لو اجتمع ظلام كل الدنيا،
لما ظلل
شعلة دواخلك
لا تجزعي
دعي الطريق
يخطو فوقك
لا تشدّي شعر الأفق
للحاق بالليل؛
فالشعاع يعرف أين يومض
إذ يكتنه خيال الليل الصامت،
والسماء الغريبة.

•••
وجوهٌ محطـمة

كلهم
يمّموا شطر تلك الجهة،
كلهم
كطائر مهيض الجناح
حطّوا هناك
وحين عادوا
استدارت خطاهم
كلهم
نحو تلك الجهة
أراهم
أنّى ساروا
وأيةّ مرابع قصدوا،
هم في غدو وترحال
هم أبداً
على الطريق سائرون.

ترجمة صلاح برواري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى