التفاوض السوري الإسرائيلينصر حسن

النظام السوري …بين سراب السلام ووهم المقاومة!.

null


د.نصر حسن

إن تناقض النظام السوري وتذبذبه بين حدي السلام والمقاومة أوضح من أن يحتاج إلى شرح وتفصيل , فهذان المساران الضبابيان في مسيرة النظام برزا مفترقان بشكل واضح في السنوات الأخيرة بظل تخبط النظام في سياسته الداخلية كما الخارجية , في منهج السلم كما في نهج المقاومة , والحال كذلك هذا الحدان يضمران حالة صراع تجلت أخيراً بتجذير سياسة القمع والتجويع على مستوى الداخل من جهة, والتبعية إلى الخارج سواءً على مستوى علاقته بإيران وتسهيل دخولها المذهبي إلى نسيج الشعب السوري , أو في اتصالاته السرية والعلنية المباشرة مع إسرائيل والتي كشف عورتها وساطة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان , وأيضاً في محاولاته المستميتة لفتح باب الحوار مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة واستعداده للمقايضة على الكثير من الملفات وبالتحديد التي تخص نهج الممانعة والمقاومة من لبنان إلى فلسطين إلى العراق على طريق تبرئته من المحكمة الدولية وتمديد دوره الإقليمي وتوفير الغطاء له .

وفي نظرة سريعة على سلوك النظام السوري الحالي على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي يتضح التناقض الكامل بينه وبين النهجين , يعكسه التذبذب المتواتر بين خطاب السلام والمقاومة , ولم يكن من باب الصدفة تلك الزكزاكية السياسية بقدر ماهي التعبير الفعلي عن سياسة عتلتها الأساسية هي الحفاظ على السلطة والاستمرار فيها واستعداده لتقديم كافة الأوراق التي شحت بين يديه في المرحلة الأخيرة, وتضخمت لفظياً في ورقة المقاومة وخاصة على الساحة اللبنانية والتي يمثلها حزب الله على طريقة النظام السوري التي تستبطن المتاجرة لتحقيق أهداف سياسية إقليمية ليست خافية على أحد ,هنا يلتقي النظام السوري المتهافت في موقفه من المقاومة عملاً وفعلاً مع جهات استغلت شعار المقاومة خدمةً لأهدافها الذاتية وبعيدة كل البعد عن التحرير والحفاظ على الحقوق .

في خضم هذا التناقض والتزييف ومع تدهور حالة الاستقرار الداخلي في سورية كما في المنطقة , بدا الافتراق واضحاً في سياسة النظام السوري بين نهجي السلام والمقاومة وعجل من افتراقه معهما ,الضعف الكبير في أداء النظام العام وأيضاً وصول أحداث المنطقة إلى استحقاقات علنية لم تعد صيغتها السرية مطلوبة ,وعليه ضغطت على النظام في تحديد موقفه من السلام والمقاومة وهو مايعبرعنه حالة الخلط واللبس العام في موقفه من الاثنين معاً, ومايجري في أكثر من عقدة في المنطقة وللنظام السوري دوراً سلبياً فيها لعدم قدرته على قراءة المستجدات على الساحة الإقليمية والدولية وبالتالي إخفاقه في أداء مقابل يحتوي تلك المتغيرات , فالتناقض في سياسته الداخلية وعجزه عن القيام بالحد الأدنى من الاصلاح يضمن استمراريته ,ارتد إلى تجذير الهيكلية الأمنية المخابراتية وزيادة وتيرة القمع والاعتقال في رموز المجتمع المدني وبشكل خاص قيادة إعلان دمشق وبقية الناشطين من المثقفين, مما أضعف موقفه بشكل كبير على مستوى الداخل وزاده إرباكاً وضعفاً نتائج سياسته الاقتصادية التي أنتجت الفقر والجوع والغلاء في الخبز والمحروقات والتي دفعت سورية إلى حالة خطيرة من عدم الاستقرار الداخلي سوف تؤدي إلى كارثة أهلية ووطنية لم تشهدها سورية في تاريخها, وهي حالة أبعد ماتكون عاملاً مساعداً على السلام والمقاومة معاً.

فإلى متى يستطيع النظام السوري الرقص المتهافت على حبلي السلام والمقاومة في ظل وضع داخلي أنتجه قمعه وفساده وغوغائيته وأقرب مايكون إلى العجز العام , كما في ظل وضع إقليمي متشظي بكل الاتجاهات الكارثية وأبعد مايكون عن المقاومة ونهجها ؟!.

أم عدنا إلى التلطي خلف الشعارات الخائبة التي أنتجت النكبات الحالية على المستوى الداخلي والعربي معاً؟!.

فإذا كان ” سلام الشجعان الأقوياء ” قد وصل إلى الهاوية ! فإلى أين سيصل سلام النظام السوري ” سلام الضعفاء ” ؟!.


خاص – صفحات سورية –


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى