زين الشاميصفحات سورية

عودة «مستر 10 في المئة» السوري إلى أحضان القبيلة

null
زين الشامي
أكدت تقارير في الآونة الأخيرة أن عضو القيادة القومية السابق لـ«حزب البعث» في سورية نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية (م،ح)، وهو من الشخصيات التي كانت مقربة من نائب رئيس الجمهورية السابق وقائد سرايا الدفاع رفعت الأسد، قد عاد إلى البلد منذ أشهر عدة.
السيد (م.ح) معروف أنه غادر سورية إلى الولايات المتحدة في التسعينات من القرن الماضي، ومعه ملايين الدولارت التي استطاع الحصول عليها نتيجة تورطه في الكثير من أعمال الفساد، لدرجة أن كاتباً بريطانيا مقرباً من الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهو باتريك سيل، وصفه «بالمستر 10 في المئة»، وذلك لأنه كان يقبض هذه النسبة عن كل صفقة تتم بين الحكومة السورية وأي جهة أخرى.
ما نعرفه كله عن هذا «الرفيق» البعثي القديم، والذي تسلم منصبه في الحكومة السورية عام 1973، أن القضاء السوري أقام بحقه الكثير من القضايا، وكلها تتعلق بمسه للنزاهة وسرقة المال العام، لكن رغم ذلك فإنه، وحين عاد الى سورية، كان هناك ضابط من الحرس الجمهوري في استقباله على الحدود السورية – اللبنانية لدى عودته، وهذا يؤشر الى أن هناك موافقة من أعلى المستويات على عودة هذا الرجل، لا بل ربما هي إشارة ترمز الى تبرئته من الملفات السابقة كلها.
التقارير نقلت عن مصادرها أن «الرفيق» (م.ح) قد حل إثر عودته ضيفاً في دار أحد أبنائه بضاحية يعفور الراقية قرب الحدود اللبنانية، وبعد فترة انتقل إلى قريته في «بيت ياشوط» على الساحل السوري، ريثما تتم إعادة تأهيل منزله في حي المزرعة بدمشق، وأن المعلومات تشير إلى أن عودته إلى سورية أخيراً تمت بناء على وساطة قام بها أيضاً مضر الأسد، نجل رفعت الأسد، وزوج ابنة (م.ح)، وذلك بعد أن تعهد الأخير بعدم القيام بأي نشاط سياسي أو تجاري في سورية، وهو ما يعني أن القضية تمت تسويتها قبلياً وعائلياً، بعيداً عن القضاء، ومن دون أي احترام للرأي العام والشعب السوري الذي درجت العادة على تغييبه وإبعاده عن الأمور كلها التي تتعلق بمصالحه ولقمة عيشه وثرواته الوطنية ومصائرها.
وكما أسلفنا فإن (م. ح) كان من الشخصيات الحزبية والقيادية البارزة في الأعوام الأولى من عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، لكن نجمه أفل في الأعوام الاخيرة من عهد الرئيس الراحل بسبب «خيانته» لحافظ الأسد وارتباطه أكثر بشقيقه ومنافسه في الوقت نفسه رفعت الأسد الذي حاول الاستيلاء على السلطة عام 1983 عندما اشتد المرض على حافظ الأسد، وهذا هو السبب الذي يقف وراء قرار القيادة القومية عام 1984، حين أوقفته عن ممارسته العمل السياسي والحزبي لدعمه رفعت الأسد آنذاك في محاولته الانشقاقية.
وكانت محكمة أمن الدولة قد أصدرت بحقه حكما غيابياً بالسجن 15 عاماً، لكن كما قلنا، ذلك كله تم طويه بالسر على الطريقة القبلية العائلية، بعيداً عن أعين الرأي العام السوري، لا بل كما قلنا تم استقبال هذا المسؤول السابق المطلوب للقضاء، استقبال الفاتحين!
وحتى يكتمل المشهد المأسوي، أو الهزلي، لا بد من التذكير أن هذا الرجل كان قد وافق يوماً على قصف وتدمير مدينة دمشق واستباحة أهلها وسرقتهم، حسب ما ذكر مصطفى طلاس، وزير الدفاع السابق في عهدي الرئيسين حافظ الأسد ونجله بشار، في كتابه «ثلاثة أشهر هزت سورية»، حين روى طلاس كيف رسم رفعت الخطة للوصول إلى الحكم عام 1983 بعد مرض شقيقه، فبعد السيطرة على منزل رئيس الجمهورية ومقر القيادة العامة، واحتلال مقر الإذاعة والتلفزيون وإعلان نبأ تسلم رفعت مقاليد السلطة في البلاد. ولإشعار سكان العاصمة بأن القبضة التي تسلمت الحكم هي قبضة فولاذية تقوم المدفعية بقصف دمشق عشوائياً لإرهاب السكان وقطع أنفاس الناس، وبعد ذلك تقوم مفارز المشاة من سرايا الدفاع بعملية نهب وسلب للمدينة المنكوبة، وقد أبلغ رفعت ضباطه وجنوده أن المدينة ستكون حلالاً زلالاً مدة ثلاثة أيام بلياليها، وبعدها لا يجوز أبداً أن يظل فقير واحد في سرايا الدفاع. وإذا طلب جندي بعدها مساعدة أو إكرامية ستُقطع يده.
ويذكر طلاس حديثاً دار بين رفعت ومستشاره السياسي، وهو بطل روايتنا نفسه (م.ح)، وكانا يمشيان في ضوء القمر بمعسكرات القابون المطلة على دمشق قال رفعت: «مو حرام وا أسفاه أن تهدم هذه المدينة الجميلة… فأجابه (م.ح): والله صحيح حرام وأسافه ولكن شو طالع بأيدينا غير هيك».
«مستر 10 في المئة»، أيها الرجل الذي كنت مستعداً يوماً ما لقصف دمشق المدينة الأقدم في التاريخ، لأنه «مو طالع بيدك شيء». أيها المناضل الرفيق، أهلاً بك إلى القبيلة، وغداً ربما نهتف لك «بالروح بالدم نفديك» ونحملك على أكتافنا، وننحر لك الخرفان تحت قدميك… نحن أبناء القبيلة، عفواً الدولة «العلمانية».
الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى