أبي حسنصفحات الناس

معن عاقل.. اعذرنا إن قلنا لا ندري

null
أُبي حسن
تعاتب السيدة خولة غازي الآخرين, ومن ضمنهم الصحفيين, جرّاء عدم مبالاتهم باعتقال زميل لهم. وحبذا لو كانت قد تعاطفت معنا عندما اتُهمنا بالعمالة لإسرائيل مطلع العام الجاري, من قبل صحيفة خاصة, لا نستبعد أن تكون السيدة غازي من أهم موظفاتها في قادم الأيام, وما على الله شيء بعزيز!.
فكرتُ بالكتابة دفاعاً عن معن, فبمعزل عن حق الزمالة, ثمة رابط ودّ, وتقدير متبادل, يجمعنا. غير أن تناقض المعلومات(وحتى تضاربها) التي وقفت عليها بخصوص اعتقاله أحجماني عن الكتابة, وقد يكون هو السبب ذاته الذي منع جميع منظمات وجمعيات حقوق الإنسان, والمركز السوري لحرية الإعلام من إصدار بيانات في هذا الخصوص.
ثمة وجهة نظر تستند إلى معلومات لا تقبل الشك(كما تزعم), وضعني فيها أحد الزملاء الذين كانوا يشاركون “معناً” التحقيقات. خلاصتها إن سبب التوقيف, هو تحقيق كان يجريه زميلنا يتعلّق بشركات ومصانع الأدوية السوريّة؛ ومن جملة ما وصل إليه معن أن القائم على أمر تلك المصانع هو أحد الشخصيات الكبيرة في البلد, ومجرد ذكر اسمها يتعرض الكاتب أو الصحفي للتهلكة”؟!”. وعلى عهدة المصدر, إن بعض مديري تلك المصانع وشوا بمعن للجهات الأمنيّة, باعتبار أن تناول تلك الشخصيات يدخل في المحظور وفق “وعيهم”. ولم يفت المصدر, الذي أقسمنا له بأن لا نذكر اسمه, أن يفيدنا علماً بأن هذه المعلومة لا أحد يعرفها عداه, سوى رئيس جهاز المخابرات العامة!.
قلتُ لصاحب المرويّة(وجهة النظر, مجازاً), معلوماتي تفيد بأن القضية جنائية, وهي معلومات مستقاة من أكثر من مصدر. فاستنكر ذلك بشدة, مبدياً أسفه, إذ كيف أنساق خلف الشائعات التي تهدف الإساءة إلى زملائنا…….
لكن, إذا ما دققنا في المرويّة سابقة الذكر, سنجد أنها تنطوي على ضعف وهشاشة, ذلك باعتبار أنه بات من شبه المسلمات في “وطننا” أن يكون أصحاب معظم الامتيازات الاقتصادية الربحية, أو فاحشة الربح, هم شخصيّات على علاقة بدوائر صنع القرار ومراكز الثقل السياسي, أو قريبة منها أو واجهة لها. بمعنى أن التطرق لمثل تلك الشخصيات بذكر الأسماء أو من دون ذكرها, لم يعد يشكل حساسية بالغة لا للنظام ولا للدوائر الأمنيّة.. بكلمة أخرى: “ما عاد في شي مخبا!”.
وما يزيد من ضعف هذه المرويّة كذلك, هو تأكيد مصادر أخرى(حيادية- ناشطة في الحقل العام) بأن الزميل معن لم يمض سوى ليلة واحدة في مقر إدارة المخابرات العامة.
أما وجهة النظر الثانيّة التي يقول بها أكثر من ناشط حقوقي التقيناه في دمشق, فهو ما سبق أن صرّح به نائب رئيس اتحاد الصحفيين بخصوص التهمة الجنائية, وهذا ما لا نستطع –على الصعيد الشخصي- تأكيده بعد. وأصحاب وجهة النظر هذه يقولون: إن زميلنا من بعد أن أمضى يوماً واحداً في مقر المخابرات العامة, أُخذ بعدها مباشرة إلى الأمن الجنائي, لانتفاء مبرر وجوده في مقرّ المخابرات.
في حال صحة هذا الخبر, لن تكون التهمة قضية رأي بمقدورنا الدفاع عنها, وهذا ما لا نتمناه قطعاً.
حقوقي ثالث وناشط رابع يؤكدون ما ذهب إليه أصحاب وجهة النظر الثانية, زاعمين أن لديهم معلومات كانوا يتمنون لو أنهم لم يسمعوها! ساردين علينا بعض التفاصيل غير السارة, معربين عن أسفهم كونهم عاجزين عن فعل شيء لزميلنا(بما في ذلك إصدار بيان تضامني), حفاظاً على مصداقيتهم ومهنيتهم. وبالتالي هم يفضلون الصمت في هكذا حال.
بدورنا, لا نستطيع أن نؤكد شيئاً مما سمعنا أو أن ننفيه. لكن, إذا ما كانت تهمة زميلنا جنائية لا سمح الله, فقطعاً لن أتعاطف معه بالرغم من شديد احترامي له وإعجابي بتحقيقاته, ولينال عقابه؛ أما إذا ما كانت مسألة رأي وتتعلّق بالحريات الإعلاميّة, وهذا ما نرجوه صادقين, فإننا نتعاطف معه إلى أبعد حد مطالبين إطلاق سراحه.
والمؤسف, أنني على الصعيد الشخصي, لا أعرف أحداً من محيط معن العائلي, كي يتسنى لي الاتصال بأحدهم بغية الاطمئنان عليه من جهة, والوقوف على ما يعرفونه من جهة أخرى.
يبقى أن نقول للسيدة غازي, التي قرأنا عتبها تاريخ 12/12/2009 في نشرة “كلنا شركاء”, أنه سبق أن اتهمنا بما ليس فينا, وبحسب حدود معرفتي قلّة هم من تضامنوا معنا, وحضرتك من ضمن الكثرة الوافرة التي لم يقلقها اتهامي وعدد من زملائي بالعمالة لإسرائيل. لكن ما يشفع لي في هذا, هو صمت مقام المعارضة السوريّة الموقرة, يوم كنتُ محسوباً عليها قلباً وقالباً(وكنتُ كذلك فعلاً, وبمنتهى الصدق), على جلّ الضغوط التي تعرضت إليها, خاصة يوم كتابتي لمقال أنتقد فيه خطاباً لرئيس الجمهورية ذات يوم من عام 2005, وليس انتهاء بفضيحة القضاء السوري الأخيرة بخصوص قضيتنا, حدث هذا في الوقت الذي كنتُ أنذر قلمي لخدمة ضحايا الاعتقال السياسي(واعتقال أصحاب الرأي) التعسفي في سوريا(ترى: هل كنتُ ساذجاً أكثر من اللازم؟, ربما). انطلاقاً من هنا, ليس بمقدوري التشدد في معاتبتك وأنا من أجهل الناس بك, وإن كنتُ أعتقد أن المسألة هي أكثر من شللية في النهاية.
وإلى أن ننتهي من هذه الشللية, حبذا لو نرى “معناً” بيننا, في أقرب فرصة, والبراءة تاجه من كل ما من شأنه النيل منه شخصاً وصحفياً محترفاً.. واعذرنا يا معن, إن قلنا: إننا صدقاً لا نعرف شيئاً مؤكداً عن سبب توقيفك, اللهم سوى ما يُشاع. واعذرنا مرة أخرى, إن كان في ما يقال ويشاع يخدشك أو يسيء إليك, بالقدر الذي يسيء فيه إلينا جميعاً كصحفيين.
كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى