صفحات الناسمسعود عكو

في شأن محاكمة رجال القانون وحماة العدالة

null
مسعود عكو
كثيرون من وهبوا أعمارهم وأرواحهم في سبيل قناعاتهم ومعتقداتهم، وناضلوا من أجل قضاياهم التي نذروا كل ما ملكوا لتحقيقها، والأكثر من كل ذلك؛ أولئك الذين دفعوا حياتهم ثمناً لتلكم القضايا والقناعات، فكانوا شهداء الكلمة والحق والحرية، كلهم تحلوا بالصبر والجرأة والبسالة. قاوموا الاستبداد والطغاة في كل مكان حتى أمست أسمائهم أوسمة في صدر الحرية والعدالة والإنسانية.
في شأن الحرية الضائعة في بلادنا، والحق المسلوب على مر السنين، العدالة المتمثلة في ميزان مائل معلق على جدران السجون والمعتقلات المترامية شرقاً وغرباً، الكرامة الموءودة في أقبية الذل والهوان. كثيرون من دفعوا ويدفعون سنين من أعمارهم قرباناً للحق والعدالة، يقدمون الأضاحي في سبيل رفعة كرامة الإنسان ليكون مواطناً له الحق وعليه الحق، الحق الذي يحق من احترام القانون والأخلاق.
كثيرون يقبعون في سجون البلاد، دفعوا أثمان باهظة من أعمارهم وأحلامهم، إيماناً بالحق والعدالة التي ستقضي على كل الفساد والظلم والظلام المستشري في كل بقاع البلاد. الظلام الذي يزج كل يوم دعاة النور والضياء والصلاح والحرية المفقودة في كل مكان على هذه الأرض، أبطال الكلمة الحرة، خير دعاة للحق والكرامة.
كثيرون من ضحوا في سبيل هذا الوطن ليكون وطناً لكل من عليها. ربيع دمشق، الربيع الذي بزغ بعد شتاء طويل، الربيع الذي بشر بأزهار وورود تفوح من عبيرها عبق الحرية ومفاهيم الكرامة والإنسانية، الربيع الذي قتل قبل أن تتفتح أزهاره وتنشر أريجها في البلاد. قبعوا سنين في الزنازين وقتلوا الربيع.
كثيرون قالوا لا بصوت عالٍ، عارف دليلة، رياض سيف، حبيب صالح، أنور البني، مشعل التمو، سيدة نساء الحرية فداء الحوراني، علي العبد الله، أكرم البني، وليد البني.. وأخرين كثر. لتنضم إليهم كل يوم قوافل جديدة من طلاب الحق ومتعطشي الحرية.
إن أمثال المحامين أنور البني ومهند الحسني وهيثم المالح، وغيرهم الذين يقضون أيامهم في الزنازين، دفاعاً عن الحق والعدالة، أمثلة على البطولة والشجاعة، فرسان الحق والحرية، دافعوا عن المقهورين والمظلومين والمحرومين، حتى أمسوا معتقلين في السجون، رجال القانون المنسي والغائب، القانون المطبق بحق الضعفاء والحامي للأقوياء، حماة العدالة الميتة في رحم القوانين والتشريعات المبتورة الخادمة لجشاعة الفساد.
أولئك من يدفعون الأن سنيناً من أعمارهم قرباناً للحق، فرسان الكلمة الحرة التي اغتيلت منذ أمد بعيد، يحاربون الفاسدين والظالمين، ناذرين أعمارهم خدمة لآرائهم ومعتقداتهم، ناضلوا ويناضلون بكل ما يملكون من أمال وأحلام، يتوقون لغد مشرق لأطفالهم وأطفال كل البشرية، باحثين عن الحرية الضائعة بين زنازين الظلم، الحقيقة المفقودة في حلقة الحياة. هم من بشروا بجيل جديد يتوق للحرية ويتطلع لممارسة حقوقه الإنسانية التي وهبتها له السماء قبل الأرض، حفظتها كل الأديان السماوية، وعززتها كل القوانين الوضعية، إنهم بحق فرسان الكلمة.
العدالة المفقودة في كل محاكمنا والتي زجت بكل أولئك المناضلين في سجون البلاد، شطبوا بالأمس المحامي مهند الحسني من قيود نقابة المحامين، وهو من القلة الذين ناضلوا من أجل الحق والعدالة، ناشطاً حقوقياً ومحامياً مدافعاً عن حقوق السجناء والفقراء، ناذراً نفسه لرفع كرامة الإنسان في هذا الوطن، مقاتلاً من أجل الحرية.
العدالة التي باتت تزج بمئات المدافعين عن الهوية الضائعة في عجالة الحياة، العدالة التي مزقت كل وثائقها وقوانينها وأنظمتها، ورمت بعرض الحائط حتى دستورها التي وضعتها لنفسها. العدالة التي تنصر الظالمين وتظلم المظلومين، صاحبة الميزان المائل ذو كفة الظلم والقهر والحرمان.
الأساتذة هيثم المالح وأنور البني ومهند الحسني، اعلموا أنكم رجال القانون وحماة العدالة في هذا الوطن، وسيأتي يوم تنتكس لكم كل الرؤوس التي زجت بكم في الزنازين، حينها سيكون الحق حق والعدالة ستجد طريقها في حياتنا، كنتم فرساناً للقوانين التي أتقنتموها وخبرتموها في حياتكم المهنية والاجتماعية، إنكم تناضلون اليوم من أجل الحرية والكرامة المهدورة، إنكم أرفع من خرق القوانين والدساتير والأنظمة. إن ما تقضونه اليوم في السجون ليس إلا عربون الحرية وأثمان نضالكم من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل، الباطل الذي كان زهوقاً.
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى