صفحات سورية

من يرعى الأصولية والأصوليين في سورية ؟!

null
سوسن زكزك
طالما حيرني هذا السؤال، وأدعي أنني لم أجد له جوابا حتى الآن: من يرعى الأصولية والأصوليين في سورية؟! من يمد لهم “مداً” في بلد يقوده حزب علماني، وينص دستوره على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر (فقط) من مصادر التشريع، كما ينص في أكثر من مادة على تشجيع الثقافة التقدمية والتفكير العلمي؟!
سأورد بعض الحوادث علها تساعدني، أو تساعد من هو أذكى مني وأقل سذاجة، في الإجابة على هذا السؤال:
أولا – استبيان، مجاز من الجهات الأمنية، تقوم به جمعية المبادرة الاجتماعية (التي كانت مرخصة وأصدرت وزيرة الشؤون قرارا غير معلل بحلها) فتأخذه سيدة بعثية من عضوات مجلس الشعب، ومن ذوات التاريخ الطويل في الاتحاد العام النسائي، تأخذه إلى إمام جامع كفرسوسة ليبدأ سلسلة خطبه (أكثر من سبع) التي يشتم بها الناشطات في الحركة النسائية ويتهمها … ويشيد ب”عفة وطهارة” السيدة الفاضلة التي أحضرت له الاستبيان لتسأله إن كانت الإجابة عليه حلالا أم حراما!
في نفس موضوع الاستبيان تستدعي وزيرة الشؤون مجلس إدارة الجمعية وتؤنبهم على استفزاز رجال الدين الذين يستطيعون إزاحتها عن كرسيها!
ثانيا – لجنة سرية تصوغ مشروع قانون طالباني للأحوال الشخصية، يستجيب أصحاب القرار لحملة قوى التنوير والنهضة المطالبة بإيقافه، ويصدر توجيه برده، ويبقى الأمر بين أخذ ورد لنفاجأ بمشروع جديد، يوزعه المكتب القانوني في مجلس الوزراء على الطوائف غير المسلمة، ويمثل نسخة ملطفة عن المشروع الطالباني، إلا أنه لا يختلف بشيء عن القانون الراهن (منذ 1953) إلا بنص صريح سيلغي قوانين بعض الطوائف، وبخاصة قانون طائفة الكاثوليك الذي نحا، نسبيا، نحو المساواة بين النساء والرجال!
ثالثا – تعميم حزب البعث الصادر عن مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري برقم 63 تاريخ 23/8/2009 (والذي أثار استياء البعثيين والبعثيات أيضا)!
رابعا – محاضرة في القانون الدستوري لطلاب كلية الحقوق، السنة الأولى (ابنتي منهم)، يسأل فيها طالب عن سبب انهيار الاتحاد السوفييتي، فيجيب الأستاذ “السبب الأول هو إرادة إلهية لأنه كان دولة ملحدة، والسبب الثاني هو مؤامرة أمريكية للتخلص من الحرب الباردة”! وكأن الإرادة الإلهية، أستغفر الله، قد توافقت مع المؤامرة الأمريكية!
خامسا – حملة إعلامية تغطي شوارع دمشق، تعلن فقط عن “الحملة الإعلامية للصحة الإنجابية وصحة الأمهات” دون أي توضيح عما تقصد إليه هذه الحملة! هل هي دعوة لمنع تزويج الصغيرات؟ هل هي دعوة لتنظيم الأسرة، أو بصراحة لتنظيم النسل؟! هل هي دعوة لإعطاء المرأة السورية، في مناطق عديدة من البلاد، الحق بزيارة الطبيب واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحتها، دون الحاجة لأخذ موافقة زوجها حتى على خروجها لزيارة الطبيب؟!
هي حملة إعلانية تشبه “تعى ولا تجي”، وكأن القائمين عليها لا يريدون أن يقولوا عبارة واحدة واضحة وصريحة، وهي أن ما تعنيه هذه الحملة هو تماما ما يخشى القائمون عليها قوله، حتى لا يثيروا عليهم “الأشباح” الذين لم يعودوا أشباحا!
بعد كل هذا، هل من أحد يساعدني في الإجابة على سؤالي البسيط: من يرعى الأصولية والأصوليين؟!
كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى