صفحات العالم

من نقطة الصفر

ساطع نور الدين
لا يمكن الحكم على مهمة المبعوث الأميركي الجديد جورج ميتشل من جولته الأولى في الشرق الأوسط. ربما يجدر الانتظار حتى انتهاء جولته الثالثة والعشرين. عندها يمكن أن تلوح فكرة عما إذا كانت إدارة الرئيس باراك أوباما، أصبح لديها شيء جديد تقوله، وتفرضه على الإسرائيليين والفلسطينيين.
حتى الآن لا تزال الإدارة الجديدة تكرر كلاماً قديماً عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وينتمي إلى تلك الحقبة التي قرر فيها الرئيس السابق جورج بوش أن يشن حروبه على الجبهات الشرقية من العالمين العربي والإسلامي، وأن يفوض إسرائيل القيام بما تراه مناسباً لأمنها، وأن تحدد إيقاع التفاوض مع الفلسطينيين، وجدول أعماله.
أعلن أوباما بشكل واضح وصريح التزامه رؤية بوش بالدولتين الإسرائيلية والفلسطينية اللتين تعيشان جنباً إلى جنب، برغم أن الإسرائيليين نقضا هذه الرؤية التي يمكن أن تتحول بعد انتخاباتهم المقررة في العاشر من شباط المقبل الى حلم ميت، مع وصول حزب ليكود الى السلطة بزعامة بنيامين نتنياهو الذي يعتبر أن أولويته هي حماية الاقتصاد الإسرائيلي، ثم تطوير الاقتصاد الفلسطيني بشكل يساهم في إنتاج مفاوض ملائم، يتخلى سلفاً عن الكثير من الطموحات الوطنية التي تنادي بها القيادة الفلسطينية الحالية.
وأكد أوباما أكثر من مرة انه يرى ايجابيات في مبادرة السلام العربية، لكنه لا يوافق على جميع بنودها، ويقصد بذلك حق العودة الفلسطيني والقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، في تكرار حرفي لموقف بوش وإدارته التي رفضت عملياً العرض العربي السخي، وأعطت رئيس الوزراء الإسرائيلي يومها أرييل شارون الضوء الأخضر لتدمير السلطة الفلسطينية ومؤسساتها واغتيال رئيسها ياسر عرفات… ثم شجعت إسرائيل على تقويض أي بدائل ممكنة لهذه السلطة، على النحو الذي جرى في قطاع غزة في الحرب الأخيرة.
من هذه النقطة، نقطة الصفر أو ما دونه، تبدأ الإدارة الأميركية الجديدة إطلالتها الأولى على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتكلف بالتحديد الموفد الذي خرج من الأضواء عندما كان شارون يحطم الكيان الفلسطيني الحديث العهد في الضفة الغربية، ليعيد طرح السؤال الأول عما اذا كانت واشنطن وتل أبيب ارتكبتا خطأ في تلك الحملة، وهل ما زال بإمكانهما تصحيحه، وكيف؟
جزم أوباما أكثر من مرة أن السلطة الفلسطينية الموجودة في رام الله، او ما تبقى منها، هي الممثل الشرعي والوحيد، والمفاوض المعترف به، والشريك المفترض في عملية إعادة إعمار قطاع غزة. لكنه لم يستبعد حتى الآن على الأقل دور حركة حماس وكونها جزءا من تلك السلطة، ومساهماً في صنع القرار الفلسطيني. ولم يتم التعامل حتى اللحظة مع ذلك التنظيم الإسلامي باعتباره شبيهاً لتنظيم القاعدة. وما زالت جميع الجهود الدبلوماسية تصب في اتجاه إعادة حماس الى كنف الشرعية الفلسطينية، وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية التي باتت الآن مطلباً عالمياً.
لكنها مسيرة طويلة قبل أن تتحقق تلك المصالحة، ويجري توزيع الأدوار والحصص فيكون نصيب حركة فتح وحلفائها ستين في المئة، ويكون نصيب حماس وحلفائها أربعين في المئة… ويكون جورج ميتشل قد استهلك السنوات الأربع الأولى من عهد أوباما.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى