صفحات الناس

الانترنت في سورية

null
أكرم رسلان، الأزمنة
إن كنت لا تملك
ADSL
فانتظر حتى ينام الآخرون..! خدمة الإنترنت في سورية هي الأغلى في العالم.. عمليات حجب المواقع لم تعد تنفع مع تطور تقانة المعلومات..
تشير المعلومات أن المؤسسة العامة للاتصالات قد خصصت في خطتها الاستثمارية للعام 2010 نحو 500 مليون ليرة سورية من أجل تنفيذ العديد من المشروعات الخاصة بمنظومة الإنترنت، وسمعنا وعوداً لتوسيع البوابة الدولية للإنترنت واستكمال تنفيذ العقد 20 لعام 2008 لتأمين 33 ألف بوابة حزمة عريضة مع شركة هواوي بقيمة 877 ألف يورو، وسمعنا عبر السنوات لأخيرة وعوداً لو تم تطبيقها لكانت خدمة الإنترنت في بلدنا من أفضل الخدمات عالمياً وليس من أسوئها، نسمع وعوداً في وقت تسعى العديد من المؤسسات المحلية تحويل معظم نشاطاتها لتصبح عبر النت.. ولكن السرعات المتوفرة هل تساعد الفعاليات التجارية على إنجاز أعمالها بالسرعة المطلوبة.. ولماذا نتأخر في إنجاز جميع المشروعات المساعدة على تطوير خدمة الإنترنت بحجة الإمكانات المادية طالما أن هذه المشروعات ذات ريعية عالية جدا؟!..
مجموعة من مستخدمي الإنترنت الذين تحدثت معهم أصروا أن تكون إجاباتهم وآراؤهم ساخرة.. فمنهم من قال شبكة الإنترنت وسيلة سريعة لرفع الضغط، وتحريك وتيرة الأعصاب خمسة أضعاف، وارتفاع معدل الإصابات بمرض الهستيريا، في حين قال آخر إن شبكتنا تعوِّد الإنسان على الصبر، فالإنسان الذي يستطيع أن ينتظر أن يعلق الخط بعدد محاولات قد تفوق الخمسين أحياناً من المؤكد أنه سيكون قادراً على تحمل كافة الصعاب التي ستواجهه طوال اليوم كله، في حين أكد ثالث لن يكون الوقت الذي تقضيه على الإنترنت ضياعاً للوقت فبإمكانك وفقط في سورية أن تقوم بأي مهمة أو وظيفة خلال فتح صفحة حجمها يزيد عن 700 كيلوبايت أو خلال تحميل ملف يبلغ حجمه 2 جيجابايت.
وأشار رابع أنك لن تكون قلقاً على ابنك المراهق بفتح مواقع إباحية لأن الوقت الذي يقتضيه فتح صفحة أحد هذه المواقع يكفي لكي تكون قد عدت من سهرتك أنت والمدام، ولن تكون قلقاً على ابنتك لأنها لن تستطيع محادثة شاب عبر” الويب كام” ولن يراها أبداً.
بينما أكد آخر لا تحميل = لا فيروسات، مشيراً إلى أنه قد ورد من مصادر مطلعة بأن معامل طبية حول العالم اتخذت من البطاقات السورية المسبقة الدفع المزودة للإنترنت أدوية مهدئة للأعصاب وللاسترخاء على الشكل التالي:
بطاقة إكسترا قبل الغذاء وبطاقتا آية بعد العشاء ولا مانع من بطاقة سوا كل 12 ساعة.
وشاءت الأقدار
نعم بعد عشرات الأعوام من تنقل الآخرين على شبكة الإنترنت شاءت الأقدار ودخلنا هذا الباب من التقنيات، وبالرغم من تواضع أعداد القادرين على استخدامها، وبالرغم من تأخر تشريفها، إلا أن البعض اعتبره خطوة كبيرة على مبدأ “أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً” ، فتحنا الأبواب للضيف الجديد ولكن وللأسف وعلى ما يبدو أننا لم نحسن التعامل معه أو الإفادة منه، وحتى لانبخس المعنيين جهودهم، نعترف أن هناك جهوداً، لكنها غريبة، والنتائج التي نحن نعيشها تحكم عليها وكي لايطول مديحنا “بإنترنتنا” العتيدة، دعونا نطرح سوية بعض من التساؤلات: متى دخلت الإنترنت سورية؟، أين نحن من الدول الأخرى من حيث عدد المستخدمين والأسعار والسرعة؟، كيف تتعامل الجهات المعنية مع نوعية المواقع التي يمكن توفيرها أو السماح بوجودها؟ ما الأسباب التي تقلص عدد المشاركين؟، ماذا قدم دخول مزودي خدمة الإنترنت على سوق التخديم؟، كيف يتعامل المواطن مع المواقع، وأيها أكثر دخولاً … الخ؟
لا مكان للخجل
في عام 1990، أي منذ 18 عاماً دخلت الإنترنت سورية، وباعتبار أننا تعودنا ألا نقرأ إحصائيات 2008 إلاّ في 2010 فإنه وعلى ذمة الاتحاد الدولي للاتصالات فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في سورية في نهاية العام 2007 نحو 1.5 مليون مستخدم وتزيد بعض مراكز البحث المستقلة في شؤون الاتصالات عن رقم الاتحاد الدولي للاتصالات ليصل إلى 1.9 مليون مستخدم، أي أن عدد مستخدمي الإنترنت في سورية نما بنسبة 49 % في الفترة ما بين العام 2000 إلى العام 2007.
لمّا كان هناك ارتباط وثيق بين الإنترنت والهاتف الثابت فإننا نشير إلى أن مسرحية الإنترنت في بلدنا تبدأ من معاناة غريبة بغية الفوز بهاتف ثابت، فكما هو معلوم أنه في الكثير من البلدان تستطيع الإفادة من خدمات الهاتف الثابت بعد ساعات من تقديم طلب الاشتراك، في حين في بلدنا فإن طلب الاشتراك في هذه الخدمة يحاكي الأجيال، وبالتالي كل جيل يورث الطلب للجيل التالي، لكن وإن فزت بالهاتف وتجرأت على تقليد الآخرين في الدول الأخرى فسيكون وضعك كما هؤلاء الذين يعانون بشكل أو بآخر من مساوئ هذه الخدمة، وما أكثرها. وأهمها البطء وعدم الاستقرار، حيث فشلت كل الجهود المبذولة على مدى السنوات الأخيرة من تأمين خدمات مقبولة لزبائن هذا القطاع الذي يسجل ثاني أكبر نمو في الطلب في منطقة الشرق الأوسط بعد إيران. طبعاً معظم هؤلاء السيئي الحظ يستخدمون خدمة الدايل أب (Dial up) المنقرضة في العالم، وقد لا يوجد في سورية أكثر بقليل من 7000 خط إنترنت خدمة البرود باند (Broad band) أو الحزمة العريضة (ما يعرف باسم اي دي اس ال في سورية أو بي دي ان)، في حين مثلاً في دولة تقارب عدد سكانها عدد سكان سورية مثل هولندا (نحو 17 مليون) يوجد لديها أكثر من 5300.000 (5.3 مليون) خط برود باند، ورغم نسبة النمو الكبيرة لمستخدمي الإنترنت في سورية خلال السنوات الأخيرة فإن نسبة مستخدمي الإنترنت نسبة إلى عدد السكان تبقى منخفضة وهي أقل من 8%، ولا يأتي خلف سورية في ترتيب دول الشرق الأوسط سوى اليمن والعراق.
شماعة العقود
وكم كنا سعداء حين وقعت وزارة الاتصالات والتقانة مع شركة صينية مذكرة تفاهم لإنشاء شركة مشتركة لتأمين شبكة اتصالات إنترنت سريعة Adsl في سورية برأس مال 100 مليون دولار.
وكان الحديث يومها يدور حول أن الشركة المشتركة ستؤمن مليون خط خلال عام 2007 مشيرة إلى أنه سيتم زيادة عدد بوابات Adsl بقدر 300 ألف خط خلال العام الجاري بالإضافة إلى توسيع شبكة Pdn الحالية وتوسيع الدارات الدولية اللازمة. ولكن وللأسف يبقى الكلام والعقود في ضفة والواقع في ضفة أخرى مع شرط ألاّ يلتقيان وإلى الأبد.
وطبعاً سأتجاوز موضوع تكلفة الخدمة التي تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أنها مرتفعة نسبة لدول المنطقة، وكان آخرها دراسة مقارنة لهيئة تنظيم الاتصالات في البحرين، حيث تبين أن تكلفة خدمة الإنترنت في سورية على المواطن هي الأعلى في العالم، وذلك عائد للبطء الشديد في الشبكة والانقطاع المستمر والذي يجعل أية أعمال تريد أن تقوم بها من خلال الإنترنت تستلزم أضعاف الوقت في البلدان الأخرى. هذا مع العلم أن سورية خفضت أسعار خدمة الإنترنت بنسبة 25% للاتصال بالشبكة عبر خطوط الهاتف، ليصبح سعر الدقيقة الواحدة 30 قرشاً، كما خفضت سعر خدمة الإنترنت باستخدام الشبكة الرقمية للخدمات المتكاملة المعروفة اختصارا باسم ‘’اي اس دي ان’’ بنسبة 50% على مختلف السرعات ليتراوح السعر بين 30 و60 قرشاً.
لن يتنافسوا
بعد أن سمحت الحكومة للقطاع الخاص بتزويد المواطنين بخدمة الإنترنت تفاءل الجميع وظننا أننا على أبواب مرحلة تخديم محترمة، كثرت الحملات الدعائية لهؤلاء، إعلاناتهم في الشوارع تحكي رواية خدماتهم الصاروخية وسرعات تصفح النت» الجنونية و.. و.. الكثير من المزايا التي يدعونها ويدعون التنافس فيما بينهم فيها في حين أن خدماتهم كلها بمقاس واحد والسرعة واحدة تقريباً وبطيئة إلى درجة أن أي موقع يستغرق فتحه- إن فتح- زمناً طويلاً، بالطبع دون إغفال البطء الشديد في تحميل البيانات وتراسل المعطيات.
هنا لسنا بصدد التحامل على أيٍ كان؛ لكن بعدما قمنا بتجريب جميع أنواع بطاقات تزويد خدمة الإنترنت المسبقة الدفع تقريباً، تبين أن جميعها بنفس السوية ولا يستطيع أحد من هؤلاء المزودين أن يكون أفضل من الآخر لعدم وجود تنافس حقيقي بينهم‏، والدليل أسعار البطاقات نوعاً ما كلها متشابهة والخدمات كلها متوازية في العروض. ‏
غير مقنع
بالرغم من تنوع الدوافع إلا أنه تكاثرت في الآونة الأخيرة عمليات تصفح الإنترنت، لاسيما في صفوف الشباب، نتيجة ما يتناقلونه من أحاديث عن بعض المواقع، لكن بعض الاستبيانات بيَّنت أن مواقع الإنترنت الأكثر زيارة هي مواقع التسلية والترفيه وبينها الجنسية، وبعدها مواقع الدردشة، ثم مواقع الأخبار الرياضية حيث تتقدم هذه المواقع على الأخرى الأكثر جدية، هذا على الرغم من منع استخدام تقنية ” نقل الصوت عبر بروتوكول الإنترنت” المعروفة اختصاراً باسم ” في أو أي بي” في مقاهي الإنترنت ومنع البرامج والبطاقات التي تتيح هذه الخدمة. ويشار إلى أن شبكة الإنترنت تخضع للرقابة والحجب، بالمقابل ينشط خبراء ومهتمون بالإنترنت لإيجاد حلول لاجتياز و” كسر” الحجب المفروض على المواقع عبر “بروكسيات” وسيطية، حيث يؤكد المختصون بوجود أضرار تلحق بمطوري البرمجيات في سورية جراء عمليات الحجب المتبعة. حيث يؤكد المختصون أن حجب العديد من الخدمات يعيق صناعة البرمجيات ويؤدي لخسارتها مجموعة من العقود التي يحتاج تنفيذها إلى توفر خدمات لا أحد يعلم متى وكيف وأين تتاح أو تحجب؟.. فالحجب المطبق على الشبكة نوعان: الأول هو حجب خدمات، وهو بيد مؤسسة الاتصالات، والثاني حجب مواقع، وهو أيضاً بيد (مؤسسة الاتصالات).
هناك مخاوف نتيجة عدم وجود ضوابط ناظمة وواضحة ومعلنة لحجب الخدمات والمواقع، تمكن مشتركي الإنترنت من مراجعة واضعها، والغياب التام لأي قانون يحمي مستخدمي الإنترنت، ورغم عمليات الحجب التي كانت ومازالت متبعة، فإن عدداً قليلا من مستخدمي الإنترنت في بلدنا هم من يعانون من نتائجه، لأن البعض طور طرقاً وأدوات تسمح بتجاوز الحجب والوصول إلى المواقع المحجوبة ببساطة، كما أن العديد من الشركات التي تعتمد خدمات تم حجبها قامت بتطوير حلول مخصصة للإنترنت السورية تمكنها من العمل في ظروف الحد الأدنى. وما دام الحجب لا يحقق أهدافه المفترضة في منع مستخدم الإنترنت من الاطلاع على مواقع مشبوهة، فلا يمكن أن نفهم استمرار عمليات الحجب التي لا تنفع مع تطور تقانة المعلومات وتطور خبرة السوريين في استخدامها. بالطبع نحن مع الحكومة في التعامل بحرص مع العابثين ومنعهم من إنجاز أية اختراقات مضرة ببلدنا، لكن بالمقابل نحن مع الوضوح في آليات الحجب ونظمها قانونياً بأسلوب منطقي مقنع.
أخيراً
شارف عام 2009 على نهايته.. وما كنا نسمعه في نهاية 2008 نسمعه الآن.. لكن على حد قول بعض المعنيين فإننا دخلنا مرحلة تنموية جديدة بعدما تمت عمليات إعادة صياغة آليات عمل نموذجية وعلى مختلف الجبهات، وبالتالي من المفترض أن يتصدر قطاع الاتصالات الجميع باعتباره الرابط الأقوى بين هذه الجبهات، وكونه المحرض الأساسي للعمل عبر توفيره فرصاً للاطلاع على منجزات الآخرين، أي لم يعد مقبولاً تعثر تصفح النت وفي أي مكان في بلدنا بحجة ضغط الخطوط أو أسباب فنية أو.. الخ، لأن هذا الكلام صار مدعاة سخرية عند الجميع بعدما صارت عمليات المقارنة بيننا وبين الآخرين واضحة وضوح الشمس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى