صفحات الشعرعلي جازو

قصائد على وتيرة الهايكو

null
علي جازو

من قاع ليلةٍ طويلة باردٍ
صديقي وأنا مهشَّمَيْن نمضي
وشجرةٌ نائيةٌ ضخمة صفراءُ
تُقَسِّمُ قمراً ضئيلاً بين فروعها.
***
الفراشة المنقطة الخفيفة
قرمزيةً دؤوبة كانت.
نهاراً آخر رافقتُ
ابنَها المتوحِّد الخائب.
***
اليوم ،في صباح مطير،
صرختُ في نظرات أختي.
أثقالُ الخجل زحفتْ على وجهها.
بدموعٍ حبيسةٍ التمعَت عيناها.
***
يا للضررِ البديعيّ الخارق!
وردةٌ كثيرة الحمرة، تذبل.
أشواقُ وهْمي تفجَّرَتْ مثل
نهارٍ مسحوقٍ بفوْح الربيع.
***
فسادُ قلبي المنزوي
يلوي حديدَ هيامي .
كم نظرتُ فيكِ يا طبائعَ الأمل،
لم أجد سوى شِراكٍ وضِيعَةٍ !
***
حبٌّ قائدٌ مُهان
هو ثمنُ قبْلةٍ قَبْريَّةٍ.
يا للبرْدِ المحزنِ – لا يُرَدُّ –
في عقلِ الشباب الخائفِ !
***
ما بكِ يا بذْرةُ.
كلَّما فتحْتِ فمَكِ تقيأْتِ!
لا مَنْفَذَ أبداً، فالملائكةُ البريئةُ
منحتِ الجحيمَ الأجنحةَ كلّها.
***
أنا جِنيٌّ. شوقي منفصلٌ عني.
آه أيتها الصاعقة، ارحمي عبدك
***

لم تقل لي ما اسمها.
فقط عيناها مثل حبتي كاجو
تحت لساني الشيطاني،
وأنا أمضي مخموراً خلف أزهارها.
***
صبيّ وفتاتان.
ذهبٌ عاثرٌ خدّ الصبيّ،
حجرة قمح وردية جسد الفتاتين.
هي ثلاثة نيازك.
***

آه، في طمأنينة جريحة،
أمضي أياماً بشعة ومغلقة،
مثل حصاة منتظرة ما لا تعرف،
ودمي يكاد يتجمد بين عينيها الكرويتين.
***
لديّ بضعة أوهام عنك،
رقة أحلام بعيون مبسوطة،
أشياء لا قيمة لها،
أحسبها عمري كله.
***

أودّ لو بكِ أغرق،فينفذ ماؤك إلى
لبّ عظمي .أودّ التهام بذوركِ
حتى إذا بزغتِ مرة أخرى
تخرجين من فمي وعينيّ.
***
يا ابنة الهواء ،
وصديقة الألوان المتوهجة،
يا الرغبة وسكينة الوداع الشاحب:
كلانا وحدة تعسِّفٍ، رماد وكلمات أقزام.
***
ما لم يخلع القلب هذا الصدر،
هاتين الحلمتين اليابستين الخائفتين.
كلا،ينبغي سحق الحب نفسه
مثل صراخ تحت ثقل جبل صخريّ.
***
أقف حيث يسمو الكذبة واللصوص
مثل لبلاب على حائط البلدية الأبيض
لكنني سأمضي الآن مسرعاً مسرعاً
تلهبني الدموع تحت سنابل القمح الكثيفة.
***
الزيزفون أو النسيم الذي يتمطى مثل
هرّ في خلايا دماغي الصفراء.
قلتُ:من أكون إزاء هذه الشجرة، هذا الهواء؟!
***
أشبه المعرفة التي تذويها
منازل الصباح والمساء.
لا أعرف أنني نضرٌ هكذا
كما تحسّ بومة،كما ينظر جبل.
***
قلبي الراقد مثل وجه في خزيه،
مثل صوت داخل كلامٍ
ليس لي،ليس عني،ليس مني،لكنه
يحملني،يؤلفني،يمحوني بين شفتيه.
***
كلُّ الليالي شرسةٌ،
والعيونُ مقابرُ مائيّةٌ ضحلةٌ.
أمّا و الحبُّ بالعجز يفسدني،
فلتثأر أحلامي من رعبها .
***

الضوء يسمَرُّ على حقولٍ كالتلال.
لستُ عيناً لأرى قلبي
نافذاً وسط ليالي التراب.
***
إيهٍ يا مأوى عقلي،
يا بصاقَ القمر !
متى يجفُّ ماؤك،
ماؤك الهالكُ الوضيع ؟
***
آراءٌ منعِشةٌ كنسيم صباحٍ أجنبي.
نرتابُ في مقدرتها على الاحتفاظ بالحياة.
لو – فقط- تفاجئنا، تتحوَّلُ تماثيلَ زجاجٍ متين،
زجاجِ نظراتٍ لا تعرف أي تبدّلٍ أو طموح!
***
يأساً أنظر في عين الطائر الليلي.
جناحاه عديما الريش، جناحا عجوز.
في الشتاء سأفرك ذراعي غضباً.
الزمن صديق النسيان.
***
التوق عملٌ من أعمال البؤس الجميلة.
تخيلتُ نفسي العجولة بين ورود عملاقة،
كان الأمل ضحكة مخنوقة طويلة الأثر،
حدَّ أن فمي ما عاد جزءاً من وجهةَ روحي.
***
تعودت على أحلام خالية من البشر
حينما لا أجرؤ الإفصاح عنها لأمي ،
يعذبني أنها لم تكن هناك ،
تحت ندى أزهار الأحلام الخالية.
***
لا أعرف اليد التي حاكت سترتي .
خطوط دقيقة منفصلة وتتقاطع
على لحمة زرقاء داكنة.
يا لجمال المسافة المجهول!
***
أسمع صوت عمي الشاكي : آه
أيضاً، عطل جديد في مضخة البئر!
حقل العدس الأخضر قصير،
والشمس تضرب أزهاره البنفسجية الدقيقة.
***

الحماسةُ أيضاً ضربٌ من اليأس.
لأَشهُرٍ تكادُ تغرق بي
لم تبادلني السيدةُ المهاجرة
كلمةَ ودٍّ واحدة .
***
في صحنِ بلاستيكٍ أبيضَ قديم
جمَّعْتُ أوراقَ ثلاث ورودٍ ذابلة.
إحداها، الصغرى، رقدَتْ نصْفَ متفتحة.
علائمُ الشيخوخةِ تنظرُ لتبدي قوتَّها.
***
.. وأغمضَ الزمنُ جناحَيْ غباره،
واستراحتْ فكرةُ الحرب الأبدية،
ورأيتُ شجرةً، ثم قطة، وكانت أغنية طويلة.
***
دخل أبي حجرتي العفنة.
لإطلاق ضوء الصَّباح من حولي،
منحَ ظلاً، فتحرَّكتْ أطرافُ الستارة .
لا أشكُّ: التفكير بالنجاة مضيعةٌ للوقت.
***
المساء يصبغ السحب بالحمرة السائلة.
في مساء من آذار الفسيح،
رأيتُ أشجاراً داكنة.
***
اختفت المدن تحت الأزهار.
والجبال همدت قربها.
الثلج والقمر يذوبان.
***

تحت شجرة مزهرة
أربع فتيات نحيلات
أمسك الربيع بحفيف نظراتهن.
***
مميلة جذع الشجرة صوب جسمها .
قدماها الحافيتان
تنغرسان في العشب.
***
غيوم طرية.
من يظفر بصياح الديكة
في الصباح الباكر.
***

قرْبَ آثار مدفونة،
مرت سيدة عجوز.
رفعتْ نظرَها إلى الغيوم.
***
رأيتُ شجرة رمان متفتحة
زهورها الحمر الصغيرة
جذبت عيني .
شاعر من سورية

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى